الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( فإن نسي سنة نظرت فإن ذكر ذلك ، وقد تلبس بغيرها ، مثل إن ترك دعاء الاستفتاح فذكر وهو في التعوذ أو ترك التشهد الأول فذكره وقد انتصب قائما لم يعد إليه ، والدليل عليه ما روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما [ ص: 50 ] فليجلس فإن استتم قائما فلا يجلس ويسجد سجدتين } ففرق بين أن ينتصب وبين أن لا ينتصب ; لأنه إذا انتصب حصل في غيره وإذا لم ينتصب لم يحصل في غيره فدل على ما ذكرناه ، فإن نسي تكبيرات العيد حتى افتتح القراءة ففيه قولان .

                                      قال في القديم : يأتي بها لأن محلها القيام ، والقيام باق .

                                      وقال في الجديد : لا يأتي بها ; لأنه ذكر مسنون قبل القراءة فسقط بالدخول في القراءة كدعاء الاستفتاح ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث المغيرة رواه أبو داود وابن ماجه بهذا اللفظ بإسناد ضعيف .

                                      وفي رواية عن زياد بن علاقة قال { صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين فقلنا : سبحان الله ، قال : سبحان الله ، ومضى فلما أتم صلاته وسلم سجد سجدتي السهو ، فلما انصرف قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع كما صنعت } " رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وهذه الرواية يحصل بها الدلالة ; لما ذكره المصنف وروى الحاكم مثلها من رواية سعد بن أبي وقاص ، ومن رواية عقبة بن عامر وقال : هما صحيحتان على شرط البخاري ومسلم قال أصحابنا : إذا ترك المصلي سنة وتلبس بغيرها لم يعد إليها سواء تلبس بفرض أم بسنة أخرى ; فمثال التلبس بفرض أن يترك دعاء الاستفتاح أو التعوذ أو كليهما حتى يشرع في القراءة أو يترك تسبيح الركوع أو السجود حتى يتلبس بالركن الذي بعدهما ، أو يترك التشهد الأول حتى ينتصب قائما أو القنوت حتى يسجد أو جلسة الاستراحة حتى ينتصب قائما ونحو ذلك .

                                      ومثال التلبس بسنة أخرى أن يترك دعاء الاستفتاح حتى يشرع في التعوذ ، ودليل الجميع حديث المغيرة ، أعني الرواية الثانية الصحيحة ، وذكر الشيخ أبو حامد في تعليقه أنه إذا ترك دعاء الاستفتاح وتعوذ عاد إليه من التعوذ ، والمشهور في المذهب أنه لا يعود كما جزم به المصنف وسواء كان الترك عمدا أم سهوا ، فلو خالف وعاد من التعوذ إلى الاستفتاح لم تبطل صلاته ، وإن عاد من الاعتدال إلى الركوع لتسبيح الركوع أو من القيام أو التعوذ إلى السجود لتسبيح السجود ، أو من القيام إلى الجلوس للتشهد الأول ، أو من السجود إلى الاعتدال للقنوت بطلت صلاته إن كان عامدا عالما بتحريمه ، فإن كان ناسيا أو جاهلا لم تبطل ويسجد للسهو .

                                      وفي هذه [ ص: 51 ] المسألة فروع تتعلق بها سنبسط بعضها في الفصل الآتي وبعضها في أواخر باب صلاة الجماعة حيث ذكر المصنف أصلها إن شاء الله - تعالى .

                                      وأما إذا نسي التكبيرات الزوائد في صلاة العيد فينظر إن تذكرها في الركوع أو بعده لم يعدها بلا خلاف لفوات محلها ، فإن كبرها في ركوعه وما بعده كره ولم تبطل صلاته ; لأن الأذكار لا تبطل الصلاة وإن كانت في غير موضعها ، وإن رجع إلى القيام ليكبرها بطلت صلاته إن كان عامدا عالما بتحريمه ، وإلا فلا تبطل ويسجد للسهو ، وإن تذكرها بعد القراءة وقبل الركوع فهي مسألة الكتاب ، وفيها القولان المذكوران في الكتاب ( الجديد ) أنه لا يكبر لفوات محله فإن محله عقب تكبيرة الإحرام ( والقديم ) أنه يكبر لبقاء القيام ، والأصح عند الأصحاب هو الجديد ولو تذكرها في أثناء الفاتحة لم يعدها في الجديد لفوات المحل ، وفي القديم يعيدها ثم تستأنف الفاتحة وإذا تدارك التكبيرات بعد فراغ الفاتحة استحب استئنافها ، وفي وجه يجب إعادة الفاتحة ، والصحيح الاستحباب ولو أدرك مسبوق الإمام في أثناء القراءة أو وقد كبر بعض التكبيرات الزوائد فعلى الجديد لا يكبر ما فاته ، وعلى القديم يكبر ، ولو أدركه راكعا ركع معه ولا يكبرهن بلا خلاف ، ولو أدركه في الركعة الثانية كبر معه خمسا على الجديد فإذا قام إلى فائتة كبر أيضا خمسا والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية