( وأما ) بيان قدر القراءة فالكلام فيه يقع في ثلاثة مواضع : أحدها - في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=1530القدر المفروض الذي يتعلق به أصل الجواز والثاني - في بيان القدر الذي يخرج به عن حد الكراهة والثالث - في بيان القدر المستحب ( أما ) الكلام فيما يستحب من القراءة وفيما يكره فنذكره في موضعه ، وههنا نذكر القدر الذي يتعلق به أصل الجواز ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فيه ثلاث روايات : في ظاهر الرواية قدر أدنى المفروض بالآية التامة ، طويلة كانت أو قصيرة ، كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=64مدهامتان } .
وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=21ثم نظر } ، وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=22ثم عبس وبسر } رواية الفرض غير مقدر بل هو على أدنى ما يتناوله الاسم ، سواء كانت آية أو ما دونها بعد أن قرأها على قصد القراءة .
وفي رواية قدر الفرض بآية طويلة كآية الكرسي ، وآية الدين ، أو ثلاث آيات قصار ، وبه أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، وأصله قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن } فهما يعتبران العرف ، ويقولان : مطلق الكلام ينصرف إلى المتعارف ، وأدنى ما يسمى المرء به قارئا في العرف أن يقرأ آية طويلة أو ثلاث آيات قصار
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يحتج بالآية من وجهين : أحدهما - أنه أمر بمطلق القراءة ، وقراءة آية قصيرة قراءة والثاني - أنه أمر بقراءة ما تيسر من القرآن وعسى لا يتيسر إلا هذا القدر .
وما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة أقيس ; لأن القراءة مأخوذة من القرآن أي الجمع ، سمي بذلك لأنه يجمع السور فيضم بعضها إلى بعض ، ويقال قرأت الشيء قرآنا أي جمعته ، فكل شيء جمعته فقد قرأته .
وقد حصل معنى الجمع بهذا القدر لاجتماع حروف الكلمة عند التكلم ، وكذا العرف ثابت ، فإن الآية التامة أدنى ما ينطلق عليه اسم القرآن في العرف .
فأما ما دون الآية فقد يقرأ لا على سبيل القرآن فيقال : بسم الله ، أو الحمد لله ، أو سبحان الله ، فلذلك قدرنا بالآية التامة على أنه لا عبرة لتسميته قارئا في العرف ; لأن هذا أمر بينه وبين الله - تعالى - فلا يعتبر فيه عرف الناس وقد قرر
nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري الرواية الأخرى وهي أن المفروض غير مقدر .
وقال : المفروض مطلق القراءة من غير تقدير ، ولهذا يحرم ما دون الآية على الجنب والحائض ، إلا أنه قد يقرأ لا على قصد القرآن وذا لا يمنع الجواز ، فإن الآية التامة قد تقرأ لا على قصد القرآن في الجملة ، ألا ترى أن التسمية قد تذكر لافتتاح الأعمال لا لقصد القرآن ، وهي آية تامة ؟ وكلامنا فيما إذا قرأ على قصد القرآن فيجب أن يتعلق به الجواز ولا يعتبر فيه العرف لما بينا ، ثم الجواز كما يثبت بالقراءة بالعربية يثبت بالقراءة بالفارسية عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة سواء كان يحسن العربية أو لا يحسن ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : إن كان يحسن لا يجوز ، وإن كان لا يحسن يجوز ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز أحسن أو لم يحسن ، وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=22732لم يحسن العربية يسبح ويهلل عنده ولا يقرأ بالفارسية ، وأصله قوله قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن } ، أمر بقراءة القرآن في الصلاة ، فهم قالوا : إن القرآن هو المنزل بلغة العرب ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2إنا أنزلناه قرآنا عربيا } ، فلا يكون الفارسي قرآنا فلا يخرج به عن عهدة الأمر ، ولأن القرآن معجز ، والإعجاز من حيث اللفظ يزول بزوال النظم العربي فلا يكون الفارسي قرآنا لانعدام الإعجاز ، ولهذا لم تحرم قراءته على الجنب والحائض ، إلا أنه إذا لم يحسن العربية فقد عجز عن مراعاة لفظه فيجب عليه مراعاة معناه ليكون التكليف بحسب الإمكان ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هذا ليس بقرآن فلا يؤمر بقراءته ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول : إن الواجب في الصلاة قراءة القرآن من حيث هو لفظ دال على كلام الله - تعالى - الذي هو صفة قائمة به لما يتضمن من العبر والمواعظ والترغيب والترهيب والثناء والتعظيم ، لا من حيث هو لفظ عربي ، ومعنى الدلالة عليه لا يختلف بين لفظ ولفظ ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وإنه لفي زبر الأولين } .
وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=18إن هذا لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم وموسى } ، ومعلوم أنه ما كان في كتبهم بهذا اللفظ بل بهذا المعنى .
( وأما ) قولهم : إن القرآن هو المنزل بلغة العرب - ( فالجواب ) عنه من وجهين : أحدهما : أن كون العربية قرآنا لا ينفي
[ ص: 113 ] أن يكون غيرها قرآنا ، وليس في الآية نفيه ، وهذا لأن العربية سميت قرآنا لكونها دليلا على ما هو القرآن ، وهي الصفة التي هي حقيقة الكلام ، ولهذا قلنا : إن القرآن غير مخلوق على إرادة تلك الصفة دون العبارات العربية ، ومعنى الدلالة يوجد في الفارسية فجاز تسميتها قرآنا ، دل عليه قوله - تعالى - : {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44ولو جعلناه قرآنا أعجميا } أخبر أنه لو عبر عنه بلسان العجم كان قرآنا والثاني : إن كان لا يسمى غير العربية قرآنا لكن قراءة العربية ما وجبت لأنها تسمى قرآنا بل لكونها دليلا على ما هو القرآن الذي هو صفة قائمة بالله ، بدليل أنه لو قرأ عربية لا يتأدى بها كلام الله تفسد صلاته ، فضلا من أن تكون قرآنا واجبا ، ومعنى الدلالة لا يختلف فلا يختلف الحكم المتعلق به ، والدليل على أن عندهما تفترض
nindex.php?page=treesubj&link=22734_22732القراءة بالفارسية على غير القادر على العربية ، وعذرهما غير مستقيم ; لأن الوجوب متعلق بالقرآن وإنه قرآن عندهما باعتبار اللفظ دون المعنى ، فإذا زال اللفظ لم يكن المعنى قرآنا فلا معنى للإيجاب ، ومع ذلك وجب ، فدل أن الصحيح ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ; ولأن غير العربية إذا لم يكن قرآنا لم يكن من كلام الله - تعالى - فصار من كلام الناس وهو يفسد الصلاة ، والقول بتعلق الوجوب بما هو مفسد غير سديد .
( وأما ) قولهم : إن الإعجاز من حيث اللفظ لا يحصل بالفارسية - فنعم لكن قراءة ما هو معجز النظم عنده ليس بشرط ; لأن التكليف ورد بمطلق القراءة لا بقراءة ما هو معجز ، ولهذا جوز قراءة آية قصيرة وإن لم تكن هي معجزة ما لم تبلغ ثلاث آيات ، وفصل الجنب والحائض ممنوع .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=22733_1530قرأ شيئا من التوراة أو الإنجيل أو الزبور في الصلاة إن تيقن أنه غير محرف يجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لما قلنا ، وإن لم يتيقن لا يجوز ; لأن الله - تعالى - أخبر عن تحريفهم بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46يحرفون الكلم عن مواضعه } ، فيحتمل أن المقروء محرف فيكون من كلام الناس ، فلا يحكم بالجواز بالشك والاحتمال ، وعلى هذا الخلاف إذا
nindex.php?page=treesubj&link=959_945تشهد أو خطب يوم الجمعة بالفارسية .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=1565أمن بالفارسية ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=16984سمى عند الذبح بالفارسية ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=3410لبى عند الإحرام بالفارسية ، أو بأي لسان كان يجوز بالإجماع ولو
nindex.php?page=treesubj&link=22699أذن بالفارسية قيل : إنه على هذا الخلاف ، وقيل : لا يجوز بالاتفاق ; لأنه لا يقع به الإعلام ، حتى لو وقع به الإعلام يجوز والله أعلم .
( وَأَمَّا ) بَيَانُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فَالْكَلَامُ فِيهِ يَقَعُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ : أَحَدُهَا - فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=1530الْقَدْرِ الْمَفْرُوضِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ أَصْلُ الْجَوَازِ وَالثَّانِي - فِي بَيَانِ الْقَدْرِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ الْكَرَاهَةِ وَالثَّالِثُ - فِي بَيَانِ الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ ( أَمَّا ) الْكَلَامُ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَفِيمَا يُكْرَهُ فَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ ، وَهَهُنَا نَذْكُرُ الْقَدْرَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ أَصْلُ الْجَوَازِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ : فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَدَّرَ أَدْنَى الْمَفْرُوضِ بِالْآيَةِ التَّامَّةِ ، طَوِيلَةً كَانَتْ أَوْ قَصِيرَةً ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=64مُدْهَامَّتَانِ } .
وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=21ثُمَّ نَظَرَ } ، وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=22ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } رِوَايَةٍ الْفَرْضُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بَلْ هُوَ عَلَى أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ ، سَوَاءٌ كَانَتْ آيَةً أَوْ مَا دُونَهَا بَعْدَ أَنْ قَرَأَهَا عَلَى قَصْدِ الْقِرَاءَةِ .
وَفِي رِوَايَةٍ قُدِّرَ الْفَرْضُ بِآيَةٍ طَوِيلَةٍ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ ، وَآيَةِ الدَّيْنِ ، أَوْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ ، وَبِهِ أَخَذَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ ، وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } فَهُمَا يَعْتَبِرَانِ الْعُرْفَ ، وَيَقُولَانِ : مُطْلَقُ الْكَلَامِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ ، وَأَدْنَى مَا يُسَمَّى الْمَرْءُ بِهِ قَارِئًا فِي الْعُرْفِ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً طَوِيلَةً أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارٍ
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ يَحْتَجُّ بِالْآيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ أَمْرٌ بِمُطْلَقِ الْقِرَاءَةِ ، وَقِرَاءَةُ آيَةٍ قَصِيرَةٍ قِرَاءَةٌ وَالثَّانِي - أَنَّهُ أَمْرٌ بِقِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ وَعَسَى لَا يَتَيَسَّرُ إلَّا هَذَا الْقَدْرُ .
وَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ أَقْيَسُ ; لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ أَيْ الْجَمْعِ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ السُّوَرَ فَيَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ ، وَيُقَالُ قَرَأْتُ الشَّيْءَ قُرْآنًا أَيْ جَمَعْتُهُ ، فَكُلُّ شَيْءٍ جَمَعْتُهُ فَقَدْ قَرَأْتُهُ .
وَقَدْ حَصَلَ مَعْنَى الْجَمْعِ بِهَذَا الْقَدْرِ لِاجْتِمَاعِ حُرُوفِ الْكَلِمَةِ عِنْدَ التَّكَلُّمِ ، وَكَذَا الْعُرْفُ ثَابِتٌ ، فَإِنَّ الْآيَةَ التَّامَّةَ أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقُرْآنِ فِي الْعُرْفِ .
فَأَمَّا مَا دُونَ الْآيَةِ فَقَدْ يُقْرَأُ لَا عَلَى سَبِيلِ الْقُرْآنِ فَيُقَالُ : بِسْمِ اللَّهِ ، أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ ، فَلِذَلِكَ قَدَّرْنَا بِالْآيَةِ التَّامَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِتَسْمِيَتِهِ قَارِئًا فِي الْعُرْفِ ; لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ النَّاسِ وَقَدْ قَرَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14972الْقُدُورِيُّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْمَفْرُوضَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ .
وَقَالَ : الْمَفْرُوضُ مُطْلَقُ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ ، وَلِهَذَا يَحْرُمُ مَا دُونَ الْآيَةِ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَقْرَأُ لَا عَلَى قَصْدِ الْقُرْآنِ وَذَا لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ ، فَإِنَّ الْآيَةَ التَّامَّةَ قَدْ تُقْرَأُ لَا عَلَى قَصْدِ الْقُرْآنِ فِي الْجُمْلَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ قَدْ تُذْكَرُ لِافْتِتَاحِ الْأَعْمَالِ لَا لِقَصْدِ الْقُرْآنِ ، وَهِيَ آيَةٌ تَامَّةٌ ؟ وَكَلَامُنَا فِيمَا إذَا قَرَأَ عَلَى قَصْدِ الْقُرْآنِ فَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ الْجَوَازُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ لِمَا بَيَّنَّا ، ثُمَّ الْجَوَازُ كَمَا يَثْبُتُ بِالْقِرَاءَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ يَثْبُتُ بِالْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا يُحْسِنُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ : إنْ كَانَ يُحْسِنُ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ يَجُوزُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا يَجُوزُ أَحْسَنَ أَوْ لَمْ يُحْسِنْ ، وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=22732لَمْ يُحْسِنْ الْعَرَبِيَّةَ يُسَبِّحُ وَيُهَلِّلُ عِنْدَهُ وَلَا يَقْرَأُ بِالْفَارِسِيَّةِ ، وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } ، أَمَرَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ ، فَهُمْ قَالُوا : إنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْمُنَزَّلُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا } ، فَلَا يَكُونُ الْفَارِسِيُّ قُرْآنًا فَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ ، وَلِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ ، وَالْإِعْجَازُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ يَزُولُ بِزَوَالِ النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ فَلَا يَكُونُ الْفَارِسِيُّ قُرْآنًا لِانْعِدَامِ الْإِعْجَازِ ، وَلِهَذَا لَمْ تُحَرَّمْ قِرَاءَتُهُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ ، إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْعَرَبِيَّةَ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ مُرَاعَاةِ لَفْظِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ مَعْنَاهُ لِيَكُونَ التَّكْلِيفُ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ هَذَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِقِرَاءَتِهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ : إنَّ الْوَاجِبَ فِي الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ - تَعَالَى - الَّذِي هُوَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ لِمَا يَتَضَمَّنُ مِنْ الْعِبَرِ وَالْمَوَاعِظِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالثَّنَاءِ وَالتَّعْظِيمِ ، لَا مِنْ حَيْثُ هُوَ لَفْظٌ عَرَبِيٌّ ، وَمَعْنَى الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ لَفْظٍ وَلَفْظٍ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ } .
وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=18إنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ، صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى } ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَا كَانَ فِي كُتُبِهِمْ بِهَذَا اللَّفْظِ بَلْ بِهَذَا الْمَعْنَى .
( وَأَمَّا ) قَوْلُهُمْ : إنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْمُنَزَّلُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ - ( فَالْجَوَابُ ) عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ كَوْنَ الْعَرَبِيَّةِ قُرْآنًا لَا يَنْفِي
[ ص: 113 ] أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا قُرْآنًا ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ نَفْيُهُ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعَرَبِيَّةَ سُمِّيَتْ قُرْآنًا لِكَوْنِهَا دَلِيلًا عَلَى مَا هُوَ الْقُرْآن ، وَهِيَ الصِّفَةُ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةُ الْكَلَامِ ، وَلِهَذَا قُلْنَا : إنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ عَلَى إرَادَةِ تِلْكَ الصِّفَةِ دُونَ الْعِبَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَمَعْنَى الدَّلَالَةِ يُوجَدُ فِي الْفَارِسِيَّةِ فَجَازَ تَسْمِيَتُهَا قُرْآنًا ، دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - : {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا } أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ عَنْهُ بِلِسَانِ الْعَجَمِ كَانَ قُرْآنًا وَالثَّانِي : إنْ كَانَ لَا يُسَمَّى غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ قُرْآنًا لَكِنَّ قِرَاءَةَ الْعَرَبِيَّةَ مَا وَجَبَتْ لِأَنَّهَا تُسَمَّى قُرْآنًا بَلْ لِكَوْنِهَا دَلِيلًا عَلَى مَا هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِاَللَّهِ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ عَرَبِيَّةً لَا يَتَأَدَّى بِهَا كَلَامُ اللَّهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، فَضْلًا مِنْ أَنْ تَكُونَ قُرْآنًا وَاجِبًا ، وَمَعْنَى الدَّلَالَةِ لَا يَخْتَلِفُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ ، وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ عِنْدَهُمَا تُفْتَرَضُ
nindex.php?page=treesubj&link=22734_22732الْقِرَاءَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ عَلَى غَيْرِ الْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ ، وَعُذْرُهُمَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ; لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِالْقُرْآنِ وَإِنَّهُ قُرْآنٌ عِنْدَهُمَا بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى ، فَإِذَا زَالَ اللَّفْظُ لَمْ يَكُنْ الْمَعْنَى قُرْآنًا فَلَا مَعْنَى لِلْإِيجَابِ ، وَمَعَ ذَلِكَ وَجَبَ ، فَدَلَّ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ; وَلِأَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا لَمْ يَكُنْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَصَارَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَهُوَ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ ، وَالْقَوْلُ بِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِمَا هُوَ مُفْسِدٌ غَيْرُ سَدِيدٍ .
( وَأَمَّا ) قَوْلُهُمْ : إنَّ الْإِعْجَازَ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ لَا يَحْصُلُ بِالْفَارِسِيَّةِ - فَنَعَمْ لَكِنَّ قِرَاءَةَ مَا هُوَ مُعْجِزُ النَّظْمِ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ ; لِأَنَّ التَّكْلِيفَ وَرَدَ بِمُطْلَقِ الْقِرَاءَةِ لَا بِقِرَاءَةِ مَا هُوَ مُعْجِزٌ ، وَلِهَذَا جَوَّزَ قِرَاءَةَ آيَةٍ قَصِيرَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ مُعْجِزَةً مَا لَمْ تَبْلُغْ ثَلَاثَ آيَاتٍ ، وَفَصْلُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ مَمْنُوعٌ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=22733_1530قَرَأَ شَيْئًا مِنْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ أَوْ الزَّبُورِ فِي الصَّلَاةِ إنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّفٍ يَجُوزُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا قُلْنَا ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَخْبَرَ عَنْ تَحْرِيفِهِمْ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ } ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَقْرُوءَ مُحَرَّفٌ فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ، فَلَا يُحْكَمُ بِالْجَوَازِ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=959_945تَشَهَّدَ أَوْ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=1565أَمَّنَ بِالْفَارِسِيَّةِ ، أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16984سَمَّى عِنْدَ الذَّبْحِ بِالْفَارِسِيَّةِ ، أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3410لَبَّى عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْفَارِسِيَّةِ ، أَوْ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=22699أَذَّنَ بِالْفَارِسِيَّةِ قِيلَ : إنَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ ، وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ ; لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الْإِعْلَامُ ، حَتَّى لَوْ وَقَعَ بِهِ الْإِعْلَامُ يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .