nindex.php?page=treesubj&link=31848_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون nindex.php?page=treesubj&link=19881_28639_31848_34189_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إلا الذي فطرني فإنه سيهدين nindex.php?page=treesubj&link=31848_31851_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون nindex.php?page=treesubj&link=30550_34274_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين nindex.php?page=treesubj&link=30549_31788_32024_34199_34211_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون nindex.php?page=treesubj&link=30549_30612_34199_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم nindex.php?page=treesubj&link=19037_30455_34306_34513_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون
يخبر تعالى عن ملة
إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي ينتسب إليه أهل الكتاب والمشركون، وكلهم يزعم أنه على طريقته، فأخبر عن دينه الذي ورثه في ذريته فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه الذين اتخذوا من دون الله آلهة
[ ص: 1608 ] يعبدونهم ويتقربون إليهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26إنني براء مما تعبدون أي: مبغض له، مجتنب معاد لأهله،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إلا الذي فطرني فإني أتولاه، وأرجو أن يهديني للعلم بالحق والعمل به، فكما فطرني ودبرني بما يصلح بدني ودنياي، فـ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27سيهدين لما يصلح ديني وآخرتي.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وجعلها أي: هذه الخصلة الحميدة، التي هي أم الخصال وأساسها، وهي إخلاص العبادة لله وحده، والتبري من عبادة ما سواه.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28كلمة باقية في عقبه أي: ذريته
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28لعلهم إليها
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28يرجعون لشهرتها عنه، وتوصيته لذريته، وتوصية بعض بنيه
-كإسحاق ويعقوب- لبعض، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه إلى آخر الآيات.
فلم تزل هذه الكلمة موجودة في ذريته عليه السلام حتى دخلهم الترف والطغيان.
فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29بل متعت هؤلاء وآباءهم بأنواع الشهوات، حتى صارت هي غايتهم ونهاية مقصودهم، فلم تزل يتربى حبها في قلوبهم، حتى صارت صفات راسخة، وعقائد متأصلة.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29حتى جاءهم الحق الذي لا شك فيه ولا مرية ولا اشتباه.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29ورسول مبين أي: بين الرسالة، قامت أدلة رسالته قياما باهرا، بأخلاقه ومعجزاته، وبما جاء به، وبما صدق به المرسلين، وبنفس دعوته صلى الله عليه وسلم.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30ولما جاءهم الحق الذي يوجب على من له أدنى دين ومعقول أن يقبله وينقاد له.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30قالوا هذا سحر وإنا به كافرون وهذا من أعظم المعاندة والمشاقة، فإنهم لم يكتفوا بمجرد الإعراض عنه، بل ولا جحده، فلم يرضوا حتى قدحوا به قدحا شنيعا، وجعلوه بمنزلة السحر الباطل، الذي لا يأتي به إلا أخبث الخلق وأعظمهم افتراء، والذي حملهم على ذلك، طغيانهم بما متعهم الله به وآباءهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وقالوا مقترحين على الله بعقولهم الفاسدة:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أي: معظم عندهم، مبجل من أهل
مكة، أو أهل
الطائف، كالوليد بن المغيرة ونحوه، ممن هو عندهم عظيم.
قال الله ردا لاقتراحهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أهم يقسمون رحمت ربك أي: أهم الخزان
[ ص: 1609 ] لرحمة الله، وبيدهم تدبيرها، فيعطون النبوة والرسالة من يشاءون، ويمنعونها ممن يشاءون؟
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات أي: في الحياة الدنيا، والحال أن رحمة ربك خير مما يجمعون من الدنيا.
فإذا كانت
nindex.php?page=treesubj&link=28791معايش العباد وأرزاقهم الدنيوية بيد الله تعالى، وهو الذي يقسمها بين عباده، فيبسط الرزق على من يشاء، ويضيقه على من يشاء، بحسب حكمته، فرحمته الدينية، التي أعلاها النبوة والرسالة، أولى وأحرى أن تكون بيد الله تعالى، فالله أعلم حيث يجعل رسالته.
فعلم أن اقتراحهم ساقط لاغ، وأن التدبير للأمور كلها، دينيها ودنيويها، بيد الله وحده. هذا إقناع لهم، من جهة غلطهم في الاقتراح، الذي ليس في أيديهم منه شيء، إن هو إلا ظلم منهم ورد للحق.
وقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم لو عرفوا حقائق الرجال، والصفات التي بها يعرف علو قدر الرجل، وعظم منزلته عند الله وعند خلقه، لعلموا أن
محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم، هو أعظم الرجال قدرا، وأعلاهم فخرا، وأكملهم عقلا وأغزرهم علما، وأجلهم رأيا وعزما وحزما، وأكملهم خلقا، وأوسعهم رحمة، وأشدهم شفقة، وأهداهم وأتقاهم.
وهو قطب دائرة الكمال، وإليه المنتهى في أوصاف الرجال، ألا وهو رجل العالم على الإطلاق، يعرف ذلك أولياؤه وأعداؤه، فكيف يفضل عليه المشركون من لم يشم مثقال ذرة من كماله؟! ومن جرمه ومنتهى حمقه أن جعل إلهه الذي يعبده ويدعوه ويتقرب إليه صنما، أو شجرا، أو حجرا، لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، وهو كل على مولاه، يحتاج لمن يقوم بمصالحه، فهل هذا إلا من فعل السفهاء والمجانين؟
فكيف يجعل مثل هذا عظيما؟ أم كيف يفضل على خاتم الرسل وسيد ولد
آدم صلى الله عليه وسلم؟ ولكن الذين كفروا لا يعقلون.
وفي هذه الآية تنبيه على
nindex.php?page=treesubj&link=28791حكمة الله تعالى في تفضيل الله بعض العباد على بعض في الدنيا nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32ليتخذ بعضهم بعضا سخريا أي: ليسخر بعضهم بعضا، في الأعمال والحرف والصنائع.
فلو تساوى الناس في الغنى، ولم يحتج بعضهم إلى بعض، لتعطلت كثير من مصالحهم ومنافعهم.
وفيها دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29485نعمته الدينية خير من النعمة الدنيوية كما قال تعالى في الآية الأخرى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=58قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون
nindex.php?page=treesubj&link=31848_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=19881_28639_31848_34189_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ nindex.php?page=treesubj&link=31848_31851_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30550_34274_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ nindex.php?page=treesubj&link=30549_31788_32024_34199_34211_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30549_30612_34199_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ nindex.php?page=treesubj&link=19037_30455_34306_34513_29014nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ مِلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، الَّذِي يَنْتَسِبُ إِلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكُونَ، وَكُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ، فَأَخْبَرَ عَنْ دِينِهِ الَّذِي وَرِثَهُ فِي ذُرِّيَّتِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً
[ ص: 1608 ] يَعْبُدُونَهُمْ وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ أَيْ: مُبْغِضٌ لَهُ، مُجْتَنِبٌ مُعَادٍ لِأَهْلِهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنِّي أَتَوَلَّاهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَهْدِيَنِي لِلْعِلْمِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ، فَكَمَا فَطَرَنِي وَدَبَّرَنِي بِمَا يُصْلِحُ بَدَنِي وَدُنْيَايَ، فَـ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27سَيَهْدِينِ لِمَا يُصْلِحُ دِينِي وَآخِرَتِي.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وَجَعَلَهَا أَيْ: هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْحَمِيدَةُ، الَّتِي هِيَ أُمُّ الْخِصَالِ وَأَسَاسُهَا، وَهِيَ إِخْلَاصُ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالتَّبَرِّي مِنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ أَيْ: ذُرِّيَّتُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28لَعَلَّهُمْ إِلَيْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28يَرْجِعُونَ لِشُهْرَتِهَا عَنْهُ، وَتَوْصِيَتِهِ لِذَرِّيَّتِهِ، وَتَوْصِيَةُ بَعْضِ بَنِيهِ
-كَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ- لِبَعْضٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ.
فَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ مَوْجُودَةً فِي ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى دَخْلَهُمُ التَّرَفُ وَالطُّغْيَانُ.
فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ بِأَنْوَاعِ الشَّهَوَاتِ، حَتَّى صَارَتْ هِيَ غَايَتُهُمْ وَنِهَايَةُ مَقْصُودِهِمْ، فَلَمْ تَزَلْ يَتَرَبَّى حُبُّهَا فِي قُلُوبِهِمْ، حَتَّى صَارَتْ صِفَاتٍ رَاسِخَةً، وَعَقَائِدَ مُتَأَصِّلَةً.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا مِرْيَةَ وَلَا اشْتِبَاهَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29وَرَسُولٌ مُبِينٌ أَيْ: بَيَّنَ الرِّسَالَةَ، قَامَتْ أَدِلَّةُ رِسَالَتِهِ قِيَامًا بَاهِرًا، بِأَخْلَاقِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ، وَبِمَا صَدَّقَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَبِنَفْسِ دَعْوَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ الَّذِي يُوجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى دِينٍ وَمَعْقُولٍ أَنْ يَقْبَلَهُ وَيَنْقَادَ لَهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُعَانَدَةِ وَالْمُشَاقَّةِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ، بَلْ وَلَا جَحْدِهِ، فَلَمْ يَرْضَوْا حَتَّى قَدَحُوا بِهِ قَدْحًا شَنِيعًا، وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ السِّحْرِ الْبَاطِلِ، الَّذِي لَا يَأْتِي بِهِ إِلَّا أَخْبَثُ الْخَلْقِ وَأَعْظَمُهُمُ افْتِرَاءً، وَالَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، طُغْيَانُهُمْ بِمَا مَتَّعَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَآبَاءَهُمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وَقَالُوا مُقْتَرِحِينَ عَلَى اللَّهِ بِعُقُولِهِمِ الْفَاسِدَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَيْ: مُعَظَّمٌ عِنْدَهُمْ، مُبَجَّلٌ مِنْ أَهْلِ
مَكَّةَ، أَوْ أَهْلِ
الطَّائِفِ، كَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَنَحْوِهِ، مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُمْ عَظِيمٌ.
قَالَ اللَّهُ رَدًّا لِاقْتِرَاحِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ أَيْ: أَهُمُ الْخُزَّانُ
[ ص: 1609 ] لِرَحْمَةِ اللَّهِ، وَبِيَدِهِمْ تَدْبِيرُهَا، فَيُعْطُونَ النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ مَنْ يَشَاءُونَ، وَيَمْنَعُونَهَا مِمَّنْ يَشَاءُونَ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ أَيْ: فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْحَالُ أَنَّ رَحْمَةَ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ مِنَ الدُّنْيَا.
فَإِذَا كَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=28791مَعَايِشُ الْعِبَادِ وَأَرْزَاقُهُمُ الدُّنْيَوِيَّةُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الَّذِي يُقَسِّمُهَا بَيْنَ عِبَادِهِ، فَيَبْسُطُ الرِّزْقَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَيُضَيِّقُهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، بِحَسَبِ حِكْمَتِهِ، فَرَحْمَتُهُ الدِّينِيَّةُ، الَّتِي أَعْلَاهَا النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ، أَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ تَكُونَ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى، فَاللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ.
فَعَلِمَ أَنَّ اقْتِرَاحَهُمْ سَاقِطٌ لَاغٍ، وَأَنَّ التَّدْبِيرَ لِلْأُمُورِ كُلِّهَا، دِينِيِّهَا وَدُنْيَوِيِّهَا، بِيَدِ اللَّهِ وَحْدَهُ. هَذَا إِقْنَاعٌ لَهُمْ، مِنْ جِهَةِ غَلَطِهِمْ فِي الِاقْتِرَاحِ، الَّذِي لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْهُ شَيْءٌ، إِنْ هُوَ إِلَّا ظُلْمٌ مِنْهُمْ وَرَدٌّ لِلْحَقِّ.
وَقَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ لَوْ عَرَفُوا حَقَائِقَ الرِّجَالِ، وَالصِّفَاتِ الَّتِي بِهَا يُعْرَفُ عُلُوُّ قَدْرِ الرَّجُلِ، وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ خَلْقِهِ، لَعَلِمُوا أَنَّ
مُحَمَّدًا بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَعْظَمُ الرِّجَالِ قَدْرًا، وَأَعْلَاهُمْ فَخْرَّا، وَأَكْمَلُهُمْ عَقْلًا وَأَغْزَرُهُمْ عِلْمًا، وَأَجَلُّهُمْ رَأْيًا وَعَزْمًا وَحَزْمًا، وَأَكْمَلُهُمْ خَلْقًا، وَأَوْسَعُهُمْ رَحْمَةً، وَأَشَدُّهُمْ شَفَقَةً، وَأَهْدَاهُمْ وَأَتْقَاهُمْ.
وَهُوَ قُطْبُ دَائِرَةِ الْكَمَالِ، وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي أَوْصَافِ الرِّجَالِ، أَلَا وَهُوَ رَجُلُ الْعَالَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، يَعْرِفُ ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُ، فَكَيْفَ يُفَضِّلُ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مَنْ لَمْ يَشُمَّ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ كَمَالِهِ؟! وَمِنْ جُرْمِهِ وَمُنْتَهَى حُمْقِهِ أَنْ جَعْلَ إِلَهَهُ الَّذِي يَعْبُدُهُ وَيَدَعُوهُ وَيَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ صَنَمًا، أَوْ شَجَرًا، أَوْ حَجَرًا، لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ، وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ، يَحْتَاجُ لِمَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِ، فَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ فِعْلِ السُّفَهَاءِ وَالْمَجَانِينَ؟
فَكَيْفَ يَجْعَلُ مِثْلَ هَذَا عَظِيمًا؟ أَمْ كَيْفَ يُفَضِّلُ عَلَى خَاتَمِ الرُّسُلِ وَسَيِّدِ وَلَدِ
آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَلَكِنِ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يَعْقِلُونَ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28791حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَفْضِيلِ اللَّهِ بَعْضِ الْعِبَادِ عَلَى بَعْضٍ فِي الدُّنْيَا nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا أَيْ: لِيُسَخِّرَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، فِي الْأَعْمَالِ وَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ.
فَلَوْ تَسَاوَى النَّاسُ فِي الْغِنَى، وَلَمْ يَحْتَجْ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، لَتَعَطَّلَتْ كَثِيرٌ مِنْ مَصَالِحِهِمْ وَمَنَافِعِهِمْ.
وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29485نِعْمَتَهُ الدِّينِيَّةَ خَيْرٌ مِنَ النِّعْمَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=58قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ