الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن حبس في حش ولم يقدر أن يتجنب النجاسة في قعوده وسجوده تجافى عن النجاسة وتجنبها في قعوده ، وأومأ في السجود إلى الحد الذي لو زاد عليه لاقى النجاسة ، ولا يسجد على الأرض ; لأن الصلاة قد تجزئ مع الإيماء ولا تجزئ مع النجاسة ، وإذا قدر ففيه قولان ، قال في القديم : لا يعيد ; لأنه صلى على حسب حاله فهو كالمريض ، وقال في الإملاء : يعيد ; لأنه ترك الفرض لعذر نادر غير متصل فلم يسقط الفرض عنه ، كما لو ترك السجود ناسيا ، وإذا أعاد ففي الفرض أقوال . قال في الأم : الفرض هو الثاني ; لأن الفرض به يسقط . وقال في القديم : الفرض هو الأول ; لأن الإعادة مستحبة غير واجبة في القديم . وقال في الإملاء : الجميع فرض لأن الجميع يجب فعله فكان الجميع فرضا ، وخرج أبو إسحاق قولا رابعا إن الله تعالى يحتسب له بأيهما شاء ، قياسا على ما قال في القديم فيمن صلى الظهر ثم سعى إلى الجمعة فصلاها أن الله تعالى يحتسب له بما شاء ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قد سبق أن الحش بفتح الحاء وضمها هو الخلاء ، فإذا حبس إنسان في موضع نجس وجب عليه أن يصلي . هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إلا أبا حنيفة فقال : لا يجب أن يصلي فيه ، دليلنا حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم } رواه البخاري ومسلم . وقياسا على المريض العاجز عن بعض الأركان ، وإذا صلى يجب عليه أن يتجافى عن النجاسة بيديه وركبتيه وغيرهما القدر الممكن ، ويجب أن ينحني للسجود إلى القدر الذي لو زاد عليه لاقى النجاسة ، ولا يجوز أن يضع جبهته على الأرض . هذا هو الصحيح وحكى صاحب البيان وجها أنه يلزمه أن يضع جبهته على الأرض ، وليس بشيء ، ودليله ما ذكره المصنف . فإذا صلى كما أمرناه فينبغي أن يعيد الصلاة إذا خرج إلى موضع طاهر . وهذه الإعادة واجبة على الجديد الأصح ومستحبة على القديم ، فإذا أعاد فهل الفرض الأولى أم الثانية أم كلاهما ؟ وإحداهما [ ص: 162 ] مبهمة ؟ فيه أربعة أقوال كما ذكره المصنف ( أصحها ) عند جمهور الأصحاب أن الفرض ، الثانية ، وادعى الشيخ أبو حامد الاتفاق عليه ، واختار ابن الصباغ أن الفرض كلاهما ، وهو قوي ; لأنه مطالب بهما ، وقد سبق بيان هذه الأقوال ونظائرها فيمن لم يجد ماء ولا ترابا ، وذكرنا في آخر التيمم فرعا جامعا للصلوات المفعولات على نوع خلل ، وما يجب قضاؤه منها ، وما لا يجب ، واستوفيناه استيفاء بليغا ولله الحمد ، وقوله : لأن الصلاة قد تجزئ مع الإيماء ، إنما قال : قد تجزئ لأنها في بعض المواضع تجزئ كصلاة شدة الخوف وصلاة المريض وفي بعضها لا تجزي كصلاة من ربط على خشبة ونحوه ، سبق بيانه في باب التيمم . .




                                      الخدمات العلمية