الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( الأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس لما روي : { أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار المسلمين فيما يجمعهم على الصلاة فقالوا : البوق فكرهه من أجل اليهود ، ثم ذكر الناقوس فكرهه من أجل النصارى ، فأري تلك الليلة عبد الله بن زيد النداء فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن به . } )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا الحديث الذي ذكره رواه بهذا اللفظ ابن ماجه بإسناد ضعيف جدا من رواية ابن عمر رضي الله عنهما ويغني عنه حديث عبد الله [ ص: 83 ] بن زيد الذي قدمناه وغيره من الأحاديث الصحيحة ، وإنما الصحيح في رواية ابن عمر ما قدمناه في الفصل السابق . وقوله في هذا الحديث فأري تلك الليلة . هذا التقييد بالليلة ضعيف غريب ، وإنما الصحيح ما سبق . والناقوس هو الذي يضرب به لصلاة النصارى جمعه نواقيس ، وقوله من أجل هو بفتح الهمزة وكسرها حكاهما الجوهري ، والمشهور الفتح وبه جاء القرآن . وعبد الله بن زيد هذا هو أبو محمد عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري شهد العقبة وبدرا وكانت رؤياه الأذان في السنة الأولى من الهجرة بعد بناء النبي صلى الله عليه وسلم مسجده ، توفي رضي الله عنه بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ، وهو ابن أربع وستين سنة .

                                      ( وأما حكم المسألة ) فالأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس بالنصوص الصحيحة والإجماع ، ولا يشرع الأذان ولا الإقامة لغير الخمس بلا خلاف ، سواء كانت منذورة أو جنازة أو سنة وسواء سن لها الجماعة كالعيدين والكسوفين والاستسقاء أم لا كالضحى ، ولكن ينادى للعيد والكسوف والاستسقاء : الصلاة جامعة ، وقد ذكره المصنف في أبوابها ، وكذا ينادي للتراويح : الصلاة جامعة إذا صليت جماعة ، ولا يستحب ذلك في صلاة الجنازة على أصح الوجهين وبه قطع الشيخ أبو حامد والبندنيجي والمحاملي وصاحب العدة والبغوي وآخرون وقطع الغزالي بأنه يستحب فيها ، والمذهب الأول وهو المنصوص . قال الشافعي رحمه الله في أول كتاب الأذان من الأم : لا أذان ولا إقامة لغير المكتوبة ، فأما الأعياد والكسوف وقيام شهر رمضان فأحب أن يقال فيه : الصلاة جامعة ، قال : والصلاة على الجنازة وكل نافلة غير العيد والخسوف فلا أذان فيها ولا قول : الصلاة جامعة . هذا نصه والله أعلم . وأما قول صاحب الذخائر : أن المنذورة يؤذن لها ويقيم إذا قلنا يسلك بالنذر مسلك واجب الشرع فغلط منه ، وهو كثير الغلط وقد اتفق الأصحاب على أنه لا يؤذن للنذر ولا يقام ولا يقال : الصلاة جامعة . وهذا مشهور [ ص: 84 ] فرع ) ذكرنا أن مذهبنا أن الأذان والإقامة لا يشرعان لغير المكتوبات الخمس . وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف ، ونقل سليم الرازي في كتابه رءوس المسائل وغيره عن معاوية بن أبي سفيان وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أنهما قالا : هما سنة في صلاة العيدين ، هذا إن صح عنهما محمول على أنه لم يبلغهما فيه السنة ، وكيف كان هو مذهب مردود . وقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة } وفي المسألة أحاديث كثيرة صحيحة .




                                      الخدمات العلمية