الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " ربكم أعلم بكم " فيمن خوطب بهذا قولان:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنهم المؤمنون . ثم في معنى الكلام قولان: أحدهما: " إن يشأ يرحمكم " فينجيكم من أهل مكة، " و إن يشأ يعذبكم " فيسلطهم عليكم، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني: إن يشأ يرحمكم بالتوبة، أو يعذبكم بالإقامة على الذنوب، قاله الحسن . [ ص: 48 ]

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنهم المشركون . ثم في معنى الكلام قولان: أحدهما: إن يشأ يرحمكم فيهديكم للإيمان، أو إن يشأ يعذبكم فيميتكم على الكفر، قاله مقاتل . والثاني: أنه لما نزل القحط بالمشركين، فقالوا: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون [ الدخان: 12 ]، قال الله تعالى: " ربكم أعلم بكم " من الذي يؤمن، ومن الذي لا يؤمن، " إن يشأ يرحمكم " فيكشف القحط عنكم، " أو إن يشأ يعذبكم " فيتركه عليكم، ذكره أبو سليمان الدمشقي . قال ابن الأنباري: و " أو " هاهنا دخلت لسعة الأمرين عند الله تعالى، وأنه لا يرد عنهما، فكانت ملحقة بـ( أو ) المبيحة في قولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين، يعنون: قد وسعنا لك الأمر .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: " وما أرسلناك عليهم وكيلا " فيه ثلاثة أقوال:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: كفيلا تؤخذ بهم، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني: حافظا وربا، قاله الفراء . والثالث: كفيلا بهدايتهم وقادرا على إصلاح قلوبهم، ذكره ابن الأنباري، وذهب بعض المفسرين إلى أن هذا منسوخ بآية السيف .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية