الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ) فابتغاء الوسيلة إليه : طلب القرب منه بالعبودية والمحبة . فذكر مقامات الإيمان الثلاثة التي عليها بناؤه : الحب ، والخوف ، والرجاء . قال تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت ) ، وقال : ( nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) ، وقال تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ) .
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - قبل موته بثلاث - : nindex.php?page=hadith&LINKID=980319nindex.php?page=treesubj&link=20001لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه ، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=980320يقول الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء .
nindex.php?page=treesubj&link=20000 " الرجاء " حاد يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب . وهو الله والدار الآخرة . ويطيب لها السير .
ولهذا أجمع العارفون على أن nindex.php?page=treesubj&link=20000الرجاء لا يصح إلا مع العمل .
قال شاه الكرماني : علامة صحة الرجاء حسن الطاعة .
nindex.php?page=treesubj&link=20004والرجاء ثلاثة أنواع : نوعان محمودان ، ونوع غرور مذموم .
فالأولان nindex.php?page=treesubj&link=20007رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله . فهو راج لثوابه . nindex.php?page=treesubj&link=20007ورجل أذنب ذنوبا ثم تاب منها . فهو راج لمغفرة الله تعالى وعفوه وإحسانه وجوده وحلمه وكرمه .
والثالث : nindex.php?page=treesubj&link=20005رجل متماد في التفريط والخطايا . يرجو رحمة الله بلا عمل . فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب .
وللسالك نظران : نظر إلى نفسه وعيوبه وآفات عمله ، يفتح عليه باب الخوف إلى سعة فضل ربه وكرمه وبره . ونظر يفتح عليه باب الرجاء .
ولهذا قيل في nindex.php?page=treesubj&link=20000حد الرجاء : هو النظر إلى سعة رحمة الله .
وقال أبو علي الروذباري : الخوف والرجاء كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه . وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص . وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت .
[ ص: 38 ] وسئل أحمد بن عاصم : ما nindex.php?page=treesubj&link=20000علامة الرجاء في العبد ؟ فقال : أن يكون إذا أحاط به الإحسان ألهم الشكر ، راجيا لتمام النعمة من الله عليه في الدنيا والآخرة ، وتمام عفوه عنه في الآخرة .
واختلفوا ، أي الرجائين أكمل : رجاء المحسن ثواب إحسانه . أو رجاء المسيء التائب مغفرة ربه وعفوه ؟ .
فطائفة رجحت رجاء المحسن . لقوة أسباب الرجاء معه . وطائفة رجحت رجاء المذنب ؛ لأن رجاءه مجرد عن علة رؤية العمل ، مقرون بذلة رؤية الذنب .
قال nindex.php?page=showalam&ids=17335يحيى بن معاذ : يكاد رجائي لك مع الذنوب يغلب رجائي لك مع الأعمال ؛ لأني أجدني أعتمد في الأعمال على الإخلاص ، وكيف أصفيها وأحرزها ؟ وأنا بالآفات معروف . وأجدني في الذنوب أعتمد على عفوك ، وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف ؟ .
وقال أيضا : إلهي ، أحلى العطايا في قلبي رجاؤك . وأعذب الكلام على لساني ثناؤك . وأحب الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك .