الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل

                                                                                                                772 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير وأبو معاوية ح وحدثنا زهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم جميعا عن جرير كلهم عن الأعمش ح وحدثنا ابن نمير واللفظ له حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة ثم مضى فقلت يصلي بها في ركعة فمضى فقلت يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع فجعل يقول سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحوا من قيامه ثم قال سمع الله لمن حمده ثم قام طويلا قريبا مما ركع ثم سجد فقال سبحان ربي الأعلى فكان سجوده قريبا من قيامه قال وفي حديث جرير من الزيادة فقال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل

                                                                                                                فيه حديث حذيفة وحديث ابن مسعود .

                                                                                                                قوله : ( حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة ) هذا الإسناد فيه أربعة تابعيون بعضهم عن بعض وهم الأعمش والثلاثة بعده .

                                                                                                                قوله : ( صليت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى ، [ ص: 395 ] فقلت : يصلي بها في ركعة فمضى ، فقلت : يركع بها ، ثم افتتح النساء فقرأها . ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ ، مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ) . . . إلى آخره .

                                                                                                                قوله : ( فقلت يصلي بها في ركعة ) معناه : ظننت أنه يسلم بها فيقسمها على ركعتين ، وأراد بالركعة الصلاة بكمالها وهي ركعتان ، ولا بد من هذا التأويل فينتظم الكلام بعده . وعلى هذا فقوله : ( ثم مضى ) معناه : قرأ معظمها بحيث غلب على ظني أنه لا يركع الركعة الأولى إلا في آخرة البقرة ، فحينئذ قلت : يركع الركعة الأولى بها ، فجاوز وافتتح النساء .

                                                                                                                وقوله : ( ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران ) . قال القاضي عياض : فيه دليل لمن يقول إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف ، وإنه لم يكن ذلك من ترتيب النبي - صلى الله عليه وسلم - بل وكله إلى أمته بعده . قال : وهذا قول مالك وجمهور العلماء ، واختاره القاضي أبو بكر الباقلاني . قال ابن الباقلاني : هو أصح القولين مع احتمالهما قال : والذي نقوله : إن ترتيب السور ليس بواجب في الكتابة ولا في الصلاة ولا في الدرس ولا في التلقين والتعليم ، وأنه لم يكن من النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك نص ، ولا حد تحرم مخالفته ، ولذلك اختلف ترتيب المصاحف قبل مصحف عثمان .

                                                                                                                قال : واستجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمة بعده في جميع الأعصار ترك ترتيب السور في الصلاة والدرس والتلقين .

                                                                                                                قال : وأما على قول من يقول من أهل العلم : إن ذلك بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - حدده لهم كما استقر في مصحف عثمان ، وإنما اختلاف المصاحف قبل أن يبلغهم التوقيف والعرض الأخير ، فيتأول قراءته - صلى الله عليه وسلم - النساء أولا ثم آل عمران هنا على أنه كان قبل التوقيف والترتيب ، وكانت هاتان السورتان هكذا في مصحف أبي .

                                                                                                                قال : ولا خلاف أنه يجوز للمصلي أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي قرأها في الأولى ، وإنما يكره ذلك في ركعة ولمن يتلو في غير صلاة . قال : وقد أباحه بعضهم وتأويل نهي السلف عن قراءة القرآن منكوسا على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها .

                                                                                                                قال : ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف ، وهكذا نقلته الأمة عن نبيها - صلى الله عليه وسلم . هذا آخر كلام القاضي عياض ، والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ ) فيه : استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها ، ومذهبنا استحبابه للإمام والمأموم والمنفرد .

                                                                                                                قوله : ( ثم ركع فجعل يقول سبحان ربي العظيم وقال في السجود : سبحان ربي الأعلى ) فيه : استحباب تكرير سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود ، وهو مذهبنا ومذهب الأوزاعي وأبي حنيفة والكوفيين وأحمد والجمهور وقال مالك : لا يتعين ذكر الاستحباب .

                                                                                                                قوله : ( ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ثم قام طويلا قريبا مما ركع ثم سجد ) هذا فيه دليل لجواز تطويل الاعتدال عن الركوع ، وأصحابنا يقولون : ولا يجوز ويبطلون به الصلاة .




                                                                                                                الخدمات العلمية