الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1150 1101 - مالك ، عن ابن شهاب ، وبلغه عن القاسم بن محمد ; أنهما كانا يقولان : إذا نكح الحر الأمة فمسها ، فقد أحصنته .

                                                                                                                        24447 - قال مالك : وكل من أدركت كان يقول ذلك : تحصن الأمة الحر . إذا نكحها فمسها فقد أحصنته .

                                                                                                                        24448 - قال مالك : يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح . ولا تحصن الحرة العبد ، إلا أن يعتق ، وهو زوجها ، فيمسها بعد عتقه . فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن . حتى يتزوج بعد عتقه ، ويمس امرأته .

                                                                                                                        24449 - قال مالك : والأمة إذا كانت تحت الحر ثم فارقها قبل أن تعتق . فإنه لا يحصنها نكاحه إياها وهي أمة . حتى تنكح بعد عتقها ، ويصيبها زوجها .

                                                                                                                        [ ص: 279 ] فذلك إحصانها . والأمة إذا كانت تحت الحر ، فتعتق وهي تحته قبل أن يفارقها . فإنه يحصنها إذا عتقت وهي عنده ، إذا هو أصابها بعد أن تعتق .

                                                                                                                        24450 - وقال مالك : والحرة النصرانية ، واليهودية ، والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم إذا نكح إحداهن ، فأصابها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        24451 - قال أبو عمر : مذهب مالك ، وأصله في هذا الباب أن كل حر جامع جماعا مباحا بنكاح ، وكان بالغا ، فهو يحصن .

                                                                                                                        24452 - وسواء كانت زوجته مسلمة ، أو ذمية ، حرة ، أو أمة .

                                                                                                                        24453 - وكذلك كل حرة مسلمة بالغ جومعت بنكاح صحيح نكاحا مباحا ، فهي محصنة وزوجها ، كان زوجها حرا أو عبدا . ولا يقع الإحصان ولا يثبت لكافر ، ولا لعبد ، ذكر ولا أنثى .

                                                                                                                        24454 - وليس نكاح الحر للأمة إحصانا للأمة ، ولا نكاح الذمي للذمية إحصانا عنده .

                                                                                                                        24455 - وسيأتي ذكر مذهبه ، ومذهب غيره في رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهوديين في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                        24456 - والوطء المحظور والنكاح الفاسد لا يقع به إحصان .

                                                                                                                        [ ص: 280 ] 24457 - والصغيرة تحصن الكبير عنده ، والأمة تحصن الحر ، والذمية تحصن المسلم ، ولا يحصن الكبير الصغيرة ، ولا الحر الأمة ، ولا المسلم الكافرة ، ولا يقع الإحصان إلا بتمام الإيلاج في الفرج ، أقله مجاوزة الختان الختان .

                                                                                                                        24458 - فهذا مذهب مالك ، وأصحابه .

                                                                                                                        24459 - وحد الحصانة التي توجب الرجم في مذهبه : أن يكون الزاني حرا مسلما بالغا عاقلا ، قد وطئ وطئا مباحا في عقد صحيح .

                                                                                                                        24460 - ولا خلاف بين العلماء أن عقد النكاح لا يثبت به إحصان حتى يجامعهم الوطء الموجب الغسل والحد .

                                                                                                                        24461 - وقال مالك : إذا تزوجت المرأة خصيا ، ولم يعلم بوطئها ، ثم علمت أنه خصي ، فلها أن تختار فراقه ، ولا يكون ذلك الوطء إحصانها .

                                                                                                                        24462 - وقال الثوري : لا يحصن الحر المسلم بأمة ولا بكافرة .

                                                                                                                        24463 - وقال الشافعي : إذا دخل بامرأته ، وهما حران بالغان ، فهما يحصنان ، وسواء كانا مسلمين ، أو كافرين .

                                                                                                                        24464 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : الإحصان أن يكونا مسلمين حرين بالغين ، قد جامعها جماعا يوجب الحد ، والغسل .

                                                                                                                        24465 - هذا تحصيل مذهبهم .

                                                                                                                        24466 - وقد روي عن أبي يوسف في " الإملاء " أن المسلم يحصن [ ص: 281 ] النصرانية ، ولا تحصنه .

                                                                                                                        24467 - وروي عنه - أيضا - أن النصراني إذا دخل بامرأته النصرانية ، وهما حران بالغان ، ثم أسلما أنهما محصنان .

                                                                                                                        24468 - وروى بشر بن الوليد ، عن أبي يوسف ، قال ابن أبي ليلى : إذا زنى اليهودي ، والنصراني بعدما أحصن ، فعليهم الرجم .

                                                                                                                        24469 - قال أبو يوسف : وبه نأخذ .

                                                                                                                        24470 - وقال الحسن بن حي : لا يكون الحر المسلم محصنا بالكافرة ، ولا بالأمة ، ولا يحصن إلا بالأمة المسلمة .

                                                                                                                        24471 - قال : ويحصن المسلم الكافرة ، ويحصن الكافران كل واحد منهما صاحبه .

                                                                                                                        24472 - وقال الليث في الزوجين المملوكين : يكونان محصنين حتى يدخل بها بعد إسلامهما .

                                                                                                                        24473 - قال : فإن تزوج امرأة في عدتها ، فوطئها ، ثم فرق بينهما ، فهذا إحصان .

                                                                                                                        24474 - وقال الأوزاعي في العبد تحته حرة : إذا زنى ، فعليه الرجم .

                                                                                                                        24475 - قال : ولو كانت تحته أمة ، فأعتق ثم زنى لم يكن عليه رجم حتى ينكح غيرها .

                                                                                                                        [ ص: 282 ] 24476 - وقال في الجارية التي لم تحصن أنها تحصن الرجل ، والغلام الذي لم يحتلم لا يحصن المرأة .

                                                                                                                        24477 - قال : ولو تزوج امرأة ، فإذا هي أخته من الرضاعة ، فهذا إحصان .

                                                                                                                        24478 - قال أبو عمر : قول الأوزاعي : إن المملوك يكون محصنا بالحرة ، والمملوكة تكون محصنة بالحر . وليس بشيء لأن الله عز وجل يقول : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب [ النساء : 25 ] فالرجم لا يتنصف .

                                                                                                                        24479 - وبيان هذه المسألة في كتاب الحدود عند ذكر حديث أبي هريرة ، وزيد بن خالد في الأمة إذا زنت ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                        24480 - قال أبو عمر : روي مثل قول مالك في أن الأمة تحصن الحر ، وأن العبد يحصن الحرة ، وأن الكافرة تحصن الحر عن سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وابن شهاب .

                                                                                                                        24481 - وروى معمر ، عن الزهري ، قال : سأل عبد الملك بن مروان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : أتحصن الأمة الحر ؟ قال : نعم . قال : عمن ؟ قال : أدركنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون ذلك .

                                                                                                                        [ ص: 283 ] 24482 - وروي عن جابر بن زيد ، والحسن ، وسعيد بن جبير مثل ذلك .

                                                                                                                        24483 - وروي مثل قول الكوفيين عن إبراهيم النخعي ، وعكرمة ، والشعبي ، قالوا : لا يحصن الحر المسلم بيهودية ، ولا نصرانية ، ولا بأمة .

                                                                                                                        24484 - وقد روي عن إبراهيم : أن اليهودية ، والنصرانية ، والأمة لا تحصن المسلم ، وهو يحصنهن .

                                                                                                                        24485 - وقد روي عن الحسن أن الأمة لا تحصن الحر ، وأن الكافرة تحصن المسلم ، خالف بين الكافرة والأمة .

                                                                                                                        24486 - وقال مجاهد ، وطائفة : إذا نكح العبد الحرة أحصنته ، وإذا نكح الحر الأمة أحصنها .

                                                                                                                        24487 - وقال عطاء بن أبي رباح : نكاح الكتابية إحصان ، وليس نكاح الأمة بإحصان .

                                                                                                                        24488 - قال أبو عمر : عن التابعين في هذا الباب ضروب من الاضطراب ، [ ص: 284 ] وفي احتجاج أتباع الفقهاء لمذاهبهم في هذا الباب تشعيب .

                                                                                                                        24489 - وسنذكر عيونا في كتاب الحدود - فهو أولى - إن شاء الله تعالى ، وهو الموفق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية