الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وفي " الحلية " بإسناد إلى إبراهيم بن خرزاد ، قال : رأى جار لنا كأن ملكا نزل من السماء ، معه سبعة تيجان ، فأول من توج من الدنيا أحمد بن حنبل .

                                                                                      أبو عمر بن حيويه : حدثنا علي بن إبراهيم الشافعي ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين ، حدثنا عزرة بن عبد الله ، وطالوت بن لقمان ، قالا : سمعنا زكريا بن يحيى السمسار ، يقول : رأيت أحمد بن حنبل في المنام على رأسه تاج مرصع بالجوهر ، في رجليه نعلان ، وهو يخطر بهما . قلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ، وأدناني ، وتوجني بيده بهذا التاج ، وقال لي : هذا بقولك : القرآن كلام الله غير مخلوق . قلت : ما هذه الخطرة التي لم أعرفها لك في دار الدنيا ؟ قال : هذه مشية الخدام في دار السلام .

                                                                                      أبو حاتم بن حبان : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي ، [ ص: 348 ] حدثنا محمد بن الحسن السلمي ، سمعت طالوت بن لقمان ، فذكرها . مسبح بن حاتم العكلي : حدثنا إبراهيم بن جعفر المروذي ، قال : رأيت أحمد بن حنبل ، يمشي في النوم مشية يختال فيها ، قلت : ما هذه المشية يا أبا عبد الله ؟ قال : هذه مشية الخدام في دار السلام .

                                                                                      عن المروذي ، قال : رأيت أحمد في النوم ، وعليه حلتان خضراوان ، وعلى رأسه تاج من النور ، وإذا هو يمشي مشية لم أكن أعرفها ، فقلت : ما هذا ؟ قال هذه مشية الخدام في دار السلام . وذكر القصة في إسنادها المفيد .

                                                                                      وفي " الحلية " : أخبرنا أبو نصر الحنبلي ، أخبرنا عبد الله بن أحمد النهرواني ، حدثنا أبو القاسم القرشي ، حدثنا المروذي بنحو منها .

                                                                                      أبو عبد الله بن خفيف الصوفي : حدثنا أبو القاسم القصري ، سمعت ابن خزيمة بالإسكندرية ، يقول : رأيت أحمد بن حنبل في النوم لما مات يتبختر ، فقلت : ما هذه المشية ؟ قال : مشية الخدام في دار السلام .

                                                                                      فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ، وتوجني ، وألبسني نعلين من ذهب ، وقال : يا أحمد ، هذا بقولك : القرآن كلامي ، ثم قال لي : يا أحمد ، لم كتبت عن حريز بن عثمان ؟ وذكر حكاية طويلة منكرة . ومن أين يلحق أحمد حريزا ؟ ! .

                                                                                      أنبأنا ابن قدامة ، عن ابن الجوزي ، أخبرنا المبارك بن علي ، أخبرنا سعد الله بن علي بن أيوب ، حدثنا هناد بن إبراهيم ، أخبرنا أحمد بن عمر ، حدثنا أحمد بن الحسن التكريتي ، حدثنا أبو بكر التميمي ، حدثنا عبد الله بن بهرام ، رأيت أحمد بن حنبل في النوم ، وعليه نعلان من ذهب ، وهو يخطر ، الحكاية . . . 0 [ ص: 349 ] ثم رواها بطولها ابن الجوزي بإسناد آخر مظلم إلى علي بن محمد القصري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، أنه رأى ذلك .

                                                                                      وقال شيخ الإسلام الأنصاري : سمعت بعض أهل " باخرز " وهي من نواحي نيسابور ، يقول : رأيت كأن القيامة قد قامت ، وإذا برجل على فرس به من الحسن ما الله به عليم ، ومناد ينادي : ألا لا يتقدمنه اليوم أحد . فقلت : من هذا ؟ قالوا : أحمد بن حنبل .

                                                                                      قال أبو عمرو بن السماك : حدثنا محمد بن أحمد بن مهدي ، حدثنا أحمد بن محمد الكندي ، قال : رأيت أحمد بن حنبل في المنام ، فقلت : ما صنع الله بك ؟ قال : غفر لي . وقال يا أحمد : ضربت في ؟ قلت : نعم . قال : هذا وجهي ، فانظر إليه ، قد أبحتك النظر إليه .

                                                                                      وروى مثلها شيخ الإسلام بإسناد مظلم إلى عبد الله بن أحمد ، أنه رأى نحو ذلك .

                                                                                      وفي " مناقب أحمد " لشيخ الإسلام بإسناد مظلم إلى علي بن الموفق ، قال : رأيت كأني دخلت الجنة ، فإذا بثلاثة : رجل قاعد على مائدة قد وكل الله به ملكين : فملك يطعمه ، وملك يسقيه ، وآخر واقف على باب الجنة ينظر في وجوه قوم فيدخلهم الجنة ، وآخر واقف في وسط الجنة شاخص ببصره إلى العرش ، ينظر إلى الرب - تعالى - فقلت لرضوان : من هؤلاء ؟ قال : الأول بشر الحافي ، خرج من الدنيا وهو جائع عطشان ، والواقف في الوسط هو معروف ، عبد الله شوقا للنظر إليه فأعطيه . والواقف على باب الجنة فأحمد بن حنبل ، أمر أن ينظر في وجوه أهل السنة ، فيدخلهم الجنة [ ص: 350 ] وذكر شيخ الإسلام بإسناد طويل عن محمد بن يحيى الرملي قاضي دمشق ، قال : دخلت العراق والحجاز ، وكتبت ، فمن كثرة الاختلاف لم أدر بأيها آخذ ، فقلت : اللهم اهدني . فنمت ، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أسند ظهره إلى الكعبة ، وعن يمينه الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وهو يتبسم إليهما . فقلت : يا رسول الله ، بم آخذ ؟ فأومأ إلى الشافعي وأحمد ، وقال : أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة وذكر القصة .

                                                                                      أبو بكر بن أبي داود : حدثنا علي بن إسماعيل السجستاني ، قال : رأيت كأن القيامة قد قامت ، وكأن الناس جاءوا إلى قنطرة ، ورجل يختم ويعطيهم . فمن جاء بخاتم جاز . فقلت : من هذا الذي يعطي الناس الخواتيم ؟ قالوا : أحمد بن حنبل .

                                                                                      الخلال : حدثنا عبد الرحيم بن محمد المخرمي ، سمعت إسحاق بن إبراهيم لؤلؤا ، يقول : رأيت أحمد بن حنبل في النوم ، فقلت : يا أبا عبد الله ، أليس قد مت ؟ قال : بلى ، قلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ولكل من صلى علي . قلت : فقد كان فيهم أصحاب بدع ، قال : أولئك أخروا .

                                                                                      أبو بكر بن شاذان : حدثنا يحيى بن عبد الوهاب بن أبي عصمة ، حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا بندار ، قال : رأيت أحمد بن حنبل في النوم كالمغضب ، فقلت : ما لي أراك مغضبا ؟ قال : وكيف لا أغضب ، وجاءني منكر ونكير ، يسألاني من ربك ؟ فقلت : ولمثلي يقال هذا ؟ فقالا : صدقت يا أبا عبد الله ، ولكن بهذا أمرنا .

                                                                                      الطبراني : حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل ، حدثنا أبو جعفر محمد [ ص: 351 ] بن الفرج جار أحمد بن حنبل ، قال : لما نزل بأحمد ما نزل ، دخل علي مصيبة ، فأتيت في منامي ، فقيل لي : ألا ترضى أن يكون أحمد عند الله بمنزلة أبي السوار العدوي ، أولست تروي خبره ؟ .

                                                                                      قال محمد بن الفرج : حدثنا علي بن عاصم ، عن بسطام بن مسلم ، عن الحسن ، قال : دعا بعض مترفي هذه الأمة أبا السوار العدوي ، فسأله عن شيء من أمر دينه ، فأجابه بما يعلم ، فلم يوافقه ذلك ، فقال : وإلا أنت بريء من الإسلام . قال : إلى أي دين أفر ؟ قال : وإلا امرأته طالق . قال : فإلى من آوي بالليل ؟ فضربه أربعين سوطا . قال : فأتيت أبا عبد الله ، فأخبرته بذلك ، فسر به . رواها عبد الله بن أحمد ، عن محمد بن الفرج مختصرة .

                                                                                      وأبو السوار : هو حسان بن حريث ، يروي عن علي وغيره . قال حماد بن زيد ، عن هشام ، قال : كان أبو السوار يعرض له الرجل ، فيشتمه ، فيقول : إن كنت كما قلت إني إذا لرجل سوء .

                                                                                      أبو نعيم : حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق المدائني ، حدثني أبي ، قال : رأيت في المنام ، كأن الحجر الأسود انصدع . وخرج منه لواء ، فقلت : ما هذا ؟ فقيل : أحمد بن حنبل قد بايع الله عز وجل .

                                                                                      جماعة سمعوا سلمة بن شبيب ، يقول : كنا جلوسا مع أحمد بن حنبل ، إذ جاءه رجل ، فقال : من منكم أحمد بن حنبل ؟ فسكتنا ، فقال : أنا أحمد ، ما حاجتك ؟ قال : صرت إليك من أربعمائة فرسخ برها وبحرها ، جاءني الخضر في منامي ، فقال : تعرف أحمد بن حنبل ؟ قلت : لا . قال : ائت بغداد ، وسل عنه ، وقل له : إن الخضر يقرئك السلام ويقول : إن [ ص: 352 ] ساكن السماء الذي على عرشه راض عنك ، والملائكة راضون عنك بما صيرت نفسك لله . فقال أحمد : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، ألك حاجة غير هذه ؟ قال : ما جئتك إلا لهذا . وانصرف .

                                                                                      رواها أبو نعيم ، عن أبي الشيخ ، حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر ، حدثنا سلمة بهذا .

                                                                                      ورواها عبد الله بن محمد الحامض ، عن محمد بن أحمد بن حسين المروزي ، سمع سلمة بنحوها .

                                                                                      ورواها شيخ الإسلام بإسناد له عن الحسن بن إدريس ، عن سلمة .

                                                                                      ورواها الخطيب ، عن ابن أبي الفوارس ، عن أبي حيويه ، عن محمد بن حفص الخطيب ، أخبرنا محمد بن أحمد بن داود المؤدب عن سلمة .

                                                                                      وتروى بإسناد عن حنبل عن سلمة مختصرة . وقال : إن الله باهى بضربك الملائكة .

                                                                                      الطبراني : حدثنا أحمد بن علي الأبار ، حدثني حبيش بن ، أبي الورد ، قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ، فقال : يا نبي الله ، ما بال أحمد بن حنبل ؟ قال : سيأتيك موسى - عليه السلام - فسله ، فإذا أنا بموسى ، فسألته ، فقال : أحمد بن حنبل بلي في السراء والضراء ، فوجد صادقا ، فألحق بالصديقين .

                                                                                      الخلال : حدثنا أبو يحيى الناقد ، سمعت حجاج بن الشاعر ، يقول : رأيت عما لي في المنام ، كان قد كتب عن هشيم ، فسألته عن ، أحمد بن حنبل ، فقال : ذاك من ، أصحاب عمر بن الخطاب .

                                                                                      قال الخلال : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثني عبد الله بن أبي قرة ، [ ص: 353 ] قال : رأيت في النوم كأني دخلت الجنة ، فإذا قصر من فضة ، فانفتح بابه ، فخرج أحمد بن حنبل ، وعليه رداء من نور ، فقال لي : قد جئت ؟ قلت : نعم . فلم يزل يردد حتى انتهيت .

                                                                                      قال : ورأيت في النوم جبال المسك ، والناس مجتمعون وهم يقولون : قد جاء الغازي ، فدخل أحمد بن حنبل متقلدا السيف ، ومعه رمح ، فقال : هذه الجنة .

                                                                                      ولقد جمع ابن الجوزي فأوعى من المنامات في نحو من ثلاثين ورقة . وأفرد ابن البناء جزءا في ذلك . وليس أبو عبد الله ممن يحتاج تقرير ولايته إلى منامات ، ولكنها جند من جند الله ، تسر المؤمن ولا سيما إذا تواترت .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية