الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن حال ما ) أي بناء ( يمنع المرور لا الرؤية ) كالشباك ، والباب المردود ( فوجهان ) أصحهما في المجموع وغيره البطلان وقوله الآتي ، والشباك يفهم ذلك فلذا لم يصرح هنا بتصحيحه وبحث الإسنوي أن هذا في غير شباك بجدار المسجد وإلا كالمدارس التي بجدار المساجد الثلاثة صحت صلاة الواقف فيها ؛ لأن جدار المسجد منه ، والحيلولة فيه لا تضر رده جمع ، وإن انتصر له آخرون بأن شرط الأبنية في المسجد تنافذ أبوابها على ما مر فغاية جدار المسجد أن يكون كبناء فيه فالصواب أنه لا بد من وجود باب [ ص: 319 ] أو خوخة فيه يستطرق منه إليه من غير أن يزور كما مر في غير المسجد ويظهر أن المدار على الاستطراق العادي ( أو ) حال ( جدار ) ومنه أن يقف في صفة شرقية أو غربية من مدرسة بحيث لا يرى الواقف في أحدهما الإمام م ولا أحدا خلفه أو باب مغلق ابتداء ( بطلت ) القدوة أي لم تنعقد ( باتفاق الطريقين ) أو دواما وعلم بانتقالات الإمام ولم يكن بفعله ولا أمكنه فتحه لم يضر على الأوجه ؛ لأن حكم الدوام أقوى مع عدم نسبته لتقصير بعدم إحكام فتحه أولا إذ تكليفه بذلك مع مشقته وعدم دليل يصرح به بعيد ( قلت الطريق الثاني أصح ) ؛ لأن المشاهدة قاضية بأن العرف يوافقها و ادعاء أولئك موافقة ما قالوه للعرف لعله باعتبار عرفهم الخاص وهو لا نظر إليه إذا عارضه العرف العام ( والله أعلم ، وإذا صح اقتداؤه في بناء ) آخر غير بناء الإمام للاتصال على الأولى أو مطلقا على الثانية ( صح اقتداء من خلفه ، وإن حال جدار ) أو جدر ( بينه وبين الإمام ) اكتفاء بهذا الرابط ومر أنه لمن خلفه كالإمام في التقدم عليه موقفا وإحراما نعم لا يضر بطلان صلاته في الأثناء لأن الدوام ( أقوى نظير ما مر في الباب و ) من تفاريع الطريقة الأولى خلافا لجمع أنه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 319 ] قوله : أو دواما وعلم إلخ ) في شرح الروض عن فتاوى البغوي ولو رد الريح الباب في أثناء الصلاة ، فإن أمكنه فتحه حالا فتحه ودام على المتابعة وإلا فارقه ثم فرق بينه وبين زوال الرابطة بأنه مقصر بعدم أحكامه فتح الباب وما نسبه لفتاوى البغوي هو ما نقله الأذرعي عنها والذي نقله الإسنوي عنها أنه لو كان الباب مفتوحا وقت الإحرام فرده الريح في أثناء الصلاة لم يضر أي مطلقا ، وهذا أوجه كنظائره ولعل إفتاء البغوي تعدد واختلف لو بنى بين الإمام والمأموم حائل لم يضر كما رجحه ابن العماد والأذرعي أخذا بعموم القاعدة السابقة وظاهر مما مر أن محله ما لم يكن البناء بأمره ش م ر ( قوله : نعم لا يضر بطلان صلاته في الأثناء ) [ ص: 320 ] يمكن أن يكون في حيز ومر ؛ لأن قوله السابق ولا يضر زوال هذه الرابطة إلخ يفيد هذا بل قد يشمله .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : والباب المردود ) ليس مثالا لما يمنع المرور لا الرؤية ، وإن أوهمه كلامه إذ هو عكس ذلك ولكنه ملحق به في الحكم ، والأولى أن يقول ويلحق به الباب المردود كما صنع الجلال رشيدي و ع ش عبارة البصري ليتأمل تمثيله لما لا يمنع الرؤية بالباب المردود مع تصريحه فيما يأتي في شرح قول المصنف وكذا الباب المردود إلخ بأنه يمنع المشاهدة وهذا الثاني هو الذي يظهر ثم رأيت في المغني ما نصه ، فإنحال ما يمنع المرور لا الرؤية كالشباك أو يمنع الرؤية لا المرور كالباب المردود فوجهان إلخ انتهى وهو كما ترى في غاية الحسن ، وأما صاحب النهاية فتبع الشارح فيما ذكر ا هـ قول المتن ( فوجهان ) .

                                                                                                                              ( فائدة ) ليس في المتن ذكر خلاف بلا ترجيح سوى هذا وقوله في النفقات ، والوارثان يستويان أم يوزع بحسبه وجهان ولا ثالث لهما فيه إلا ما كان مفرعا على ضعيف كالأقوال المفرعة على البينتين المتعارضتين هل يقرع أم يقسم أقوال بلا ترجيح فيها مغني ونهاية ( قوله : أن هذا ) أي البطلان ( قوله : كالمدارس إلخ ) أي كشبابيكها ( قوله : بجدر المساجد الثلاثة ) أي مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد القدس ( قوله : صلاة الواقف فيها ) أي في الجدر ( قوله : والحيلولة فيه ) أي في المسجد ( قوله : رده جمع إلخ ) هذا الرد هو المعتمد وقد أفرد الكلام عليه السيد السمهودي بالتأليف وأطال في بيانه وفي فتاوى السيد عمر البصري كلام طويل فيه حاصله أنه يجوز تقليد القائل بالجواز مع ضعفه فيصلي بالشبابيك التي بجدار المسجد الحرام وكذلك مسجد المدينة وغيره ا هـ كردي وقوله يجوز تقليد القائل إلخ أي كما يفيده تعبيرهم هنا بالأصح دون الصحيح

                                                                                                                              ( قوله : بأن إلخ ) متعلق برده إلخ ( قوله : كما مر ) أي في شرح وإذا جمعهما مسجد صح الاقتداء إلخ ( قوله : كبناء فيه ) أي في المسجد ( قوله من غير أن يزور كما مر في غير المسجد إلخ ) وواضح أن محله إن لم يمكن الاستطراق من الباب إلى الشباك إلا بعد الخروج عن سمت الجدار أما لو كان الاستطراق إلى الشباك في نفس الجدار بحيث لا يخرج عن سمته فينبغي أن يصح مطلقا كبقية أبنية المسجد فتدبر بصري عبارة ع ش في مسألة أبي قبيس الآتية نصها قوله لا يلتفت عن جهة القبلة إلخ هذا قد يؤخذ منه أن مسألة الإسنوي التي حكم الحصني عليه بالسهو فيها شرطها أن يكون بحيث لو أراد الذهاب إلى الإمام من باب المسجد احتاج إلى استدبار القبلة ولا يضر احتياجه إلى التيامن ، والتياسر فليتأمل فيه جدا سم على المنهج ويؤخذ من [ ص: 319 ] قوله ولا يضر احتياجه إلخ أنه لو كان يمكنه الوصول إلى الإمام من غير استدبار القبلة لكن يحتاج فيه إلى انحراف كأن احتاج في مروره لتعدية جدار قصير كالعتبة لم يضر ذلك ؛ لأنه لا يصدق عليه أنه استدبر القبلة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو خوخة إلخ ) يفيد أن قصر الباب المحوج إلى استطراق الرأس وانحناء الظهر قليلا لا يضر ، وأما ما يبلغ إلى هيئة الراكع ففيه تردد ( قوله : كما مر ) أي آنفا ( قوله : ومنه ) أي من هذا القسم ( قوله : أو باب إلخ ) معطوف على جدار في المتن و ( قوله : ابتداء ) متعلق بحال ( قوله : أو دواما إلخ ) فلو بني بين الإمام ، والمأموم حائل لم يضر كما رجحه ابن العماد والأذرعي أخذا بعموم القاعدة السابقة أي أنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء وظاهر مما مر أن محله ما لم يكن البناء بأمره أي المأموم نهاية ( قوله : ولا أمكنه فتحه ) الأولى ، وإن لم يمكنه فتحه عبارة النهاية والمغني قال البغوي في فتاويه ولو رد الريح الباب في أثناء الصلاة ، فإن تمكن من فتحه فعل ذلك حالا ودام على متابعته وإلا فارقه كذا نقل الأذرعي عنها ذلك ونقل الإسنوي عن فتاويه أنه لو كان الباب مفتوحا وقت الإحرام فرده الريح في أثناء الصلاة لم يضر انتهى ولعل إفتاء البغوي تعدد ، والثاني أوجه كنظائره . ا هـ . وأقره سم قال ع ش قوله م ر ، والثاني أي عدم الضرر أوجه هو المعتمد ومحله حيث علم بانتقالات الإمام كما هو ظاهر وظاهره ، وإن لم يتمكن من فتحه ؛ لأن رد الباب ليس من فعله وقوله م ر كنظائره منها ما لو رفع السلم الذي يتوصل به إلى الإمام في أثناء الصلاة . ا هـ . ع ش

                                                                                                                              قول المتن ( قلت الطريق الثاني إلخ ) وهذا ما عليه معظم العراقيين ، والأولى طريقة المراوزة مغني قول المتن ( من خلفه ) أي أو بجنبه مغني ونهاية ( قوله : لمن خلفه ) أي أو بجنبه مغني ( قوله : نعم لا يضر إلخ ) يمكن أن يكون في حيز ومر ؛ لأن قوله السابق ولا يضر زوال هذه الرابطة إلخ يفيد هذا بل يشمله سم ولكن يمنع الدخول في حيز ومر قوله الآتي نظير ما مر إلخ وعبارة البصري هو ما مر فما وجه استدراكه فالأولى إسقاطه أو التغيير بأن يقال وأنه لا يضر إلخ فليتأمل . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ومن تفاريع الطريقة الأولى إلخ ) أي وكلام المصنف يوهم أن اشتراط المحاذاة يأتي على الطريقين معا ، فإنه ذكره مجزوما به بعد استيفاء ذكر الطريقين وليس مرادا فلو ذكر ذلك في أثناء الطريقة الأولى لاستراح من هذا الإيهام مغني ونهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية