الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( nindex.php?page=treesubj&link=1673_22738وإذا أراد أن ينصرف فإن كان خلفه نساء استحب له أن يلبث حتى تنصرف النساء لئلا يختلطن بالرجال ، لما روت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها { nindex.php?page=hadith&LINKID=4004أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قام النساء حين يقضي سلامه فيمكث يسيرا قبل أن يقوم . } قال الزهري رحمه الله : ( فنرى والله أعلم أن مكثه لينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال ) . وإذا أراد أن ينصرف توجه في جهة حاجته لما روى الحسن رحمه الله قال : " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون في المسجد الجامع فمن كان بيته من قبل بني تميم انصرف عن يساره ومن كان بيته ما يلي بني سليم انصرف عن يمينه يعني بالبصرة " وإن لم يكن له حاجة فالأولى أن ينصرف عن يمينه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في كل شيء )
( الشرح ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى : nindex.php?page=treesubj&link=1673_22738يستحب للإمام إذا سلم أن يقوم من مصلاه عقب سلامه إذا لم يكن خلفه نساء ، هكذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر ، واتفق عليه الأصحاب وعلله الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والأصحاب بعلتين ( إحداهما ) لئلا يشك هو أو من خلفه هل سلم أم لا ؟ ( والثانية ) لئلا يدخل غريب فيظنه بعد في الصلاة فيقتدي به ، أما nindex.php?page=treesubj&link=1673إذا كان خلفه نساء فيستحب أن يلبث بعد سلامه ويثبت الرجال قدرا يسيرا يذكرون [ ص: 471 ] الله تعالى حتى تنصرف النساء ، بحيث لا يدرك المسارعون في سيرهم من الرجال آخرهن ويستحب لهن أن ينصرفن عقب سلامه فإذا انصرفن انصرف الإمام وسائر الرجال واستدل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب بالحديث الذي ذكره المصنف عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=10133كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرا كي ينصرفن قبل أن يدركهن أحد من القوم } وفي رواية قال nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب " فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفد النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في مواضع كثيرة من صحيحه ، ولأن الاختلاط بهن مظنة الفساد وسبب للريبة ; لأنهن مزينات للناس مقدمات على كل الشهوات . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : فإن قام الإمام قبل ذلك أو جلس أطول من ذلك فلا شيء عليه . قال : وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السلام قبل ، قيام الإمام قال : وتأخير ذلك حتى ينصرف بعد انصراف الإمام أو معه أحب إلي .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم والأصحاب : nindex.php?page=treesubj&link=22741_22738إذا انصرف المصلي إماما كان أو مأموما أو منفردا فله أن ينصرف عن يمينه وعن يساره وتلقاء وجهه ووراءه ولا كراهة في شيء من ذلك ، لكن nindex.php?page=treesubj&link=22738يستحب إن كان له حاجة في جهة من هذه الجهات أن يتوجه إليها ، وإن لم يكن له حاجة فجهة اليمنى أولى ، واستدل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم والأصحاب { nindex.php?page=hadith&LINKID=15984بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في شأنه كله } وقد سبقت الأحاديث الصحيحة في ذلك في باب صفة الوضوء في فصل غسل اليدين وجاء في هذه المسألة حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31314لا يجعل أحدكم للشيطان شيئا من صلاته لا يرى إلا أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم قال " أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه " وعن هلب بضم الهاء الطائي رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=44330أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ينصرف عن [ ص: 472 ] شقيه } رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهم بإسناد حسن فهذه الأحاديث تدل على أنه يباح الانصراف من الجانبين ، وإنما أنكر nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله تعالى عنه على من يعتقد وجوب ذلك .
( فرع ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=1673_22738أراد أن ينفتل في المحراب ويقبل على الناس للذكر والدعاء وغيرهما جاز أن ينفتل كيف شاء ، وأما الأفضل فقال البغوي الأفضل أن ينفتل عن يمينه ، وقال في nindex.php?page=treesubj&link=23841_23455_1673كيفيته وجهان :
( أحدهما ) وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله تعالى يدخل يمينه في المحراب ، ويساره إلى الناس ، ويجلس على يمين المحراب ( والثاني ) وهو الأصح يدخل يساره في المحراب ويمينه إلى القوم ويجلس على يسار المحراب ، هذا لفظ البغوي في التهذيب وجزم البغوي في شرح السنة بهذا الثاني . واستدل له بحديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=28941كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه فسمعته يقول في قنوته : رب قني عذابك يوم تبعث أو تجمع عبادك } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وقال إمام الحرمين : إن لم يصح في هذا حديث فلست أرى فيه إلا التخيير .
( فرع ) قال أصحابنا : nindex.php?page=treesubj&link=23455إن كانت الصلاة مما يتنفل بعدها فالسنة أن يرجع إلى بيته لفعل النافلة ; لأن فعلها في البيت أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=1384صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13171اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=25665إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده فليجعل لبيته من صلاته نصيبا فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . قال أصحابنا فإن لم يرجع إلى بيته وأراد التنفل في المسجد nindex.php?page=treesubj&link=23455يستحب أن ينتقل عن موضعه قليلا لتكثير مواضع سجوده هكذا علله البغوي وغيره ، فإن لم ينتقل إلى موضع آخر فينبغي أن يفصل بين الفريضة والنافلة بكلام إنسان . [ ص: 473 ] واستدل nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وآخرون من أصحابنا وغيرهم بحديث عمرو بن عطاء { nindex.php?page=hadith&LINKID=6843أن nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن أخت نمير يسأله عن شيء رآه منه nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية في الصلاة فقال : نعم صليت معه الجمعة في المقصورة فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت فلما دخل أرسل إلي فقال : لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك أن لا نوصل صلاة حتى نتكلم أو نخرج } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . فهذا الحديث هو المعتمد في المسألة وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني عن nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=25771لا يصلي الإمام في الموضع الذي يصلي فيه حتى يتحول } فضعيف رواه أبو داود وقال : nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء لم يدرك المغيرة وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=25649أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر عن يمينه أو عن شماله في الصلاة ؟ يعني النافلة } رواه أبو داود بإسناد ضعيف ، وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه .
قال أصحابنا : فإذا صلى النافلة في المسجد جاز . وإن كان خلاف الأفضل لحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21174صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعدها وسجدتين بعد المغرب وسجدتين بعد العشاء وسجدتين بعد الجمعة ، فأما المغرب والعشاء ففي بيته } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وظاهره أن الباقي صلاها في المسجد لبيان الجواز في بعض الأوقات ، وهو صلاة النافلة في البيت ، وفي الصحيحين { nindex.php?page=hadith&LINKID=3492أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ليالي في رمضان في المسجد من المكتوبات } والله أعلم .