الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن كان بحضرة البيت لزمه التوجه إلى عينه لما روى أسامة بن زيد رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت ولم يصل ، وخرج وركع ركعتين قبل الكعبة وقال : هذه القبلة . } )

                                      [ ص: 195 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 195 ] الشرح ) حديث أسامة رواه البخاري ومسلم من رواية أسامة ، ومن رواية ابن عباس . وقوله : قبل الكعبة هو بضم القاف والباء ، ويجوز إسكان الباء ، قيل : معناه ما استقبلك منها ، وقيل : مقابلها ، وفي رواية ابن عمر في الصحيح في هذا الحديث { فصلى ركعتين في وجه الكعبة } وهذا هو المراد بقبلها ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " هذه القبلة " قال الخطابي معناه أن أمر القبلة قد استقر على هذا البيت فلا ينسخ بعد اليوم فصلوا إليه أبدا فهو قبلتكم ، قال : ويحتمل أنه علمهم سنة موقف الإمام وأنه يقف في وجهها دون أركانها ، وإن كانت الصلاة في جميع جهاتها مجزئة ، هذا كلام الخطابي ويحتمل معنى ثالثا وهو أن معناه هذه الكعبة هي المسجد الحرام الذي أمرتم باستقباله لا كل الحرم ولا مكة ولا المسجد الذي حول الكعبة ، بل هي الكعبة نفسها فقط ، والله أعلم .

                                      وقوله ( دخل البيت ولم يصل ) قد روى بلال " أنه صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة " رواه البخاري ومسلم ، وأخذ العلماء برواية بلال ; لأنها زيادة ثقة ; ولأنه مثبت فقدم على النافي ، ومعنى قول أسامة لم يصل ، لم أره صلى ، وسبب قوله أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وبلال وأسامة وعثمان بن شيبة وأغلق الباب وصلى ، فلم يره أسامة لإغلاق الباب ، ولاشتغاله بالدعاء والخضوع . وقوله " بحضرة البيت " يجوز فتح الحاء وضمها وكسرها ثلاث لغات مشهورات .

                                      ( أما حكم المسألة ) فإن كان بحضرة الكعبة لزمه التوجه إلى عينها لتمكنه منه وله أن يستقبل أي جهة منها أراد ، فلو وقف عند طرف ركن - وبعضه يحاذيه وبعضه يخرج عنه - ففي صحة صلاته وجهان ( أصحهما ) لا تصح قال الإمام : وبه قطع الصيدلاني ; لأنه لم يستقبلها كله ، ولو استقبل الحجر بكسر الحاء ولم يستقبل الكعبة فوجهان مشهوران حكاهما صاحب الحاوي والبحر وآخرون ( أحدهما ) تصح صلاته ; لأنه من البيت للحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { الحجر من البيت } رواه مسلم ، وفي رواية { ست أذرع من الحجر من البيت } ولأنه لو طاف فيه لم يصح طوافه ، وأصحهما بالاتفاق : لا تصح صلاته ; لأن كونه من البيت مظنون غير [ ص: 196 ] مقطوع به ، ولو وقف الإمام بقرب الكعبة والمأمومون خلفه مستديرين بالكعبة جاز ، ولو وقفوا في آخر المسجد وامتد صف طويل جاز ، وإن وقف بقربه وامتد الصف فصلاة الخارجين عن محاذاة الكعبة باطلة .




                                      الخدمات العلمية