فصل توبة العبد بين توبتين من ربه
nindex.php?page=treesubj&link=19728_29489_30538وتوبة العبد إلى الله محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها ، وتوبة منه بعدها ، فتوبته بين توبتين من ربه ، سابقة ولاحقة ، فإنه تاب عليه أولا إذنا وتوفيقا وإلهاما ، فتاب العبد ، فتاب الله عليه ثانيا ، قبولا وإثابة ، قال الله سبحانه وتعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم فأخبر سبحانه أن توبته عليهم سبقت توبتهم ، وأنها هي التي جعلتهم تائبين ، فكانت سببا مقتضيا لتوبتهم ، فدل على أنهم ما تابوا حتى تاب الله تعالى عليهم ، والحكم ينتفي لانتفاء علته .
[ ص: 320 ] ونظير هذا هدايته لعبده قبل الاهتداء ، فيهتدي بهدايته ، فتوجب له تلك الهداية هداية أخرى يثيبه الله بها هداية على هدايته ، فإن من ثواب الهدى الهدى بعده ، كما أن من عقوبة الضلالة الضلالة بعدها ، قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=17والذين اهتدوا زادهم هدى فهداهم أولا فاهتدوا ، فزادهم هدى ثانيا ، وعكسه في أهل الزيغ كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم فهذه الإزاغة الثانية عقوبة لهم على زيغهم .
وهذا القدر من سر اسميه الأول والآخر ، فهو المعد ، وهو الممد ، ومنه السبب والمسبب ، وهو الذي يعيذ من نفسه بنفسه ، كما قال أعرف الخلق به :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980224وأعوذ بك منك ، والعبد تواب ، والله تواب ، فتوبة العبد رجوعه إلى سيده بعد الإباق ،
وتوبة الله نوعان : إذن وتوفيق ، وقبول وإمداد .
فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَبْدِ بَيْنَ تَوْبَتَيْنِ مِنْ رَبِّهِ
nindex.php?page=treesubj&link=19728_29489_30538وَتَوْبَةُ الْعَبْدِ إِلَى اللَّهِ مَحْفُوفَةٌ بِتَوْبَةٍ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ قَبْلَهَا ، وَتَوْبَةٍ مِنْهُ بَعْدَهَا ، فَتَوْبَتُهُ بَيْنَ تَوْبَتَيْنِ مِنْ رَبِّهِ ، سَابِقَةٍ وَلَاحِقَةٍ ، فَإِنَّهُ تَابَ عَلَيْهِ أَوَّلًا إِذْنًا وَتَوْفِيقًا وَإِلْهَامًا ، فَتَابَ الْعَبْدُ ، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثَانِيًا ، قَبُولًا وَإِثَابَةً ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ تَوْبَتَهُ عَلَيْهِمْ سَبَقَتْ تَوْبَتَهُمْ ، وَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي جَعَلَتْهُمْ تَائِبِينَ ، فَكَانَتْ سَبَبًا مُقْتَضِيًا لِتَوْبَتِهِمْ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مَا تَابُوا حَتَّى تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ ، وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ .
[ ص: 320 ] وَنَظِيرُ هَذَا هِدَايَتُهُ لِعَبْدِهِ قَبْلَ الِاهْتِدَاءِ ، فَيَهْتَدِي بِهِدَايَتِهِ ، فَتُوجِبُ لَهُ تِلْكَ الْهِدَايَةُ هِدَايَةً أُخْرَى يُثِيبُهُ اللَّهُ بِهَا هِدَايَةً عَلَى هِدَايَتِهِ ، فَإِنَّ مِنْ ثَوَابِ الْهُدَى الْهُدَى بَعْدَهُ ، كَمَا أَنَّ مِنْ عُقُوبَةِ الضَّلَالَةِ الضَّلَالَةُ بَعْدَهَا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=17وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى فَهَدَاهُمْ أَوْلًا فَاهْتَدَوْا ، فَزَادَهُمْ هُدًى ثَانِيًا ، وَعَكْسُهُ فِي أَهْلِ الزَّيْغِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ فَهَذِهِ الْإِزَاغَةُ الثَّانِيَةُ عُقُوبَةٌ لَهُمْ عَلَى زَيْغِهِمْ .
وَهَذَا الْقَدْرُ مِنْ سِرِّ اسْمَيْهِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ ، فَهُوَ الْمُعِدُّ ، وَهُوَ الْمُمِدُّ ، وَمِنْهُ السَّبَبُ وَالْمُسَبَّبُ ، وَهُوَ الَّذِي يُعِيذُ مِنْ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ ، كَمَا قَالَ أَعْرَفُ الْخَلْقِ بِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980224وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، وَالْعَبْدُ تَوَّابٌ ، وَاللَّهُ تَوَّابٌ ، فَتَوْبَةُ الْعَبْدِ رُجُوعُهُ إِلَى سَيِّدِهِ بَعْدَ الْإِبَاقِ ،
وَتَوْبَةُ اللَّهِ نَوْعَانِ : إِذْنٌ وَتَوْفِيقٌ ، وَقَبُولٌ وَإِمْدَادٌ .