[ ص: 922 ] 171 - فصل
[
nindex.php?page=treesubj&link=8120يتبع الولد أبويه إذا أسلما ] .
الجهة الثانية : إسلام الأبوين ، أو أحدهما ، فيتبعه الولد قبل البلوغ . والمجنون لا يتبع جده ، ولا جدته في الإسلام ، هذا مذهب
أحمد ،
وأبي حنيفة .
وقال
مالك : لا يتبع أمه في الإسلام ، بل تختص التبعية بالأب ؛ لأن النسب له والولاية على الطفل له ، وهو عصبة ، وقد قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) ، والذرية إنما تنسب إلى الأب ، وخالفه
ابن وهب فوافق الجمهور في تبعية الأب والأم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يتبع الأبوين ، وإن علوا سواء كانا وارثين ، أو لم يكونا وارثين ، قال أصحابه : فإذا أسلم الجد ، أو الأب ، أو أبو الأم تبعه الصبي إن لم يكن أبو الصبي حيا قطعا ، وإن كان حيا فعلى وجهين : الأصح أنه يتبعه .
قالوا : فإذا بلغ الصبي ، فإن أفصح بالإسلام تأكد ما حكمنا به ، وإن أفصح بالكفر فقولان : المشهور أنه مرتد ؛ لأنه سبق الحكم بإسلامه ، فأشبه الإسلام اختيارا ، وكما إذا حصل العلوق في حال الإسلام .
[ ص: 923 ] والثاني : أنه كافر أصلي ؛ لأنه محكوم بكفره أولا ، وأزيل تبعا ، فإذا استقل زالت التبعية .
والدليل على تبعيته لأمه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350452فأبواه يهودانه ، وينصرانه " ، وإنما أراد من وجد من أبويه ، فإذا تبع أحد الأبوين في كفره فلأن يتبعه في الإسلام بطريق الأولى .
وقولهم : إن الولاية ، والتعصيب للأب ، فتكون التبعية له دون الأم ، فيقال : ولاية التربية ، والحضانة والكفالة للأم دون الأب ، وإنما قوة ولاية الأب على الطفل في حفظ ماله ، وولاية الأم في التربية ، والحضانة أقوى : فتبعية الطفل لأمه في الإسلام إن لم تكن أقوى من تبعية الأب فهي مساوية له .
وأيضا ، فالولد جزء منها حقيقة ، ولهذا تبعها في الحرية ، والرق اتفاقا دون الأب ، فإذا أسلمت تبعها سائر أجزائها ، والولد جزء من أجزائها ، يوضحه أنها لو أسلمت وهي حامل به حكم بإسلام الطفل تبعا لإسلامها ؛ لأنه جزء من أجزائها ، فيمتنع بقاؤه على كفره مع الحكم بإسلام أمه .
172 فصل
[
nindex.php?page=treesubj&link=8120تبعية الطفل لجده وجدته ] .
وأما تبعيته لجده ، وجدته فالجمهور منعوا منه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي قال به طردا لأصله في إقامة الجد مقام الأب ، ولكن قد نقض هذا الأصل في عدة مواضع ، فلم يطرده في إسقاطه للإخوة ، ولا في توريث الأم معه ثلث الباقي إذا كان معها أحد الزوجين .
[ ص: 924 ] وقد ألزم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إسلام الخلق كلهم تبعا
لآدم ، فإنه لم يقتصر بذلك على الجد الأدنى ، ولا يغني الاعتذار بحياة الأب لوجهين :
أحدهما : أن كثيرا من الأطفال يموت آباؤهم مع إسلام أجدادهم .
والثاني : أن وجود الأب عندهم ليس بمانع من تبعية الطفل لجده في الإسلام في أصح الوجهين . لكن لا يلزم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هذا الإلزام ؛ لأنه إنما يحكم بتبعية الطفل جده في الإسلام إذا أسلم الجد ، والطفل موجود ، فأما إذا ولد الطفل كافرا بعد موت الجد فلا يحكم أحد بإسلامه ، وإلا كان كل ولد من أولاد الكفار يكون مسلما ، وهذا باطل قطعا .
[ ص: 922 ] 171 - فَصْلٌ
[
nindex.php?page=treesubj&link=8120يَتْبَعُ الْوَلَدُ أَبَوَيْهِ إِذَا أَسْلَمَاَ ] .
الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ : إِسْلَامُ الْأَبَوَيْنِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا ، فَيَتْبَعُهُ الْوَلَدُ قَبْلَ الْبُلُوغِ . وَالْمَجْنُونُ لَا يَتْبَعُ جَدَّهُ ، وَلَا جَدَّتَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، هَذَا مَذْهَبُ
أَحْمَدَ ،
وَأَبِي حَنِيفَةَ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : لَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْإِسْلَامِ ، بَلْ تَخْتَصُّ التَّبَعِيَّةُ بِالْأَبِ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَهُ وَالْوِلَايَةَ عَلَى الطِّفْلِ لَهُ ، وَهُوَ عَصَبَةٌ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) ، وَالذُّرِّيَّةُ إِنَّمَا تُنْسَبُ إِلَى الْأَبِ ، وَخَالَفَهُ
ابْنُ وَهْبٍ فَوَافَقَ الْجُمْهُورَ فِي تَبَعِيَّةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يَتْبَعُ الْأَبَوَيْنِ ، وَإِنْ عَلَوَا سَوَاءٌ كَانَا وَارِثَيْنِ ، أَوْ لَمْ يَكُونَا وَارِثَيْنِ ، قَالَ أَصْحَابُهُ : فَإِذَا أَسْلَمَ الْجَدُّ ، أَوِ الْأَبُ ، أَوْ أَبُو الْأُمِّ تَبِعَهُ الصَّبِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو الصَّبِيِّ حَيًّا قَطْعًا ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَعَلَى وَجْهَيْنِ : الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ .
قَالُوا : فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ ، فَإِنْ أَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ تَأَكَّدَ مَا حَكَمْنَا بِهِ ، وَإِنْ أَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَقَوْلَانِ : الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ ، فَأَشْبَهَ الْإِسْلَامَ اخْتِيَارًا ، وَكَمَا إِذَا حَصَلَ الْعُلُوقُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ .
[ ص: 923 ] وَالثَّانِي : أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ أَوَّلًا ، وَأُزِيلَ تَبَعًا ، فَإِذَا اسْتَقَلَّ زَالَتِ التَّبَعِيَّةُ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى تَبَعِيَّتِهِ لِأُمِّهِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350452فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، وَيُنَصِّرَانِهِ " ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَنْ وُجِدَ مِنْ أَبَوَيْهِ ، فَإِذَا تَبِعَ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ فِي كُفْرِهِ فَلَأَنْ يَتْبَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .
وَقَوْلُهُمْ : إِنَّ الْوِلَايَةَ ، وَالتَّعْصِيبَ لِلْأَبِ ، فَتَكُونُ التَّبَعِيَّةُ لَهُ دُونَ الْأُمِّ ، فَيُقَالُ : وِلَايَةُ التَّرْبِيَةِ ، وَالْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ ، وَإِنَّمَا قُوَّةُ وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَى الطِّفْلِ فِي حِفْظِ مَالِهِ ، وَوِلَايَةُ الْأُمِّ فِي التَّرْبِيَةِ ، وَالْحَضَانَةِ أَقْوَى : فَتَبَعِيَّةُ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ فِي الْإِسْلَامِ إِنْ لَمْ تَكُنْ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ الْأَبِ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهُ .
وَأَيْضًا ، فَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْهَا حَقِيقَةً ، وَلِهَذَا تَبِعَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ ، وَالرِّقِّ اتِّفَاقًا دُونَ الْأَبِ ، فَإِذَا أَسْلَمَتْ تَبِعَهَا سَائِرُ أَجْزَائِهَا ، وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا ، يُوَضِّحُهُ أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ تَبَعًا لِإِسْلَامِهَا ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا ، فَيَمْتَنِعُ بَقَاؤُهُ عَلَى كُفْرِهِ مَعَ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ أُمِّهِ .
172 فَصْلٌ
[
nindex.php?page=treesubj&link=8120تَبَعِيَّةُ الطِّفْلِ لِجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ ] .
وَأَمَّا تَبَعِيَّتُهُ لِجَدِّهِ ، وَجَدَّتِهِ فَالْجُمْهُورُ مَنَعُوا مِنْهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ قَالَ بِهِ طَرْدًا لِأَصْلِهِ فِي إِقَامَةِ الْجَدِّ مَقَامَ الْأَبِ ، وَلَكِنْ قَدْ نَقَضَ هَذَا الْأَصْلَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ ، فَلَمْ يَطْرُدْهُ فِي إِسْقَاطِهِ لِلْإِخْوَةِ ، وَلَا فِي تَوْرِيثِ الْأُمِّ مَعَهُ ثُلُثَ الْبَاقِي إِذَا كَانَ مَعَهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ .
[ ص: 924 ] وَقَدْ أَلْزَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ إِسْلَامَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ تَبَعًا
لِآدَمَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ بِذَلِكَ عَلَى الْجَدِّ الْأَدْنَى ، وَلَا يُغْنِي الِاعْتِذَارُ بِحَيَاةِ الْأَبِ لِوَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَطْفَالِ يَمُوتُ آبَاؤُهُمْ مَعَ إِسْلَامِ أَجْدَادِهِمْ .
وَالثَّانِي : أَنَّ وُجُودَ الْأَبِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ تَبَعِيَّةِ الطِّفْلِ لِجَدِّهِ فِي الْإِسْلَامِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ . لَكِنْ لَا يُلْزِمُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ هَذَا الْإِلْزَامَ ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ بِتَبَعِيَّةِ الطِّفْلِ جَدَّهُ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا أَسْلَمَ الْجَدُّ ، وَالطِّفْلُ مَوْجُودٌ ، فَأَمَّا إِذَا وُلِدَ الطِّفْلُ كَافِرًا بَعْدَ مَوْتِ الْجَدِّ فَلَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بِإِسْلَامِهِ ، وَإِلَّا كَانَ كُلُّ وَلَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ يَكُونُ مُسْلِمًا ، وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا .