الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل في تعلم القرآن

ثبت في صحيح البخاري من حديث عثمان : خيركم من تعلم القرآن وعلمه ، وفي رواية " أفضلكم " ، وعن عبد الله يرفعه : إن القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبة الله ما استطعتم . رواه البيهقي .

وروي أيضا عن أبي العالية ، قال : تعلموا القرآن خمس آيات ، خمس آيات ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذه من جبريل عليه السلام خمسا خمسا . وفي رواية : من تعلمه خمسا خمسا لم ينسه .

قال أصحابنا رحمهم الله : تعليم القرآن فرض كفاية ، وكذلك حفظه واجب على الأمة ، صرح به الجرجاني في " الشافي " والعبادي وغيرهما . والمعنى فيه كما قاله [ ص: 89 ] الجويني ألا ينقطع عدد التواتر فيه ، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف ; فإن قام بذلك قوم سقط عن الباقين ، وإلا فالكل آثم . فإذا لم يكن في البلد أو القرية من يتلو القرآن أثموا بأسرهم ، ولو كان هناك جماعة يصلحون للتعليم وطلب من بعضهم وامتنع لم يأثم في الأصح ; كما قاله النووي في التبيان ، وهو نظير ما صححه في " كتاب السير " أن المفتي والمدرس لا يأثمان بالامتناع إذا كان هناك من يصلح غيره . وصورة المسألة فيما إذا كانت المصلحة لا تفوت بالتأخير ; فإن كانت تفوت لم يجز الامتناع ، كالمصلي يريد تعلم الفاتحة ، ولو رده لخرج الوقت بسبب ذهابه إلى الآخر ، ولضيق الوقت عن التعليم .

وينبغي تعليمه على التأليف المعهود ; فإنه توقيفي ; وقد ورد عن ابن مسعود : سئل عن الذي يقرأ القرآن منكوسا قال : ذاك منكوس القلب .

قال أبو عبيد : وجهه عندي أن يبتدئ من آخر القرآن من آخر المعوذتين ، ثم يرتفع إلى البقرة ; كنحو ما تفعل الصبيان في الكتاب ، لأن السنة خلاف هذا ، وإنما وردت الرخصة في تعليم الصبي والعجمي من المفصل لصعوبة السور الطوال عليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية