الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) الاستمرار المنفصل فهو أن ترى المرأة مرة دما ومرة طهرا هكذا فنقول : لا خلاف في أن الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان خمسة عشر يوما فصاعدا يكون فاصلا بين الدمين ، ثم بعد ذلك إن أمكن أن يجعل أحد الدمين حيضا يجعل ذلك حيضا ، وإن أمكن جعل كل واحد منهما حيضا يجعل حيضا ، وإن كان لا يمكن أن يجعل أحدهما حيضا لا يجعل شيء من ذلك حيضا ، وكذا لا خلاف بين أصحابنا في أن الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان أقل من ثلاثة أيام لا يكون فاصلا بين الدمين ، وإن كان أكثر من الدمين ، واختلفوا فيما بين ذلك ، وعن أبي حنيفة فيه أربع روايات روى أبو يوسف عنه أنه قال الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان أقل من خمسة عشر يوما يكون طهرا فاسدا ولا يكون فاصلا بين الدمين بل يكون كله كدم متوال ، ثم يقدر ما ينبغي أن يجعل حيضا يجعل حيضا ، والباقي يكون استحاضة وروى محمد عن أبي حنيفة أن الدم إذا كان في طرفي العشرة فالطهر المتخلل بينهما لا يكون فاصلا ، ويجعل كله كدم متوال ، وإن لم يكن الدم في طرفي العشرة كان الطهر فاصلا بين الدمين ثم بعد ذلك إن أمكن أن يجعل أحد الدمين حيضا يجعل ذلك حيضا ، وإن أمكن أن يجعل كل واحد منهما حيضا يجعل أسرعهما حيضا ، وهو أولهما ، وإن لم يمكن جعل أحدهما حيضا لا يجعل شيء من ذلك حيضا وروى عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة أن الدم إذا كان في طرفي العشرة ، وكان بحال لو جمعت الدماء المتفرقة تبلغ [ ص: 44 ] حيضا لا يصير الطهر فاصلا بين الدمين .

                                                                                                                                ويكون كله حيضا ، وإن كان بحال لو جمع لا يبلغ حيضا يصير فاصلا بين الدمين ثم ينظر إن أمكن أن يجعل أحد الدمين حيضا يجعل ذلك حيضا ، وإن أمكن أن يجعل كل واحد منهما حيضا يجعل أسرعهما حيضا ، وإن لم يمكن أن يجعل أحدهما حيضا ولا يجعل شيء من ذلك حيضا .

                                                                                                                                وروى الحسن عن أبي حنيفة أن الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان أقل من ثلاثة أيام لا يكون فاصلا بين الدمين ، وكله بمنزلة المتوالي ، وإذا كان ثلاثة أيام كان فاصلا بينهما ، ثم ينظر إن أمكن أن يجعل أحد الدمين حيضا جعل ، وإن أمكن أن يجعل كل واحد منهما حيضا يجعل أسرعهما ، وإن لم يمكن أن يجعل شيء من ذلك حيضا لا يجعل حيضا ، واختار محمد لنفسه في كتاب الحيض مذهبا فقال : الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان أقل من ثلاثة أيام لا يعتبر فاصلا ، وإن كان أكثر من الدمين ، ويكون بمنزلة الدم المتوالي ، وإذا كان ثلاثة أيام فصاعدا فهو طهر كثير فيعتبر لكن ينظر بعد ذلك إن كان الطهر مثل الدمين ، أو أقل من الدمين في العشرة لا يكون فاصلا ، وإن كان أكثر من الدمين يكون فاصلا ، ثم ينظر إن أمكن أن يجعل أحدهما حيضا جعل ، وإن أمكن أن يجعل كل واحد منهما حيضا يجعل أسرعهما حيضا ، وإن لم يمكن أن يجعل أحدهما حيضا لا يجعل شيء من ذلك حيضا ، وتقرير هذه الأقوال ، وتفسيرها يذكر في كتاب الحيض إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية