الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1747 - مسألة : ومن مات له موروث وهما كافران ، ثم أسلم الحي أخذ ميراثه على سنة الإسلام - ولا تقسم مواريث أهل الذمة إلا على قسم الله تعالى المواريث في القرآن .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : قول الله تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } .

                                                                                                                                                                                          وقوله تعالى : { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما } .

                                                                                                                                                                                          ولا أعجب ممن يدع حكم القرآن - وهو يقر أنه الحق ، وأنه حكم الله تعالى - ويحكم بحكم الكفر - وهو يقر أنه حكم الشيطان الرجيم ، وأنه الضلال المبين ، والذي لا يحل العمل به ؟ إن هذا لعجب عجيب .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال : أن زيد بن أسلم [ ص: 342 ] حدثه أن يهودية جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت : إن ابني هلك ، فزعمت اليهود أنه لا حق لي في ميراثه ؟ فدعاهم عمر فقال : ألا تعطون هذه حقها ؟ فقالوا : لا نجد لها حقا في كتابنا ؟ فقال : أفي التوراة ؟ قالوا : بلى ، في المثناة قال : وما المثناة ؟ قالوا : كتاب كتبه أقوام علماء حكماء ؟ فسبهم عمر وقال : اذهبوا فأعطوها حقها .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى حيان بن شريح : أن اجعل مواريث أهل الذمة على فرائض الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : مواريث أهل الذمة مقسومة على أحكام دينهم ، إلا أن يتحاكموا إلينا .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : تقسيم مواريث أهل الكتاب على حكم دينهم - سواء أسلم أحد الورثة قبل القسم أو لم يسلم - وأما غير أهل الكتاب فمن أسلم منهم من الورثة بعد القسمة فليس له غير ما أخذ ، ومن أسلم منهم قبل القسمة : قسم على حكم الإسلام - وقال الشافعي ، وأبو سليمان كقولنا .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : أما تقسيم مالك : ففي غاية الفساد ; لأنه لم يوجب الفرق الذي ذكر : قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا دليل ، ولا إجماع ، ولا قول صاحب ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه ، وما نعلمه عن أحد قبل مالك .

                                                                                                                                                                                          وأما قول أبي حنيفة وما وافقه فيه مالك : فقد ذكرنا إبطاله ، وما في الشنعة أعظم من تحكيم الكفر واليهود والنصارى على مسلم ؟ إن هذا لعجب ؟ وما عهدنا قولهم في حكم بين مسلم وذمي إلا أنه يحكم فيه ولا بد بحكم الإسلام إلا هاهنا ، فإنهم أوجبوا أن يحكم على المسلم بحكم الشيطان في دين اليهود والنصارى ، لا سيما إن أسلم الورثة كلهم ، فلعمري إن اقتسامهم ميراثهم بقول " دكريز القوطي " " وهلال اليهودي " لعجب ، نعوذ بالله منه ، على أنه قد جاء في هذا أثران يحتجون بأضعف منهما ، وبإسنادهما نفسه ، إذا وافق تقليدهم - وهو كما روينا من طريق أبي داود نا حجاج بن يعقوب نا موسى بن داود نا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم { كل قسم قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية وإن ما أدرك إسلام ولم يقسم فهو على قسم الإسلام } . [ ص: 343 ] ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال عمرو بن شعيب : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل ما قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية ، وأن ما أدرك الإسلام ، ولم يقسم فهو على قسمة الإسلام } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : محمد بن مسلم ضعيف ، والثاني مرسل ، ولا نعتمد عليهما ، إنما حجتنا ما ذكرنا قبل - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية