الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( والنجس ما استثنى )

                                                                                                                            ش : لما فرغ من بيان الطاهر شرع يبين النجس فقال والنجس ما استثنى أي بأداة الاستثناء كقوله إلا محرم الأكل وما بعده ، أو بأداة الشرط ليدخل فيه مفهوم قوله إن جزت فالمستثنيات ثمانية وهي قوله إلا محرم الأكل وقوله إن جزت وقوله إلا المسكر وقوله إلا المذر والخارج بعد الموت وقوله إلا الميت وقوله إلا المتغذي بنجس وقوله إلا المتغير عن الطعام وقوله والنجس بفتح الجيم ; لأن المراد به عين النجاسة .

                                                                                                                            ص ( وميت غير ما ذكر ) أي ومن النجس ميت غير الذي تقدم ذكره ، والذي تقدم هو ميت ما لا دم له وميت البحر والمراد هنا ما مات حتف أنفه ، أو حصلت فيه ذكاة غير شرعية كالذي يذكيه المجوسي وعابد الوثن والكتابي لصنمه ، أو المسلم إذا لم يذكر اسم الله عليه متعمدا .

                                                                                                                            قال صاحب الجمع عن ابن هارون فإن حكم هذه حكم الميتة في هذا كله ، وكذلك ذبيحة المحرم والمرتد والمجنون والسكران قاله ابن فرحون وغيره وهو ظاهر ، وكذلك ما صاده الكافر من الحيوان البري .

                                                                                                                            ص ( ولو قملة )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة وغيره واختلف في الحيوان الذي يكون دمه منقولا كالبرغوث والقمل والبعوض على قولين فقيل ميتته طاهرة ، وقيل : نجسة ، وكذلك القراد والذباب كما صرح به صاحب الجمع عن ابن هارون وشهر المصنف وصاحب الشامل القول بنجاسة القملة لقول ابن عبد السلام في آخر صلاة الجماعة : المشهور أن لها نفسا سائلة ويفهم من اقتصار المصنف على القملة ترجيح القول بطهارة ما عداها ، وكذلك يفهم من كلام ابن عبد السلام في ذلك الموضع فإنه قال البرغوث ليس له نفس سائلة ، وأما القملة فالمشهور أن لها نفسا سائلة فيفهم منه ترجيح الفرق بين القملة والبرغوث ، وهذا القول حكاه في التوضيح عن بعضهم فقال ، ومنهم من قضى بنجاسة القملة لكونها من الإنسان بخلاف البرغوث ; لأنه من تراب ، ولأنه وثاب فيعسر الاحتراز منه انتهى .

                                                                                                                            ولا شك أن البعوض والذباب والبق مثل البرغوث فيما ذكر واقتصر في الجلاب على أن الذباب والبعوض مما ليس له نفس سائلة وجزم في التوضيح في الكلام على الميتات بأن الذباب لا نفس له سائلة فقال المراد بالنفس السائلة ما له دم ، وربما قالوا وليس بمنقول فإن الذباب مما لا نفس له سائلة ، وقد وجد فيه دم وعد في أواخر سماع أشهب من كتاب الصيد والذبائح الحكم فيما ليس له نفس سائلة ولا شك أن القراد مثله فتحصل من هذا أن ما كان دمه منقولا فإن الراجح فيه أنه مما ليس له نفس سائلة إلا القملة وذلك لا ينافي الحكم بنجاسة الدم المسفوح من الذباب وشبهه ، ألا ترى أنه يحكم بنجاسة المسفوح من السمك مع الاتفاق على طهارة ميتته ؟ والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية