الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        24657 - وفي هذا الباب :

                                                                                                                        [ ص: 316 ] قال مالك ، في العبد إذا ملكته امرأته ، أو الزوج يملك امرأته : إن ملك كل واحد منهما صاحبه ، يكون فسخا بغير طلاق . وإن تراجعا بنكاح بعد ، لم تكن تلك الفرقة طلاقا .

                                                                                                                        24658 - قال مالك : والعبد إذا أعتقته امرأته - إذا ملكته - وهي في عدة منه ، لم يتراجعا إلا بنكاح جديد .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        24659 - قال أبو عمر : أما المسألة الأولى في المرأة تملك زوجها :

                                                                                                                        24660 - فقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، والثوري في ذلك كقول مالك : إن ملكها له يبطل النكاح بينهما ، وليس ذلك بطلاق .

                                                                                                                        24661 - ومعنى قولهم : ليس ذلك بطلاق ، وإنما هو فسخ النكاح ، فإنهم يؤيدون بذلك أنه إذا نكحها ، وهو حر ، أو عبد لغيرها ، فإنها تكون عنده على عصمة مبتدأة كاملة ، ولا تحرم عليه إلا بثلاث تطليقات كسائر المبتدآت بالنكاح .

                                                                                                                        24662 - وقال الأوزاعي : إذا وجبت الفرقة بينهما بملكها له ، فهو طلاق .

                                                                                                                        24663 - وقالت به فرقة ، منهم : قتادة .

                                                                                                                        24664 - فعلى قول الأوزاعي تكون عنده على طلقتين ، إن طلقها حرمت عليه .

                                                                                                                        24665 - وقال الليث بن سعد : إذا ملكت المرأة زوجها ، فإنه يباع عليها ، [ ص: 317 ] ولا يترك مملوكا لها ، وقد كان يطأها قبل ذلك .

                                                                                                                        24666 - قال أبو عمر : أجمع علماء المسلمين من الصحابة ، والتابعين .

                                                                                                                        24667 - ولم يختلف في ذلك من بعدهم من الفقهاء أن المرأة لا يحل لها أن يطأها من تملكه ، وأنها غير داخلة في قول الله عز وجل : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين [ المؤمنون : 5 - 6 ] وأن هذه الآية عني بها الرجال دون النساء ، ولكنها لو أعتقته بعد ملكها له ، جاز له أن يتزوجها ، كما يجوز لغيره عند الجمهور .

                                                                                                                        24668 - وقد روي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، والشعبي ، والنخعي : أنها لو أعتقته حين ملكته كانا على نكاحهما .

                                                                                                                        24669 - ولا يقول بهذا أحد من فقهاء الأمصار ، وأنها أيضا بملكها له يفسد نكاحهما على ما تقدم .

                                                                                                                        24670 - والذي عليه العمل عندهم ما قاله مالك أنها لو أعتقته بعد ملكها له ، لم يتراجعا إلا بنكاح جديد واضح ، ولو كانت في عدة منه .

                                                                                                                        24671 - حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرني ابن جريج ، قال : حدثني أبو الزبير ، عن جابر أنه سمعه يقول : جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب ، ونحن [ ص: 318 ] بالجابية نكحت عبدها ، فانتهرها ، وهم أن يرجمها ، وقال : لا يحل لك مسلم بعده .

                                                                                                                        24672 - وعن معمر ، عن قتادة ، قال : تسرت امرأة غلامها ، فذكر ذلك لعمر ، فسألها : ما حملها على ذلك ؟ فقالت : كنت أراه يحل لي بملك يميني ، كما تحل للرجل المرأة بملك اليمين ، فاستشار عمر في رجمها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : تأولت كتاب الله - عز وجل - على غير تأويله ، لا رجم عليها ، فقال عمر : لا جرم ، والله لا أحلك لحر بعده أبدا ، وعاقبها بذلك ، ودرأ الحد عنها ، وأمر العبد ألا يقربها .

                                                                                                                        24673 - وعن أبي بكر بن عبد الله أنه سمع أباه يقول : حضرت عمر بن عبد العزيز ، جاءته امرأة من الأعراب بغلام لها رومي فقالت : إني استسررته ، فمنعني بنو عمي عن ذلك ، وإنما أنا بمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها ، فانه عني بني عمي ، فقال عمر : أتزوجت قبله ؟ قالت : نعم ، قال عمر : أما والله لولا منزلتك من الجهالة لرجمتك بالحجارة ، ولكن اذهبوا به ، فبيعوه ممن يخرج به إلى [ ص: 319 ] غير بلدها .

                                                                                                                        24674 - قال أبو عمر : وأما الزوج يملك امرأته ، فلا خلاف بين العلماء في بطلان نكاحها على ما تقدم من اختلافهم ، هل ذلك فسخ نكاح أو طلاق ولكنه يطؤها بملك يمينه ، ولا يحتاج إلى استبرائها من مائه عند جميعهم ، فإن أعتقها بعد ابتياعه لها ، لم تحل له إلا بنكاح ، وصداق .

                                                                                                                        24675 - ولو ورث أو اشترى بعضها ، فإن معمرا روى عن الزهري ، قال : حرمت عليه حتى يستخلصها ، فإن أصابها فحملت ، فهي من أمهات أولاده ، وتقوم لشركائه .

                                                                                                                        24676 - قال معمر : وقال قتادة : لم تزدد منه إلا قربا ، تكون عنده على حالها .

                                                                                                                        24677 - قال أبو عمر : قول ابن شهاب هو قول مالك ; لأنه لما ملك بعضها انفسخ نكاحهما ، ولم يحل له وطؤها ; لأنه لا يملك جميعها فإن وطئها لحقه ولدها ، وقومت عليه لشركائه .

                                                                                                                        24678 - وأما قول قتادة ، فإنه يقول : إنه لا ينفسخ النكاح إلا بملك [ ص: 320 ] جميعها ، ويطؤها بنكاحه ، ولا يزيد ملك اليمين منها إلا قوة .

                                                                                                                        24679 - قال أبو عمر : ولو أن عبدا تزوج بإذن مولاه على صداق معلوم ، فضمنه السيد ، ثم إنه دفع فيه عنده ( في ذلك إلى زوجته ، فملكته بمهرها ، كان النكاح مفسوخا ، فإن كان دخل بها ، فلا شيء على السيد ، وإن كان لم يدخل بها ، فلا شيء لها عند مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة .

                                                                                                                        24680 - وقال الثوري ، والليث : لها نصف المهر .




                                                                                                                        الخدمات العلمية