تنبيهان
الأول : ما ذكره بعض العلماء وجزم به
الألوسي في " تفسيره " من أن المفهوم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وإن كانت واحدة فلها النصف مفهوم عدد غلط . والتحقيق هو ما ذكرنا من أنه مفهوم شرط ، وهو أقوى من مفهوم العدد بدرجات كما رأيت فيما تقدم .
قال في " نشر البنود على مراقي السعود " في شرح قوله :
وهو ظرف علة وعدد ومنه شرط غاية تعتمد
ما نصه :
nindex.php?page=treesubj&link=20812والمراد بمفهوم الشرط ما فهم من تعليق حكم على شيء بأداة شرط كإن وإذا ، وقال في شرح هذا البيت أيضا قبل هذا ما نصه : ومنها الشرط نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن [ 65 \ 6 ] ، مفهوم انتفاء المشروط عند انتفاء الشرط ، أي : فغير أولات حمل لا يجب الإنفاق عليهن ونحو : من تطهر صحت صلاته . اهـ منه بلفظه .
فكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وإن كانت واحدة فلها النصف ، علق فيه فرض النصف على شرط هو كون البنت واحدة ، ومفهومه أنه إن انتفى الشرط الذي هو كونها واحدة انتفى المشروط الذي هو فرض النصف كما هو ظاهر ، فإن قيل : كذلك المفهوم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء فوق اثنتين ; لتعليقه بالشرط فالجواب من وجهين :
الأول : أن حقيقة الشرط كونهن نساء ، وقوله فوق اثنتين وصف زائد ، وكونها واحدة هو نفس الشرط لا وصف زائد ، وقد عرفت تقديم مفهوم الشرط على مفهوم الصفة ظرفا كانت أو غيره .
الثاني : أنا لو سلمنا جدليا أنه مفهوم شرط لتساقط المفهومان لاستوائهما ويطلب الدليل من خارج ، وقد ذكرنا الأدلة على كون البنتين ترثان الثلثين كما تقدم .
الثاني : إن قيل : فما الفائدة في لفظة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فوق اثنتين إذا كانت الاثنتان كذلك ؟
[ ص: 228 ] فالجواب من وجهين :
الأول : هو ما ذكرنا من أن حكم الاثنتين أخذ من قوله قبله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين ، كما تقدم وإذن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فوق اثنتين تنصيص على حكم الثلاث فصاعدا كما تقدم .
الثاني : أن لفظة فوق ذكرت ; لإفادة أن البنات لا يزدن على الثلثين ولو بلغ عددهن ما بلغ .
وأما ادعاء أن لفظة فوق زائدة وادعاء أن فوق اثنتين معناه اثنتان فما فوقهما فكله ظاهر السقوط كما ترى ، والقرآن ينزه عن مثله وإن قال به جماعة من أهل العلم .
تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ : مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَجَزَمَ بِهِ
الْأَلُوسِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ " مِنْ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ مَفْهُومُ عَدَدٍ غَلَطٌ . وَالتَّحْقِيقُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ مَفْهُومِ الْعَدَدِ بِدَرَجَاتٍ كَمَا رَأَيْتَ فِيمَا تَقَدَّمَ .
قَالَ فِي " نَشْرِ الْبُنُودِ عَلَى مَرَاقِي السُّعُودِ " فِي شَرْحِ قَوْلِهِ :
وَهُوَ ظَرْفُ عِلَّةٍ وَعَدَدُ وَمِنْهُ شَرْطُ غَايَةٍ تُعْتَمَدُ
مَا نَصَّهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=20812وَالْمُرَادُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ مَا فُهِمَ مِنْ تَعْلِيقِ حُكْمٍ عَلَى شَيْءٍ بِأَدَاةِ شَرْطٍ كَإِنْ وَإِذَا ، وَقَالَ فِي شَرْحِ هَذَا الْبَيْتِ أَيْضًا قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ : وَمِنْهَا الشَّرْطُ نَحْوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ [ 65 \ 6 ] ، مَفْهُومُ انْتِفَاءِ الْمَشْرُوطِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ ، أَيْ : فَغَيْرُ أُولَاتِ حَمْلٍ لَا يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِنَّ وَنَحْوَ : مَنْ تَطَهَّرْ صَحَّتْ صِلَاتُهُ . اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ، عُلِّقَ فِيهِ فَرْضُ النِّصْفِ عَلَى شَرْطٍ هُوَ كَوْنُ الْبِنْتِ وَاحِدَةً ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِنِ انْتَفَى الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ كَوْنُهَا وَاحِدَةً انْتَفَى الْمَشْرُوطُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ النِّصْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ، فَإِنْ قِيلَ : كَذَلِكَ الْمَفْهُومُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ; لِتَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْطِ كَوْنَهُنَّ نِسَاءً ، وَقَوْلُهُ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ وَصْفٌ زَائِدٌ ، وَكَوْنُهَا وَاحِدَةً هُوَ نَفْسُ الشَّرْطِ لَا وَصْفٌ زَائِدٌ ، وَقَدْ عَرَفْتَ تَقْدِيمَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ عَلَى مَفْهُومِ الصِّفَةِ ظَرْفًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ .
الثَّانِي : أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا جَدَلِيًّا أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ لَتَسَاقَطَ الْمَفْهُومَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا وَيُطْلَبُ الدَّلِيلُ مِنْ خَارِجٍ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَدِلَّةَ عَلَى كَوْنِ الْبِنْتَيْنِ تَرِثَانِ الثُّلُثَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ .
الثَّانِي : إِنْ قِيلَ : فَمَا الْفَائِدَةُ فِي لَفْظَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَوْقَ اثْنَتَيْنِ إِذَا كَانَتِ الِاثْنَتَانِ كَذَلِكَ ؟
[ ص: 228 ] فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ حُكْمَ الِاثْنَتَيْنِ أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَنْ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَوْقَ اثْنَتَيْنِ تَنْصِيصٌ عَلَى حُكْمِ الثَّلَاثِ فَصَاعِدًا كَمَا تَقَدَّمَ .
الثَّانِي : أَنَّ لَفْظَةَ فَوْقَ ذُكِرَتْ ; لِإِفَادَةِ أَنَّ الْبَنَاتِ لَا يَزِدْنَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَلَوْ بَلَغَ عَدَدُهُنَّ مَا بَلَغَ .
وَأَمَّا ادِّعَاءُ أَنَّ لَفْظَةَ فَوْقَ زَائِدَةٌ وَادِّعَاءُ أَنَّ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ مَعْنَاهُ اثْنَتَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا فَكُلُّهُ ظَاهِرُ السُّقُوطِ كَمَا تَرَى ، وَالْقُرْآنُ يُنَزَّهُ عَنْ مِثْلِهِ وَإِنْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ .