الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              ( 37 ) باب الرخصة في ترك انتظار الإمام إذا أبطأ ، وأمر المأمومين أحدهم بالإمامة .

              1514 - أنا أبو طاهر نا أبو بكر نا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني نا المعتمر قال : سمعت حميدا قال : حدثني بكر عن حمزة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تخلف ، فتخلف معه المغيرة بن شعبة ، فذكر الحديث بطوله قال : قال : فانتهينا إلى الناس وقد صلى عبد الرحمن بن عوف ركعة ، فلما أحس بجيئة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب ليتأخر ، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صل ، فلما قضى عبد الرحمن الصلاة وسلم ، " قام النبي - صلى الله عليه وسلم - والمغيرة فأكملا ما سبقهما " .

              قال أبو بكر : هذه اللفظة قد يغلط فيها من لا يتدبر هذه المسألة ، ولا يفهم العلم والفقه ، زعم بعض من يقول بمذهب العراقيين أن ما أدرك مع الإمام آخر صلاته ، أن في هذه اللفظة دلالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمغيرة إنما قضيا الركعة الأولى ؛ لأن عبد الرحمن إنما سبقهما بالأولى ، لا بالثانية ، وكذلك ادعوا في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وما فاتكم فاقضوا " ، فزعموا أن فيه دلالة على أنه إنما يقضي أول صلاته لا آخرها ، وهذا التأويل من تدبر الفقه علم أن هذا التأويل خلاف قول أهل الصلاة جميعا ، إذ لو كان [ ص: 733 ] المصطفى - صلى الله عليه وسلم - والمغيرة بعد سلام عبد الرحمن بن عوف قضيا الركعة الأولى التي فاتتهما لكانا قد قضيا ركعة بلا جلسة ولا تشهد ، إذ الركعة التي فاتتهما وكانت أول صلاة عبد الرحمن بن عوف كانت ركعة بلا جلسة ، ولا تشهد ، وفي اتفاق أهل الصلاة أن المدرك مع الإمام ركعة من صلاة الفجر يقضي ركعة بجلسة وتشهد وسلام ، ما بان وصح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقض الركعة الأولى التي لا جلوس فيها ولا تشهد ولا سلام ، وإنه قضى الركعة الثانية التي فيها جلوس وتشهد وسلام ، ولو كان معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : " وما فاتكم فاقضوا " معناه : أن اقضوا ما فاتكم كما ادعاه من خالفنا في هذه المسألة كان على من فاتته ركعة من الصلاة مع الإمام أن يقضي ركعة بقيام وركوع وسجدتين بغير جلوس ولا تشهد ولا سلام ، وفي اتفاقهم معنا أنه يقضي ركعة بجلوس وتشهد ما بان وثبت أن الجلوس والتشهد والسلام من حكم الركعة الأخيرة ، لا من حكم الأولى ، فمن فهم العلم وعقله ، ولم يكابر علم أن لا تشهد ولا جلوس للتشهد ، ولا سلام في الركعة الأولى من الصلاة " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية