الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وأما بيان nindex.php?page=treesubj&link=12375_12376_12374_12373_12372ما يسقط اللعان بعد وجوبه وبيان حكمه إذا سقط أو لم يجب أصلا فنقول وبالله التوفيق : كل ما يمنع وجوب اللعان إذا اعترض بعد وجوبه يسقط كما إذا جنا بعد القذف أو جن أحدهما ، أو ارتدا أو ارتد أحدهما ، أو خرسا أو خرس أحدهما ، أو قذف أحدهما إنسانا فحد حد القذف أو وطئت المرأة وطئا حراما فلا يجب عليه الحد وكذا إذا nindex.php?page=treesubj&link=12377أبانها بعد القذف فلا حد ولا لعان أما عدم وجوب الحد فلأن القذف أوجب اللعان فلا يوجب الحد .
وأما عدم وجوب اللعان فلزوال الزوجية وقيام الزوجية شرط جريان حد اللعان ; لأن الله سبحانه [ ص: 244 ] وتعالى خص اللعان بالأزواج ولو nindex.php?page=treesubj&link=12229طلقها طلاقا رجعيا لا يسقط اللعان ; لأن الطلاق الرجعي لا يبطل الزوجية .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=12377قال لها : يا زانية أنت طالق ثلاثا فلا حد ولا لعان ; لأن قوله يا زانية أوجب اللعان لا الحد ; لأنه قذف الزوجة ولما قال : أنت طالق ثلاثا فقد أبطل الزوجية ، واللعان لا يجري في غير الأزواج ولو nindex.php?page=treesubj&link=12230_10519_12378قال لها : أنت طالق ثلاثا يا زانية يجب الحد ولا يجب اللعان ; لأنه قذفها بعد الإبانة وهي أجنبية بعد الإبانة وقذف الأجنبية يوجب الحد لا اللعان ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=12379أكذب الزوج نفسه سقط اللعان لتعذر الإتيان به إذ من المحال أن يؤمر أن يشهد بالله إنه لمن الصادقين وهو يقول إنه كاذب ، ويجب الحد لما نذكر في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=12380أكذبت المرأة نفسها في الإنكار وصدقت الزوج في القذف سقط اللعان لما قلنا ولا حد لما نذكر إن شاء الله تعالى nindex.php?page=treesubj&link=12379_24955_12382ولو لم ينعقد القذف موجبا للعان أصلا لفوات شرط من شرائط الوجوب فهل يجب الحد ؟ فمشايخنا أصلوا في ذلك أصلا فقالوا : إن كان عدم وجوب اللعان أو سقوطه بعد الوجوب لمعنى من جانبها فلا حدود ولا لعان ، وإن كان القذف صحيحا وإن كان لمعنى من جانبه فإن لم يكن القذف صحيحا فكذلك وإن كان صحيحا يحد وعلى هذا الأصل خرجوا جنس هذه المسائل ، فقالوا : إذا أكذب نفسه يحد ; لأن سقوط اللعان لمعنى من جانبه وهو إكذابه نفسه والقذف صحيح ; لأنه قذف عاقل بالغ فيجب الحد ، ولو أكذبت نفسها في الإنكار وصدقت الزوج في القذف فلا حد ولا لعان وإن كانت على صفة الالتعان ; لأن سقوط اللعان لمعنى من جانبها وهو إكذابها نفسها ولو nindex.php?page=treesubj&link=12382_12248_12237_12247كانت المرأة على صفة الالتعان والزوج عبد أو كافر أو محدود في قذف فعليه الحد ; لأن قذفها صحيح وإنما سقط اللعان لمعنى من جهته وهو أنه على صفة لا يصح منه اللعان ولو كان الزوج صبيا أو مجنونا فلا حد ولا لعان وإن كانت المرأة على صفة الالتعان ; لأن قذف الصبي والمجنون ليس بصحيح ولو كان الزوج حرا عاقلا بالغا مسلما غير محدود في قذف والزوجة لا بصفة الالتعان بأن كانت كافرة أو مملوكة أو صبية أو مجنونة أو زانية فلا حد على الزوج ولا لعان ; لأن قذفها ليس بقذف صحيح .
ألا ترى أن أجنبيا لو قذفها لا يحد ولو nindex.php?page=treesubj&link=10503_12248_12246_12241_12236_24955_12375كانت المرأة مسلمة حرة عاقلة عفيفة إلا أنها محدودة في القذف فلا حد ولا لعان ; لأن القذف وإن كان صحيحا لكن سقوط اللعان لمعنى من جانبها وهو أنها ليست من أهل الشهادة فلا يجب اللعان ولا الحد كما لو صدقته وإن كان كل واحد من الزوجين محدودا في قذف فقذفها فعليه الحد ; لأن القذف صحيح وسقوط اللعان لمعنى في الزوج ولا يقال : إنه سقط لمعنى في المرأة بدليل أن الزوج لو لم يكن محدودا والمرأة محدودة لا يجب اللعان لاعتبار جانبها .
وإن كان السقوط لمعنى من جانبها فينبغي أن لا يجب اللعان ولا الحد ; لأنا نقول : القذف الصحيح إنما تعتبر فيه صفات المرأة إذا كان الزوج من أهل اللعان ، فأما إذا لم يكن من أهل اللعان لا تعتبر وإنما تعتبر صفات الزوج فيعتبر المانع بما فيه لا بما فيها فكان سقوط اللعان لمعنى في الزوج بعد صحة القذف فيحد والله عز وجل أعلم .