الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وحل لك غير النساء ) أي بالحلق أي فحل التطيب لحديث الصحيحين عن { عائشة رضي الله عنها قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت } وحرم الدواعي كالوطء أفاد أنه ليس قبل الحلق تحليل لشيء مما كان حلالا بالإحرام ويدل عليه ما في المبسوط فالحاصل أن في الحج إحلالين : أحدهما بالحلق والثاني بالطواف وما في الهداية وغيرها من أن الرمي ليس من أسباب التحلل عندنا يخالفه ما في فتاوى قاضي خان ، ولفظه وبعد الرمي قبل الحلق يحل له كل شيء إلا الطيب والنساء وعن أبي يوسف يحل له الطيب أيضا ، وإن كان لا يحل له النساء ، والصحيح ما قلنا ; لأن الطيب داع إلى الجماع ، وإنما عرفنا حل الطيب بعد الحلق قبل طواف الزيارة بالأثر ا هـ .

                                                                                        وينبغي أن يحكم بضعف ما في الفتاوى لما قدمنا ولما في المحيط ولفظه [ ص: 373 ] ولو أبيح له التحلل فغسل رأسه بالخطمي ، وقلم ظفره قبل الحلق فعليه دم ; لأن الإحرام باق لأنه لا يحل إلا بالحلق فقد جنى عليه ، وقد ذكر الطحاوي لا دم عليه عند أبي يوسف ومحمد لأنه أبيح له التحلل فيقع به التحلل ا هـ .

                                                                                        فلو كان التحلل بالرمي حاصلا في غير الطيب والنساء لم يلزمه دم بتقليم الأظفار ، وتخريجه على قول الطحاوي عندهما بعيد كما لا يخفى .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وينبغي أن يحكم بضعف ما في الفتاوى ) قال في الشرنبلالية أقول : لم يقتصر قاضي خان على ما نقله عنه في البحر ; لأنه نص على ما يوافق الهداية أيضا قبل هذا بقوله : والخروج عن الإحرام إنما يكون بالحلق أو التقصير فإذا حلق أو قصر حل له كل شيء إلا النساء ما لم يطف بالبيت مروي ذلك عن عائشة رضي الله عنها عن النبي [ ص: 373 ] صلى الله تعالى عليه وسلم وبعد الرمي قبل الحلق يحل له كل شيء إلا الطيب والنساء وعن أبي يوسف يحل له الطيب أيضا وإن كان لا يحل له النساء

                                                                                        والصحيح ما قلنا لأن الطيب داع إلى الجماع ، وإنما عرفنا حل الطيب بعد الحلق قبل طواف الزيارة بالأثر ا هـ .

                                                                                        فالأولى أن يرد كلامه المذكور ثانيا بكلامه الأول ; لأنه ألزم لموافقته ما في الهداية ، ودليله ما في الصحيحين ولأنه يتناقض الأول بالثاني ، وقوله وإنما عرفنا حل الطيب إلخ جواب عن سؤال مقدر كأنه قال قائل الطيب داع إلى النساء فكان ممنوعا منه مطلقا فخصه بالرمي وحل بالحلق للأثر لكنه لم يأت بدليل لتحليل الرمي لشيء فالمرجع لكلامه الأول الموافق للهداية ولحصره التحلل بالحلق بقوله ، والخروج عن الإحرام إنما يكون بالحلق وبهذا يعلم بطلان ما ينسب لقاضي خان من أن الحلق لا يحل به الطيب .




                                                                                        الخدمات العلمية