الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما الحالف على الهدم قال ابن سماعة وسمعت أبا يوسف يقول في رجل قال والله لأهدمن هذه الدار فإن هدم سقوفها بر لأنه لا يقدر على أن يزيل اسم الدار بالهدم لأنه لو هدم جميع بنائها لكانت بذلك تسمى دار لما ذكرنا أنها اسم للعرصة فحملت اليمين على الكسر قال محمد إذا حلف لينقضن هذا الحائط أو ليهدمنه اليوم فنقض بعضه أو هدم بعضه ولم يهدم ما بقي حتى مضى اليوم يحنث قال والهدم عندنا أن يهدم حتى يبقي منه ما لا يسمى حائطا لأن الحائط يمكن هدمه حتى يزيل الاسم عنه فوقعت اليمين على ذلك بخلاف الدار فإن نوى هدم بعضه صدق ديانة لأن ذلك يسمى هدما بمعنى الكسر .

                                                                                                                                ولو حلف ليكسرن هذا الحائط فكسر بعضه بر لأنه يقال له حائط مكسور فلا يعتبر ما يزيل به اسم الحائط فالحاصل أن ههنا ألفاظا ثلاثة الهدم والنقض والكسر والمسائل مبنية على معرفة معنى كل لفظ فالهدم اسم لإزالة البناء لأنه ضد البناء فإن فعل في الحائط فعلا ينظر إن بقي بعده ما يسمى مبنيا حنث لأنه لا وجود للشيء مع وجود ما يضاده وإن لم يبق ما يسمى مبنيا بر لتحقيقه في نفسه قال الله تعالى : { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع } والمراد منه استئصالها لا إحداث صدع أو وهن في أبنيتها وكذلك النقض يقال فلان نقض بيته كذا أي أزالها ولو نقض بعض الحائط أو هدم بعضه .

                                                                                                                                وقال عنيت به بعضه يصدق فيما بينه وبين الله تعالى عز وجل لأنه نوى تخصيص العموم وإنه محتمل فلا يصدقه القاضي لأنه عدول عن الظاهر والكسر عبارة عن إحداث صدع أو شق فيما صلب من الأجسام بمنزلة الخرق فيما استرخى منها فإذا ثبت فيه هذا فقد بر في يمينه وإن بقي التركيب والله أعلم

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية