الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء


              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أحمد بن عمرو ، ثنا عبد الرحمن بن عمر قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : حدثني عبد الواحد بن زياد قال : قلت لزفر بن الهذيل : عطلتم حدود الله كلها ، فقلنا : ما حجتكم في ذلك ؟ فقلتم : " ادرءوا الحدود بالشبهات " ، حتى إذا صرتم إلى أعظم الحدود ; قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يقتل مؤمن بكافر " فلم قلتم : يقتل مؤمن بكافر ، ففعلتم ما نهيتم عنه ، وتركتم ما أمرتم به ، هذا ونحوه من الكلام .

              قال : وسمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : " دخلت على محمد بن الحسن صاحب الرأي ، فرأيت عنده كتابا موضوعا فأخذته ونظرت فيه ، فإذا هو قد أخطأ ، وقاس على الخطأ فقلت : ما هذا ؟ " فقال : حديث أبي خلدة ، عن أبي العالية ، في الدود يخرج من الدبر ، وقد تأوله على غير تأويله ، وقاس عليه فقلت : " هذا ليس هكذا " قال : كيف هو ؟ " فأخبرته " ، فقال : صدقت . ودعا بمقراض فقرض من كتابه كذا وكذا ورقة .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أحمد بن عمرو ، ثنا عبد الرحمن بن عمر رسته قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، وذكر عنده أصحاب الرأي ، فقال : " ( ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ) " .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن يحيى بن منده قال : سمعت رسته ، يقول : قيل لعبد الرحمن بن مهدي : إن فلانا قد صنف كتابا في السنة ردا على [ ص: 11 ] فلان . فقال عبد الرحمن : " ردا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ؟ " قيل : بكلام . قال : " رد باطلا بباطل " .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم ، ثنا عبد الرحمن بن عمر قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، وسأل رجل فقال : يا أبا سعيد ، بلغني أنك قلت : مالك أعلم من أبي حنيفة قال : " ما قلت هذا ، ولكن أقول : كان أعلم من أستاذ أبي حنيفة - يعني حماد بن أبي سليمان - .

              قال : وسمعت عبد الرحمن بن مهدي ، وذكر أبو حنيفة ، فقال : " ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ) " .

              قال : وسمعت عبد الرحمن ، يقول : " ما كان يدري أبو حنيفة ما العلم " .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم ، ثنا عبد الرحمن بن عمر قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : " لولا أني أكره أن يعصى الله لتمنيت أن لا يبقى في هذا المصر أحد إلا وقع في واغتابني ، وأي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته يوم القيامة يعملها ، ولم يعلم بها ؟ " .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الرحمن بن محمد ، ثنا عبد الرحمن بن عمر قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : وأراد أن يبيع أرضا له - فقال الدلال : أعطيت بالجريب خمسين ومائتي دينار فيما أحفظ ، ولكن نظر إلى أرض خراب ونخل بادية العروق ، فلو كانت مسمدة رجوت أن أبيع الجريب بفضل خمسين دينارا ، وقد كثر أربعة آلاف دينار يكون مائة ألف درهم ، أذهب أنا وغلامك نسمدها ونبيعها ، ولعلك لا تنظر إليها ولا تراها . فغضب وقال : أربعة آلاف [ ص: 12 ] دينار ؟ أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم : ( لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله ياأولي الألباب ) لا ولا كذا وأظنه قال : ولا مائة ألف دينار .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الرحمن بن محمد ، ثنا عبد الرحمن بن عمر قال عبد الرحمن بن مهدي : كنت أجلس يوم الجمعة في مسجد الجامع فيجلس إلي الناس ، فإذا كانوا كثيرا فرحت ، وإذا قلوا حزنت ، فسألت بشر بن منصور فقال : هذا مجلس سوء لا تعد إليه قال : فما عدت إليه ، قال : سمعت عبد الرحمن يوما وقام المجلس وتبعه الناس ، فقال : " يا قوم ، لا تطئوا عقبي ، ولا تمشوا خلفي " . ووقف فقال : " حدثنا أبو الأشهب ، عن الحسن قال : قال عمر بن الخطاب : إن خفق النعال خلف الأحمق قل ما يبقى من دينه " . قال : وسمعت عبد الرحمن وحضرته ، فذكر له رجل من أهل المسجد من خزاعة ، كأنه وقع فيه أو ذكر أنه قال : أستجير الله في الأعمش ، فنال القوم منه . فإذا نحن بالرجل الذي ذكر قد أقبل ، فلما سلم عليه رحب به وقربه وأجلسه إلى جنبه ، وطلق إليه ، وصرف الناس عنه ، قلت له : أبا سعيد ، أما تعرف الرجل الذي أجلسته إلى جنبك هو الذي وقع فيك ونال منك ؟ فقال : بسم الله الرحمن الرحيم : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية