[ ص: 121 ] nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28990_31873_27928قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا
سلام عليك سلام توديع ومشاركة . وبادره به قبل الكلام الذي أعقبه به إشارة إلى أنه لا يسوءه ذلك الهجر في ذات الله تعالى ومرضاته .
nindex.php?page=treesubj&link=31873ومن حلم إبراهيم أن كانت مشاركته أباه مشوبة بالإحسان في معاملته في آخر لحظة .
والسلام : السلامة : وعلى للاستعلاء المجازي وهو التمكن . وهذه كلمة تحية وإكرام ، وتقدمت آنفا عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وسلام عليه يوم ولد . وأظهر حرصه على هداه فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سأستغفر لك ربي أي أطلب منه لك المغفرة من هذا الكفر ، بأن يهديه الله إلى التوحيد فيغفر له الشرك الماضي ، إذ لم يكن
إبراهيم تلقى نهيا من الله عن
nindex.php?page=treesubj&link=27928الاستغفار للمشرك . وهذا ظاهر ما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه . واستغفاره له هو المحكي في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=86واغفر لأبي إنه كان من الضالين . وجملة أستغفر لك ربي مستأنفة ، وعلامة الاستقبال والفعل المضارع مؤذنان بأنه يكرر الاستغفار في المستقبل . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47إنه كان بي حفيا تعليل لما يتضمنه الوعد بالاستغفار من رجاء المغفرة استجابة لدعوة
إبراهيم بأن يوفق الله أبا
إبراهيم للتوحيد ونبذ الإشراك .
[ ص: 122 ] والحفي : الشديد البر والإلطاف . وتقدم في سورة الأعراف عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يسألونك كأنك حفي عنها .
وجملة وأعتزلكم عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سأستغفر لك ربي ، أي يقع الاستغفار في المستقبل ويقع اعتزالي إياكم الآن ، لأن المضارع غالب في الحال . أظهر
إبراهيم العزم على اعتزالهم وأنه لا يتوانى في ذلك ولا يأسف له إذا كان في ذات الله تعالى ، وهو المحكي بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=99وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين ،
nindex.php?page=treesubj&link=31862وقد خرج من بلد الكلدان عازما على الالتحاق بالشام حسب أمر الله تعالى .
رأى
إبراهيم أن هجرانه أباه غير مغن ، لأن بقية القوم على رأي أبيه فرأى أن يهجرهم جميعا ، ولذلك قال له وأعتزلكم .
وضمير جماعة المخاطبين عائد إلى
إبراهيم وقومه تنزيلا لهم منزلة الحضور في ذلك المجلس ، لأن أباه واحد منهم وأمرهم سواء ، أو كان هذا المقال جرى بمحضر جماعة منهم .
وعطف على ضمير القوم أصنامهم للإشارة إلى عداوته لتلك الأصنام إعلانا بتغيير المنكر .
وعبر عن الأصنام بطريق الموصولية بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وما تدعون من دون الله للإيماء إلى وجه بناء الخبر وعلة اعتزاله إياهم وأصنامهم : بأن تلك الأصنام تعبد من دون الله وأن القوم يعبدونها ، فلذلك وجه اعتزاله إياهم وأصنامهم .
والدعاء : العبادة ، لأنها تستلزم دعاء المعبود .
وزاد على الإعلان باعتزال أصنامهم الإعلان بأنه يدعو الله احتراسا من أن يحسبوا أنه نوى مجرد اعتزال عبادة أصنامهم فربما
[ ص: 123 ] اقتنعوا بإمساكه عنهم ، ولذا بين لهم أنه بعكس ذلك يدعو الله الذي لا يعبدونه .
وعبر عن الله بوصف الربوبية المضاف إلى ضمير نفسه للإشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=31852انفراده من بينهم بعبادة الله تعالى فهو ربه وحده من بينهم ، فالإضافة هنا تفيد معنى القصر الإضافي ، مع ما تتضمنه الإضافة من الاعتزاز بربوبية الله إياه والتشريف لنفسه بذلك . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا في موضع الحال من ضمير وأدعو ، أي راجيا أن لا أكون بدعاء ربي شقيا . وتقدم معناه عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4ولم أكن بدعائك رب شقيا في هذه السورة . وفي إعلانه هذا الرجاء بين ظهرانيهم تعريض بأنهم أشقياء بدعاء آلهتهم .
[ ص: 121 ] nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28990_31873_27928قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيَ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا
سَلَامٌ عَلَيْكَ سَلَامُ تَوْدِيعٍ وَمُشَارَكَةٍ . وَبَادَرَهُ بِهِ قَبْلَ الْكَلَامِ الَّذِي أَعْقَبَهُ بِهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَا يَسُوءُهُ ذَلِكَ الْهَجْرُ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَرْضَاتِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=31873وَمِنْ حِلْمِ إِبْرَاهِيمَ أَنْ كَانَتْ مُشَارَكَتُهُ أَبَاهُ مَشُوبَةً بِالْإِحْسَانِ فِي مُعَامَلَتِهِ فِي آخِرِ لَحْظَةٍ .
وَالسَّلَامُ : السَّلَامَةُ : وَعَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ وَهُوَ التَّمَكُّنُ . وَهَذِهِ كَلِمَةُ تَحِيَّةٍ وَإِكْرَامٍ ، وَتَقَدَّمَتْ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ . وَأَظْهَرَ حِرْصَهُ عَلَى هُدَاهُ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي أَيْ أَطْلُبُ مِنْهُ لَكَ الْمَغْفِرَةَ مِنْ هَذَا الْكُفْرِ ، بِأَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ إِلَى التَّوْحِيدِ فَيَغْفِرَ لَهُ الشِّرْكَ الْمَاضِيَ ، إِذْ لَمْ يَكُنْ
إِبْرَاهِيمُ تَلَقَّى نَهْيًا مِنَ اللَّهِ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=27928الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِ . وَهَذَا ظَاهِرُ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ . وَاسْتِغْفَارُهُ لَهُ هُوَ الْمَحْكِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=86وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ . وَجُمْلَةُ أَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي مُسْتَأْنَفَةٌ ، وَعَلَّامَةُ الِاسْتِقْبَالِ وَالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ مُؤْذِنَانِ بِأَنَّهُ يُكَرِّرُ الِاسْتِغْفَارَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا تَعْلِيلٌ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ الْوَعْدُ بِالِاسْتِغْفَارِ مِنْ رَجَاءِ الْمَغْفِرَةِ اسْتِجَابَةً لِدَعْوَةِ
إِبْرَاهِيمَ بِأَنْ يُوَفِّقَ اللَّهُ أَبَا
إِبْرَاهِيمَ لِلتَّوْحِيدِ وَنَبْذِ الْإِشْرَاكِ .
[ ص: 122 ] وَالْحَفِيُّ : الشَّدِيدُ الْبِرِّ وَالْإِلْطَافِ . وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا .
وَجُمْلَةُ وَأَعْتَزِلُكُمْ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ، أَيْ يَقَعُ الِاسْتِغْفَارُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَقَعُ اعْتِزَالِي إِيَّاكُمُ الْآنَ ، لِأَنَّ الْمُضَارِعَ غَالِبٌ فِي الْحَالِ . أَظْهَرَ
إِبْرَاهِيمُ الْعَزْمَ عَلَى اعْتِزَالِهِمْ وَأَنَّهُ لَا يَتَوَانَى فِي ذَلِكَ وَلَا يَأْسَفُ لَهُ إِذَا كَانَ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=99وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31862وَقَدْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِ الْكِلْدَانِ عَازِمًا عَلَى الِالْتِحَاقِ بِالشَّامِ حَسَبَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى .
رَأَى
إِبْرَاهِيمُ أَنَّ هِجْرَانَهُ أَبَاهُ غَيْرُ مُغْنٍ ، لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْقَوْمِ عَلَى رَأْيِ أَبِيهِ فَرَأَى أَنْ يَهْجُرَهُمْ جَمِيعًا ، وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ وَأَعْتَزِلُكُمْ .
وَضَمِيرُ جَمَاعَةِ الْمُخَاطَبِينَ عَائِدٌ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمِهِ تَنْزِيلًا لَهُمْ مَنْزِلَةَ الْحُضُورِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ ، لِأَنَّ أَبَاهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَمْرَهُمْ سَوَاءٌ ، أَوْ كَانَ هَذَا الْمَقَالُ جَرَى بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ .
وَعُطِفَ عَلَى ضَمِيرِ الْقَوْمِ أَصْنَامَهُمْ لِلْإِشَارَةِ إِلَى عَدَاوَتِهِ لِتِلْكَ الْأَصْنَامِ إِعْلَانًا بِتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ .
وَعَبَّرَ عَنِ الْأَصْنَامِ بِطَرِيقِ الْمَوْصُولِيَّةِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ وَعِلَّةِ اعْتِزَالِهِ إِيَّاهُمْ وَأَصْنَامَهُمْ : بِأَنَّ تِلْكَ الْأَصْنَامَ تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَنَّ الْقَوْمَ يَعْبُدُونَهَا ، فَلِذَلِكَ وَجْهُ اعْتِزَالِهِ إِيَّاهُمْ وَأَصْنَامَهُمْ .
وَالدُّعَاءُ : الْعِبَادَةُ ، لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ دُعَاءَ الْمَعْبُودِ .
وَزَادَ عَلَى الْإِعْلَانِ بِاعْتِزَالِ أَصْنَامِهِمُ الْإِعْلَانَ بِأَنَّهُ يَدْعُوَ اللَّهَ احْتِرَاسًا مِنْ أَنْ يَحْسَبُوا أَنَّهُ نَوَى مُجَرَّدَ اعْتِزَالِ عِبَادَةِ أَصْنَامِهِمْ فَرُبَّمَا
[ ص: 123 ] اقْتَنَعُوا بِإِمْسَاكِهِ عَنْهُمْ ، وَلِذَا بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ بِعَكْسِ ذَلِكَ يَدْعُو اللَّهَ الَّذِي لَا يَعْبُدُونَهُ .
وَعُبِّرَ عَنِ اللَّهِ بِوَصْفِ الرُّبُوبِيَّةِ الْمُضَافِ إِلَى ضَمِيرِ نَفْسِهِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=31852انْفِرَادِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ رَبُّهُ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِهِمْ ، فَالْإِضَافَةُ هُنَا تُفِيدُ مَعْنَى الْقَصْرِ الْإِضَافِيِّ ، مَعَ مَا تَتَضَمَّنُهُ الْإِضَافَةُ مِنَ الِاعْتِزَازِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ إِيَّاهُ وَالتَّشْرِيفِ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ وَأَدْعُو ، أَيْ رَاجِيًا أَنْ لَا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا . وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ . وَفِي إِعْلَانِهِ هَذَا الرَّجَاءَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُمْ أَشْقِيَاءُ بِدُعَاءِ آلِهَتِهِمْ .