[ ص: 147 ] القول في تأويل قوله عز ذكره (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_33679_29687nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا )
قال
أبو جعفر : يقول جل ثناؤه ، لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا
محمد ، للنصارى الذين افتروا علي ، وضلوا عن سواء السبيل بقيلهم : إن الله هو
المسيح ابن مريم : "من يملك من الله شيئا" ، يقول : من الذي يطيق أن يدفع من أمر الله جل وعز شيئا ، فيرده إذا قضاه .
من قول القائل : "ملكت على فلان أمره" ، إذا صار لا يقدر أن ينفذ أمرا إلا به .
وقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا " ، يقول : من ذا الذي يقدر أن يرد من أمر الله شيئا ، إن شاء أن يهلك
المسيح ابن مريم ، بإعدامه من الأرض وإعدام أمه
مريم ، وإعدام جميع من في الأرض من الخلق جميعا .
يقول جل ثناؤه لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء الجهلة من
النصارى : لو كان
المسيح كما تزعمون أنه هو الله ، وليس كذلك لقدر أن يرد أمر الله إذا جاءه بإهلاكه وإهلاك أمه . وقد أهلك أمه فلم يقدر على دفع أمره فيها إذ نزل ذلك . ففي ذلك لكم معتبر إن اعتبرتم ، وحجة عليكم إن عقلتم : في أن
المسيح ، بشر كسائر بني آدم ، وأن الله عز وجل هو الذي لا يغلب ولا يقهر ولا يرد له
[ ص: 148 ] أمر ، بل هو الحي الدائم القيوم الذي يحيي ويميت ، وينشئ ويفني ، وهو حي لا يموت .
[ ص: 147 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_33679_29687nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ ، لِلنَّصَارَى الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَيَّ ، وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ بِقِيلِهِمْ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ : "مَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا" ، يَقُولُ : مَنِ الَّذِي يُطِيقُ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ شَيْئًا ، فَيَرُدُّهُ إِذَا قَضَاهُ .
مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : "مَلَكْتُ عَلَى فُلَانٍ أَمْرَهُ" ، إِذَا صَارَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُنَفِّذَ أَمْرًا إِلَّا بِهِ .
وَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا " ، يَقُولُ : مَنْ ذَا الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يَرُدَّ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ شَيْئًا ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُهْلِكَ
الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ، بِإِعْدَامِهِ مِنَ الْأَرْضِ وَإِعْدَامِ أُمِّهِ
مَرْيَمَ ، وَإِعْدَامِ جَمِيعِ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْخَلْقِ جَمِيعًا .
يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْجَهَلَةِ مِنَ
النَّصَارَى : لَوْ كَانَ
الْمَسِيحُ كَمَا تَزْعُمُونَ أَنَّهُ هُوَ اللَّهُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَقَدَرَ أَنْ يَرُدَّ أَمْرَ اللَّهِ إِذَا جَاءَهُ بِإِهْلَاكِهِ وَإِهْلَاكِ أُمِّهِ . وَقَدْ أَهْلَكَ أُمَّهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِ أَمْرِهِ فِيهَا إِذْ نَزَلَ ذَلِكَ . فَفِي ذَلِكَ لَكُمْ مُعْتَبَرٌ إِنِ اعْتَبَرْتُمْ ، وَحُجَّةٌ عَلَيْكُمْ إِنْ عَقَلْتُمْ : فِي أَنَّ
الْمَسِيحَ ، بَشَرٌ كَسَائِرِ بَنِي آدَمَ ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي لَا يُغْلَبُ وَلَا يُقْهَرُ وَلَا يُرَدُّ لَهُ
[ ص: 148 ] أَمْرٌ ، بَلْ هُوَ الْحَيُّ الدَّائِمُ الْقَيُّومُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَيُنْشِئُ وَيُفْنِي ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ .