الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الرابعة قوله تعالى : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا } .

                                                                                                                                                                                                              فيها مسألتان : [ ص: 117 ] المسألة الأولى قوله تعالى : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أنه يدخل مكة ويطوف ، فأنذر أصحابة بالعمرة ، وخرج في ألف وأربعمائة من أصحابه ، ومائتي قرشي ، حتى أتى أصحابه ، وبلغ الحديبية فصده المشركون وصالحوه أن يدخل مكة من العام المقبل بسلاح الراكب بالسيف والفرس ، وفي رواية : بجلبان السلاح وهو السيف في قرابه ، فسميت عمرة القضية ، لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم من القضية ، وسميت عمرة القضاء ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاها من قابل . وسميت مرة عمرة القصاص لقوله تعالى : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } أي اقتصصتم منهم كما صدوكم : فارتاب المنافقون ، ودخل الهم على جماعة من الرفعاء من أصحابه ، فجاء عمر بن الخطاب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، فقال له : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه داخل البيت فمطوف به ، قال : نعم ، ولكن لم يقل العام ، وإنه آتيه فمطوف به . وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مثل ما قال لأبي بكر ، وراجعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمراجعة أبي بكر .

                                                                                                                                                                                                              قال عمر بن الخطاب : فعملت لذلك أعمالا يعني من الخير كفارة لذلك التوقف الذي داخله حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد صد عن البيت ، ولم تخرج رؤياه في ذلك العام . المسألة الثالثة فلما كان في العام القابل دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه آمنين فحلقوا وقصروا .

                                                                                                                                                                                                              وفي الصحيح أن معاوية { أخذ من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم على المروة بمشقص } وهذا كان في العمرة لا في الحج ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق في حجته ، وأقام بها ثلاثة أيام ، فلما انقضت الثلاث أراد أن يبني بميمونة بمكة فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبنى بها بسرف ، وكذلك روى ابن القاسم عن مالك في ذكر ميمونة خاصة مما تقدم ذكره .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية