nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28990_31976ذكر رحمت ربك عبده زكرياء nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إذ نادى ربه نداء خفيا
افتتاح كلام ، فيتعين أن ذكر خبر مبتدأ محذوف ، مثله شائع الحذف في أمثال هذا من العناوين . والتقدير : هذا ذكر رحمة ربك عبده . وهو بمعنى : اذكر . ويجوز أن يكون ذكر أصله مفعولا مطلقا نائبا عن عامله بمعنى الأمر ، أي اذكر ذكرا ، ثم حول عن النصب إلى الرفع للدلالة على الثبات كما حول في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله . وقد تقدم في سورة الفاتحة . ويرجحه عطف
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=16واذكر في الكتاب مريم ونظائره .
وقد جاء نظم هذا الكلام على طريقة بديعة من الإيجاز والعدول عن الأسلوب المتعارف في الإخبار ، وأصل الكلام : ذكر عبدنا
[ ص: 62 ] زكرياء إذ نادى ربه فقال : رب إلخ . . . فرحمة ربك ، فكان في تقديم الخبر بأن الله رحمه اهتمام بهذه المنقبة له ، والإنباء بأن
nindex.php?page=treesubj&link=32498الله يرحم من التجأ إليه ، مع ما في إضافة رب إلى ضمير النبيء - صلى الله عليه وسلم - وإلى ضمير
زكرياء من التنويه بهما .
وافتتحت قصة
مريم وعيسى بما يتصل بها من شئون آل بيت
مريم وكافلها لأن في تلك الأحوال كلها
nindex.php?page=treesubj&link=29693تذكيرا برحمة الله تعالى وكرامته لأوليائه .
وزكرياء نبيء من أنبياء
بني إسرائيل ، وهو زكرياء الثاني زوج خالة
مريم ، وليس له كتاب في أسفار التوراة ، وأما الذي له كتاب فهو
زكرياء بن برخيا الذي كان موجودا في القرن السادس قبل المسيح . وقد مضت ترجمة
زكرياء الثاني في سورة آل عمران ومضت قصة دعائه هنالك .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إذ نادى ربه ظرف لـ رحمة ، أي رحمة الله إياه في ذلك الوقت ، أو بدل من ذكر ، أي اذكر ذلك الوقت .
والنداء : أصله رفع الصوت بطلب الإقبال . وتقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان في سورة آل عمران وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها في سورة الأعراف . ويطلق النداء كثيرا على الكلام الذي فيه طلب إقبال الذات لعمل أو إقبال الذهن لوعي كلام ، فلذلك سميت الحروف التي يفتتح بها طلب الإقبال حروف النداء . ويطلق على الدعاء بطلب حاجة وإن لم يكن فيه نداء لأن شأن الدعاء في المتعارف أن يكون جهرا ، أي تضرعا لأنه أوقع في نفس المدعو . ومعنى الكلام : أن
زكرياء قال : يا رب ، بصوت خفي . وإنما كان خفيا لأن
زكرياء رأى أنه أدخل في
nindex.php?page=treesubj&link=20008_19737الإخلاص مع رجائه أن الله يجيب دعوته لئلا تكون استجابته مما يتحدث به الناس ، فلذلك لم يدعه تضرعا وإن كان التضرع أعون على صدق
[ ص: 63 ] التوجه غالبا . فلعل يقين
زكرياء كاف في تقوية التوجه . فاختار لدعائه السلامة من مخالطة الرياء . ولا منافاة بين كونه نداء وكونه خفيا ، لأنه نداء من يسمع الخفاء .
والمراد بالرحمة : استجابة دعائه ، كما سيصرح به بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى ) وإنما حكي في الآية وصف دعاء زكرياء كما وقع فليس فيها إشعار بالثناء على إخفاء الدعاء .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28990_31976ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّاءَ nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا
افْتِتَاحُ كَلَامٍ ، فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ ذِكْرُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، مِثْلُهُ شَائِعُ الْحَذْفِ فِي أَمْثَالِ هَذَا مِنَ الْعَنَاوِينِ . وَالتَّقْدِيرُ : هَذَا ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ . وَهُوَ بِمَعْنَى : اذْكُرْ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ أَصْلُهُ مَفْعُولًا مُطْلَقًا نَائِبًا عَنْ عَامِلِهِ بِمَعْنَى الْأَمْرِ ، أَيِ اذْكُرْ ذِكْرًا ، ثُمَّ حُوِّلَ عَنِ النَّصْبِ إِلَى الرَّفْعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الثَّبَاتِ كَمَا حُوِّلَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ . وَيُرَجِّحُهُ عَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=16وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ وَنَظَائِرُهُ .
وَقَدْ جَاءَ نَظْمُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى طَرِيقَةٍ بَدِيعَةٍ مِنَ الْإِيجَازِ وَالْعُدُولِ عَنِ الْأُسْلُوبِ الْمُتَعَارَفِ فِي الْإِخْبَارِ ، وَأَصْلُ الْكَلَامِ : ذِكْرُ عَبْدِنَا
[ ص: 62 ] زَكَرِيَّاءَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ فَقَالَ : رَبِّ إِلَخْ . . . فَرَحْمَةُ رَبِّكَ ، فَكَانَ فِي تَقْدِيمِ الْخَبَرِ بِأَنَّ اللَّهَ رَحِمَهُ اهْتِمَامٌ بِهَذِهِ الْمَنْقَبَةِ لَهُ ، وَالْإِنْبَاءُ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32498اللَّهَ يَرْحَمُ مَنِ الْتَجَأَ إِلَيْهِ ، مَعَ مَا فِي إِضَافَةِ رَبِّ إِلَى ضَمِيرِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى ضَمِيرِ
زَكَرِيَّاءَ مِنَ التَّنْوِيهِ بِهِمَا .
وَافْتُتِحَتْ قِصَّةُ
مَرْيَمَ وَعِيسَى بِمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ شُئُونِ آلِ بَيْتِ
مَرْيَمَ وَكَافِلِهَا لِأَنَّ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا
nindex.php?page=treesubj&link=29693تَذْكِيرًا بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَامَتِهِ لِأَوْلِيَائِهِ .
وَزَكَرِيَّاءُ نَبِيءٌ مِنْ أَنْبِيَاءِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَهُوَ زَكَرِيَّاءُ الثَّانِي زَوْجُ خَالَةِ
مَرْيَمَ ، وَلَيْسَ لَهُ كِتَابٌ فِي أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ ، وَأَمَّا الَّذِي لَهُ كِتَابٌ فَهُوَ
زَكَرِيَّاءُ بْنُ بَرْخِيَا الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ قَبْلَ الْمَسِيحِ . وَقَدْ مَضَتْ تَرْجَمَةُ
زَكَرِيَّاءَ الثَّانِي فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَمَضَتْ قِصَّةُ دُعَائِهِ هُنَالِكَ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إِذْ نَادَى رَبَّهُ ظَرْفٌ لِـ رَحْمَةِ ، أَيْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ ذِكْرُ ، أَيِ اذْكُرْ ذَلِكَ الْوَقْتَ .
وَالنِّدَاءُ : أَصْلُهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِطَلَبِ الْإِقْبَالِ . وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ . وَيُطْلَقُ النِّدَاءُ كَثِيرًا عَلَى الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ طَلَبُ إِقْبَالِ الذَّاتِ لِعَمَلٍ أَوْ إِقْبَالِ الذِّهْنِ لِوَعْيِ كَلَامٍ ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْحُرُوفُ الَّتِي يُفْتَتَحُ بِهَا طَلَبُ الْإِقْبَالِ حُرُوفَ النِّدَاءِ . وَيُطْلَقُ عَلَى الدُّعَاءِ بِطَلَبِ حَاجَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِدَاءٌ لِأَنَّ شَأْنَ الدُّعَاءِ فِي الْمُتَعَارَفِ أَنْ يَكُونَ جَهْرًا ، أَيْ تَضَرُّعًا لِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي نَفْسِ الْمَدْعُوِّ . وَمَعْنَى الْكَلَامِ : أَنَّ
زَكَرِيَّاءَ قَالَ : يَا رَبِّ ، بِصَوْتٍ خَفِيٍّ . وَإِنَّمَا كَانَ خَفِيًّا لِأَنَّ
زَكَرِيَّاءَ رَأَى أَنَّهُ أَدْخَلَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=20008_19737الْإِخْلَاصِ مَعَ رَجَائِهِ أَنَّ اللَّهَ يُجِيبُ دَعْوَتَهُ لِئَلَّا تَكُونَ اسْتِجَابَتُهُ مِمَّا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَدْعُهُ تَضَرُّعًا وَإِنْ كَانَ التَّضَرُّعُ أَعْوَنَ عَلَى صِدْقِ
[ ص: 63 ] التَّوَجُّهِ غَالِبًا . فَلَعَلَّ يَقِينَ
زَكَرِيَّاءَ كَافٍ فِي تَقْوِيَةِ التَّوَجُّهِ . فَاخْتَارَ لِدُعَائِهِ السَّلَامَةَ مِنْ مُخَالَطَةِ الرِّيَاءِ . وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ نِدَاءً وَكَوْنِهِ خَفِيًّا ، لِأَنَّهُ نِدَاءُ مَنْ يَسْمَعُ الْخَفَاءَ .
وَالْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ : اسْتِجَابَةُ دُعَائِهِ ، كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يَا زَكَرِيَّاءُ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى ) وَإِنَّمَا حُكِيَ فِي الْآيَةِ وَصْفُ دُعَاءِ زَكَرِيَّاءَ كَمَا وَقَعَ فَلَيْسَ فِيهَا إِشْعَارٌ بِالثَّنَاءِ عَلَى إِخْفَاءِ الدُّعَاءِ .