الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما يكره من السجع في الدعاء

                                                                                                                                                                                                        5978 حدثنا يحيى بن محمد بن السكن حدثنا حبان بن هلال أبو حبيب حدثنا هارون المقرئ حدثنا الزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس قال حدث الناس كل جمعة مرة فإن أبيت فمرتين فإن أكثرت فثلاث مرار ولا تمل الناس هذا القرآن ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقص عليهم فتقطع عليهم حديثهم فتملهم ولكن أنصت فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        9474 قوله باب ما يكره من السجع في الدعاء ) السجع بفتح المهملة وسكون الجيم بعدها عين مهملة هو موالاة الكلام على روي واحد ومنه سجعت الحمامة إذا رددت صوتها قاله ابن دريد . وقال الأزهري : هو الكلام المقفى من غير مراعاة وزن

                                                                                                                                                                                                        قوله : هارون المقرئ ) هو ابن موسى النحوي .

                                                                                                                                                                                                        قوله حدثنا الزبير بن الخريت ) بكسر المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة

                                                                                                                                                                                                        قوله ( حدث الناس كل جمعة مرة فإن أبيت فمرتين ) هذا إرشاد وقد بين حكمته

                                                                                                                                                                                                        قوله ( ولا تمل الناس هذا القرآن ) هو بضم أول تمل من الرباعي والملل والسآمة بمعنى وهذا القرآن منصوب على المفعولية وقد تقدم في كتاب العلم حديث ابن مسعود " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا "

                                                                                                                                                                                                        قوله فلا ألفينك ) بضم الهمزة وبالفاء أي لا أجدنك والنون مثقلة للتأكيد وهذا النهي بحسب الظاهر للمتكلم وهو في الحقيقة للمخاطب وهو كقولهم لا أرينك هاهنا وفيه كراهة التحديث عند من لا يقبل عليه والنهي عن قطع حديث غيره وأنه لا ينبغي نشر العلم عند من لا يحرص عليه ويحدث من يشتهي سماعه لأنه أجدر أن ينتفع به

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فتملهم ) يجوز في محله الرفع والنصب

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه ) أي لا تقصد إليه ولا تشغل فكرك به لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء وقال ابن التين : المراد بالنهي المستكره منه وقال الداودي الاستكثار منه

                                                                                                                                                                                                        قوله لا يفعلون إلا ذلك أي ترك السجع ووقع عند الإسماعيلي عن القاسم بن زكريا عن يحيى بن محمد شيخ البخاري بسنده فيه " لا يفعلون ذلك " بإسقاط إلا وهو واضح وكذا أخرجه البزار في مسنده عن يحيى والطبراني عن البزار ، ولا يرد على ذلك ما وقع في الأحاديث الصحيحة لأن ذلك كان يصدر من غير قصد إليه ولأجل هذا يجيء في غاية الانسجام كقوله : - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب وكقوله - صلى الله عليه وسلم - صدق وعده وأعز جنده الحديث وكقوله أعوذ بك من عين لا تدمع ونفس لا تشبع وقلب لا يخشع وكلها صحيحة قال الغزالي : المكروه من السجع هو المتكلف لأنه لا يلائم الضراعة والذلة وإلا ففي الأدعية المأثورة كلمات متوازية لكنها غير متكلفة قال الأزهري : وإنما كرهه - صلى الله عليه وسلم - لمشاكلته كلام الكهنة كما في قصة المرأة من هذيل . وقال أبو زيد وغيره أصل السجع القصد المستوي سواء كان في الكلام أم غيره




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية