الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        ينبغي أن يسجد عقب قراءة آية سجدة ، أو استماعها . فإن أخر ، وقصر الفصل ، سجد . وإن طال ، فاتت . وهل تقضى ؟ قولان . حكاهما صاحب ( التقريب ) أظهرهما - وبه قطع الصيدلاني ، وآخرون : لا تقضى ، لأنها لعارض ، فأشبهت صلاة الكسوف . وضبط طول الفصل ، يؤخذ مما تقدم في سجود السهو . ولو كان القارئ ، أو المستمع ، محدثا عند التلاوة فإن تطهر على قرب ، سجد . وإلا فالقضاء على الخلاف . ولو كان يصلي ، فقرأ قارئ آية سجدة ، فإذا فرغ من صلاته ، هل يقضي سجود التلاوة ؟ المذهب : أنه لا يقضيه ، وبه قطع الشاشي وغيره ، واختاره إمام الحرمين ، لأن قراءة غير إمامه ، لا تقتضي سجوده . وإذا لم نجز ما يقتضي السجود أداء ، فالقضاء بعيد . وقال صاحب ( التقريب ) : وفيه القولان المتقدمان . وقال صاحب ( التهذيب ) : يحسن أن يقضي ولا يتأكد ، كما يجيب المؤذن إذا فرغ من الصلاة .

                                                                                                                                                                        قلت : إذا قرأ السجدة في الصلاة قبل الفاتحة ، سجد ، بخلاف ما لو قرأها في الركوع ، أو السجود ، فإنه لا يسجد . ولو قرأ السجدة ، فهوى ليسجد ، فشك ، هل قرأ الفاتحة ؟ فإنه يسجد للتلاوة ، ثم يعود إلى القيام ، فيقرأ الفاتحة . ولو قرأ خارج الصلاة السجدة بالفارسية ، لا يسجد عندنا . وإذا سجد المستمع مع القارئ ، لا يرتبط به ، ولا ينوي الاقتداء به ، وله الرفع من السجود قبله . ولو أراد أن يقرأ آية ، أو آيتين فيهما سجدة ، ليسجد ، فلم أر فيه كلاما لأصحابنا . وفي كراهته خلاف للسلف ، أوضحته في كتاب ( آداب القرآن ) .

                                                                                                                                                                        [ ص: 324 ] ومقتضى مذهبنا : أنه إن كان في غير الوقت المنهي عن الصلاة فيه ، وفي غير الصلاة ، لم يكره . وإن كان في الصلاة ، أو في وقت كراهتها ، ففيه الوجهان فيمن دخل المسجد في هذه الأوقات لا لغرض سوى صلاة التحية . والأصح : أنه يكره له الصلاة . هذا إذا لم يتعلق بالقراءة المذكورة غرض سوى السجود ، فإن تعلق ، فلا كراهة مطلقا قطعا ، ولو قرأ آية سجدة في الصلاة ، فلم يسجد ، وسلم ، يستحب أن يسجد ما لم يطل الفصل . فإن طال ، ففيه الخلاف المتقدم . ولو سجد للتلاوة قبل بلوغ السجدة ولو بحرف ، لم يصح سجوده . ولو قرأ بعد السجدة آيات ، ثم سجد جاز ما لم يطل الفصل . ولو قرأ سجدة ، فسجد ، فقرأ في سجوده سجدة أخرى ، لا يسجد ثانيا على الصحيح المعروف . وفيه وجه شاذ : حكاه في ( البحر ) أنه يسجد . قال صاحب ( البحر ) : إذا قرأ الإمام السجدة في صلاة سرية ، استحب تأخير السجود إلى فراغه من الصلاة . قال : وقد استحب أصحابنا للخطيب إذا قرأ سجدة ، أن يترك السجود لما فيه من كلفة النزول عن المنبر والصعود . قال : ولو قرأ السجدة في صلاة الجنازة ، لم يسجد فيها . وهل يسجد بعد الفراغ ؟ وجهان . أصحهما : لا يسجد . وأصلهما أن القراءة التي لا تشرع ، هل يسجد لتلاوتها ؟ وجهان . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية