الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 167 ] فصل ومما نسخ رسمه واختلف في بقاء حكمه

" أخبرنا المبارك بن علي ، قال: أخبرنا أبو العباس بن قريش ، قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي ، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الوراق ، قال: أبنا ابن أبي داود ، قال: حدثنا عبد الله بن سعد ، قال: حدثني عمر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق ، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت: " لقد نزلت آية الرجم ورضعات الكبير عشرا ، وكانت في ورقة تحت سرير في بيتي ، فلما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشاغلنا بأمره ربيبة لنا فأكلتها ، تعني الشاة [ ص: 168 ] قال ابن أبي داود ، حدثنا أبو الطاهر ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرني مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت: " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخت بخمس رضعات معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي مما يقرأ من القرآن .

[ ص: 169 ] قلت: أما مقدار ما يحرم من الرضاع فعن أحمد بن حنبل - رحمه الله - فيه ثلاث روايات: إحداهن: رضعة واحدة ، وبه قال أبو حنيفة ومالك أخذا بظاهر القرآن في قوله: وأخواتكم من الرضاعة ، وتركا لذلك الحديث .

والثانية: ثلاث ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تحرم المصة والمصتان " .

والثالثة: خمس لما روينا في حديث عائشة ، وتأولوا قولها: وهي مما يقرأ من القرآن أن الإشارة إلى قوله: وأخواتكم من الرضاعة ، وقالوا: لو كان يقرأ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لنقل إلينا نقل المصحف ، ولو كان بقي من القرآن شيء لم ينقل لجاز أن يكون ما لم ينقل ناسخا لما نقل ، فذلك محال .

ومما نسخ خطه واختلف في حكمه ما روى مسلم في أفراده عن عائشة رضي الله عنها ، أنها أملت على كاتبها: " حافظوا على الصلوات [ ص: 170 ] والصلاة الوسطى ، وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " .

وقالت: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد اختلف الناس في الصلاة الوسطى على خمسة أقوال بعدد الصلوات الخمس ، وقد شرحنا ذلك في التفسير .

القسم الثالث: ما نسخ حكمه وبقي رسمه: وله وضعنا هذا الكتاب ونحن نذكره على ترتيب الآيات والسور ، ونذكر ما قيل [ ص: 171 ] ونبين صحة الصحيح وفساد الفاسد ، إن شاء الله تعالى وهو الموفق بفضله .

[ ص: 172 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية