الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
حرف الياء

162- الفراء : شيخ النحاة :

هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور أبو زكريا الأسلمي النحوي الكوفي المعروف بالفراء شيخ النحاة . روى الحروف عن أبي بكر بن عياش وعلي بن حمزة الكسائي ومحمد بن حفص الحنفي .

روى القراءة عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم ومحمد بن عبد الله بن مالك وهارون بن عبد الله .

قال العباس ثعلب : لولا الفراء لما كانت عربية لأنه خلصها وضبطها، توفي سنة سبع ومائتين في رجوعه من طريق مكة .

وجاء في الأعلام أنه ولد عام أربعة وأربعين ومائة من الهجرة وتوفي عام سبعة ومائتين كما جاء فيه أنه صنف كثيرا وأملى " معاني القرآن " في مجالس عامة كان في جملة من يحضرها نحو ثمانين قاضيا .

انتهى ملخصا من غاية النهاية الجزء الثاني ص (371 - 372) تقدم ، وانظر الأعلام للزركلي الجزء التاسع ص (178) تقدم .

163- الإمام النووي رضي الله تعالى عنه :

هو أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف بن مرى بن حسن الحزامي الحراني النووي الشافعي . علامة بالفقه والحديث مولده ووفاته في نوا من قرى حوران بسورية وله تصانيف كثيرة وجليلة منها : " المنهاج والمجموع شرح المهذب " كلاهما في فقه الشافعية و " التبيان : في آداب حملة القرآن " و " شرح صحيح مسلم " وغيرها كثير . ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة للهجرة . وتوفي سنة ست وسبعين وستمائة رحمه الله تعالى .

[ ص: 738 ] انظر الأعلام للزركلي الجزء التاسع ص (184 - 185) تقدم .

164- الإمام أبو جعفر المدني أحد الأئمة العشرة رضي الله عنه :

هو يزيد بن القعقاع الإمام أبو جعفر المخزومي المدني القاري أحد القراء العشرة تابعي مشهور كبير القدر يقال اسمه جندب بن فيروز وقيل فيروز ، عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وروى عنهم . ويقال إنه قرأ على زيد بن ثابت قال الذهبي ولم يصح . قال الحافظ ابن الجزري : روينا عنه أنه أتى به إلى أم سلمة - رضي الله عنها - وهو صغير فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة وصلى بابن عمر - رضي الله عنهما - وأقرأ الناس قبل الحرة ، والحرة سنة ثلاث وستين ، روى القراءة عنه نافع بن أبي نعيم - أحد الأئمة السبعة - وسليمان بن مسلم بن جماز وعيسى بن وردان وأبو عمرو - وهو ابن العلاء البصري أحد الأئمة السبعة - وعبد الرحمن بن زيد وإسماعيل ويعقوب ابناه وميمونة بنته . . . وأثنى عليه أهل العلم فقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال : صالح الحديث . وقال يعقوب بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري : كان إمام الناس أبو جعفر . وقال ابن مجاهد حدثوني عن الأصمعي عن أبي الزناد قال : لم يكن أحد أقرأ للسنة من أبي جعفر وكان يقدم في زمانه على عبد الرحمن بن هرمز الأعرج .

وقال مالك : كان أبو جعفر رجلا صالحا يقرئ الناس بالمدينة . وروى ابن جماز عنه أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما وهو صوم داود عليه السلام ، واستمر على ذلك مدة من الزمان فقال له بعض أصحابه في ذلك فقال : إنما فعلت ذلك أروض به نفسي لعبادة الله تعالى .

قال الحافظ ابن الجزري : وقرأ بخط الأستاذ أبي عبد الله القصاع أنه كان يصلي في جوف الليل أربع تسليمات يقرأ في كل ركعة بالفاتحة وسورة من طوال المفصل ويدعو عقيبها لنفسه والمسلمين ولكل من قرأ عليه وقرأ بقراءته بعده وقبله .

وقال سليمان بن مسلم شهدت أبا جعفر وقد حضرته الوفاة جاءه أبو حازم الأعرج في مشيخة من جلسائه فأكبوا عليه يصرخون به فلم يجبهم فقال شيبة :

[ ص: 739 ] وكان ختنه على ابنة أبي جعفر ألا أريكم عجبا؟ قالو : بلى ، فكشف عن صدره فإذا دوارة بيضاء مثل اللبن فقال أبو حازم وأصحابه : هذا والله نور القرآن .

قال نافع لما غسل أبو جعفر بعد وفاته نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف ، قال فما شك أحد ممن حضر أنه نور القرآن ، مات أبو جعفر بالمدينة المنورة سنة ثلاثين ومائة وقيل سنة اثنتين وثلاثين وقيل سنة تسع وعشرين وقيل سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثمان وعشرين وأبعد الهذلي في كامله حيث قال : سنة عشر .

هذا : وذكر الحافظ ابن الجزري بإسناده إلى سليمان بن أبي سليمان العمري قال : رأيت أبا جعفر على الكعبة يعني في المنام فقلت : أبا جعفر فقال : نعم ، أقرئ إخواني السلام وأخبرهم أن الله جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين وأقرئ أبا حازم السلام وقل له يقول لك أبو جعفر الكيس الكيس فإن الله وملائكته يتراءون مجلسك بالعشيات ووجدت بخط أبي عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع أنه يعني أبا جعفر رؤي في المنام بعد وفاته على صورة حسنة فقال للذي رآه بشر أصحابي وكل من قرأ قراءتي أن الله قد غفر لهم ، وأجاب فيهم دعوتي ومرهم أن يصلوا هذه الركعات في جوف الليل كيف استطاعوا .

انتهى ملخصا من غاية النهاية الجزء الثاني (ص 382 - 384) تقدم .

165- الإمام يعقوب الحضرمي أحد الأئمة العشرة رضي الله عنه :

هو يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق أبو محمد الحضرمي مولاهم البصري أحد القراء العشرة وإمام أهل البصرة ومقريها . أخذ القراءة عرضا عن سلام الطويل ومهدي بن ميمون وأبي الأشهب العطاردي وشهاب بن شرنفة ومسلمة بن محارب وعصمة بن عروة الفقيمي ويونس بن عبيد . وروى عن سلام حرف أبي عمرو بالإدغام . وسمع الحروف من الكسائي ومحمد بن زريق الكوفي عن عاصم . وسمع من حمزة حروفا . وروى ابن المنادى أنه قرأ على أبي عمرو قال أبو عبد الله القصاع : وما ذلك ببعيد لأن أبا عمرو توفي وليعقوب سبع وثلاثون سنة .

قال يعقوب : قرأت على سلام في سنة ونصف وقرأت على شهاب بن شرنفة [ ص: 740 ] المجاشعي في خمسة أيام وقرأ شهاب على مسلمة بن محارب المحاربي في تسعة أيام ، وقرأ مسلمة على أبي الأسود الدؤلي على علي رضي الله عنه .

قال الحافظ ابن الجزري : وقراءته على أبي الأشهب عن أبي رجاء عن أبي موسى في غاية العلو . روى القراءة عنه خلق كثيرون منهم . زيد ابن أخيه أحمد وكعب بن إبراهيم وعمر السراج ، وأبو بشر القطان ، ومسلم بن سفيان المفسر وروح بن عبد المؤمن ومحمد بن المتوكل رويس ومحمد بن وهب الفزاري وأبو حاتم السجستاني ، وروح بن قرة ، وأبو الفتح النحوي وأبو هاشم الرفاعي ، وأبو عمر الدوري وغير هؤلاء كثير .

قال أبو حاتم السجستاني - عن يعقوب - هو أعلم من رأيت بالحروف والاختلاف في القرآن وعلله ومذاهبه ومذاهب النحو أروى الناس لحروف القرآن ولحديث الفقهاء .

وقال الداني : وائتم بيعقوب في اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو فهم أو أكثرهم على مذهبه قال : وقد سمعت طاهر بن غلبون يقول : إمام الجامع بالبصرة لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب . قال ابن أبي حاتم سئل أحمد بن حنبل عنه فقال : صدوق وسئل عنه أبي فقال : صدوق .

قال الحافظ ابن الجزري : وكان يعقوب من أعلم أهل زمانه بالقرآن والنحو وغيره وأبوه وجده .

قال الأهوازي : أنشدني فيه أبو عبدون اللالكائي لنفسه :


أبوه من القراء كان وجده ويعقوب في القراء كالكوكب الدري     تفرده محض الصواب ووجهه
فمن مثله في وقته وإلى الحشر

قال أبو القاسم الهذلي لم ير في زمن يعقوب مثله كان عالما بالعربية ووجوهها والقرآن واختلافه فاضلا تقيا ورعا زاهدا ، بلغ من زهده أنه سرق رداؤه عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورد إليه ولم يشعر لشغله بالصلاة .

قال البخاري وغيره مات في ذي الحجة سنة خمس ومائتين وله ثمان وثمانون سنة ومات أبوه عن ثمان وثمانين سنة وكذلك جده وجد أبيه رحمهم الله تعالى . انتهى ملخصا من غاية النهاية الجزء الثاني ص (386 - 389) تقدم .

[ ص: 741 ] 166- الحافظ ابن عبد البر : سنة 368 - 463 هـ - 978 - 1071 م :

هو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي - أبو عمر - من كبار حفاظ الحديث مؤرخ أديب بحاثة . يقال له حافظ المغرب . ولد بقرطبة ورحل رحلات طويلة وولي قضاء لشبونة وشنترين وتوفي بشاطبة ، من كتبه : " الدرر في اختصار المغازي والسير " و " العقل والعقلاء " و " الاستيعاب " مجلدان في تراجم الصحابة و " جامع بيان العلم وفضله " و " المدخل في القراءات " و " بهجة المجالس وأنس المجالس " في المحاضرات أربعة أجزاء طبعت منه قطعة و " الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء " ترجم به مالكا وأبا حنيفة والشافعي و " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " كبير جدا طبع منه جانبا و " الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار " طبع قسم منه وهو اختصار التمهيد وغير ذلك . انتهى مختصرا من الأعلام للزركلي الجزء التاسع ص (316 - 317) تقدم .

167- الإمام الهذلي : صاحب الكامل :

هو يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة أبو القاسم الهذلي اليشكري الأستاذ الكبير والعلم الشهير الجوال . ولد في حدود التسعين وثلاثمائة تخمينا وطاف البلاد في طلب القراءات فلا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته ولا لقي من لقي من الشيوخ قال في كتابه " الكامل " فجملة من لقيت في هذا العالم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا من آخر المغرب إلى باب فرغانة يمينا وشمالا وجبلا وبحرا ولو علمت أحدا تقدم علي في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته قال : وألفت هذا الكتاب فجعلته جامعا للطرق المتلوة والقراءات المعروفة ونسخت به مصنفاتي كالوجيز والهادي قلت : كذا ترى همم السادات في الطلب وكانت رحلته في سنة خمس وعشرين وبعدها .

قال الأمير ابن ماكولا : كان يدرس علم النحو ويفهم الكلام وذكره عبد الغافر ونعته بأنه ضرير فيحتمل أنه عمي في آخر عمره وكان قد قرره الوزير نظام الدين في مدرسته بنيسابور فقعد سنين وأفاد وكان مقدما في النحو والصرف

[ ص: 742 ] وعلل القراءات وكان يحضر مجلس أبي القاسم القشيري ويأخذ منه الأصول وكان القشيري يراجعه في مسائل في النحو والقراءات ويستفيد منه وكان حضوره سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وقد ذكر شيوخه الذين أخذ عنهم القراءات في كتابه وعدتهم مائة واثنان وعشرون شيخا في كامله منهم : إبراهيم بن أحمد الإربلي وإبراهيم بن الخطيب ببغداد وأحمد بن رجاء بعسقلان وأحمد بن الصقر ببغداد وأحمد بن محمد بن علان بواسط وأحمد بن علي بن هاشم بمصر وأحمد بن علي بالإسكندرية إلى آخر المائة والعشرين شيخا الذين ذكرهم المترجم له في كتابه " الكامل " وروى عنه الكثير منهم : إسماعيل بن الإخشيد وسمع منه الكامل وكذلك عبد الواحد بن حمد بن شيدة السكري وأبو بكر بن محمد بن زكريا الأصبهاني النجار وقرأ عليه بمضمن كامله وسمعه منه أبو العز القلانسي وغير هؤلاء . مات الهذلي سنة خمس وستين وأربعمائة .

انتهى مختصرا من غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الثاني ص (397 - 401) تقدم .

168- الأزرق صاحب ورش :

هو يوسف بن عمر بن يسار ويقال سيار . قال الداني : والصواب يسار وأخطأ من قال بشار بالموحدة والمعجمة أبو يعقوب المدني ثم المصري المعروف بالأزرق ثقة محقق ضابط . أخذ القراءة عرضا وسماعا عن ورش وهو الذي خلفه في القراءة والإقراء بمصر وعرض على سقلاب ومعلى بن دحية .

روى القراءة عنه عرضا إسماعيل بن عبد الله النحاس ومحمد بن سعيد الأنماطي وأبو بكر عبد الله بن مالك بن سيف وهو آخرهم موتا ومواس بن سهل . توفي في حدود الأربعين ومائتين .

انتهى ملخصا من غاية النهاية الجزء الثاني ص (402) تقدم .

[ ص: 743 ] وهنا تمت تراجم الأعلام الذين ورد ذكرهم في كتابنا " هداية القاري إلى تجويد كلام الباري " والله نسأل أن ينفعنا بعلمهم والسير على منوالهم .

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

المؤلف

عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي

التالي السابق


الخدمات العلمية