الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 515 ] المسألة السادسة : قالت الإمامية قبحها الله : حزن أبي بكر في الغار مع كونه مع النبي دليل على جهله ونقصه وضعف قلبه وحيرته .

                                                                                                                                                                                                              أجاب على ذلك علماؤنا بثلاثة أجوبة : الأول : أن قوله : لا تحزن ، ليس بموجب بظاهره وجود الحزن ، إنما يقتضي منعه منه في المستقبل ، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذلك زيادة في طمأنينة قلبه ; فإن الصديق قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا .

                                                                                                                                                                                                              فقال له : { لا تحزن إن الله معنا } ; لتطمئن نفسه .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أن الصديق لا ينقصه إضافة الحزن إليه ، كما لم تنقص إبراهيم حين قيل عنه : { نكرهم وأوجس منهم خيفة } .

                                                                                                                                                                                                              ولم ينقص موسى قوله عنه : { فأوجس في نفسه خيفة موسى } .

                                                                                                                                                                                                              وهذان العظيمان قد وجدت عندهم التقية نصا ، وإنما هي عند الصديق هاهنا باحتمال .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أن حزن الصديق رضي الله عنه لم يكن لشك وحيرة ، وإنما كان خوفا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصل إليه ضرر ، ولم يكن النبي في ذلك الوقت معصوما من الضرر ، فكيف يكون الصديق رضي الله عنه ضعيف القلب ، وهو لم يستخف حين مات النبي صلى الله عليه وسلم ; بل ظهر وقام المقام المحمود الذي تقدم ذكرنا له بقوة يقين ، ووفور علم ، وثبوت جأش ، وفصل للخطبة التي تعيي المحتالين .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية