الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا

                                                                                                                                                                                                                                      فأجاءها المخاض أي: فألجأها. وهو في الأصل منقول من جاء، لكنه لم يستعمل في غيره كآتى في أعطى، وقرئ: (المخاض) بكسر الميم، وكلاهما مصدر مخضت المرأة إذا تحرك الولد في بطنها للخروج. إلى جذع النخلة لتستتر به، وتعتمد عليه عند الولادة، وهو ما بين العرق والغصن، وكانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا خضرة، وكان الوقت شتاء. والتعريف إما للجنس، أو للعهد، إذا لم يكن ثمة غيرها. وكانت كالمتعالم عند الناس، ولعله تعالى ألهمها ذلك ليريها من آياتها ما يسكن روعتها، ويطعمها الرطب الذي هو خرسة النفساء الموافقة لها. قالت يا ليتني مت بكسر الميم من مات يمات كخفت، وقرئ: بضمها من مات يموت. قبل هذا أي: هذا الوقت الذي لقيت فيه ما لقيت، وإنما قالته مع أنها كانت تعلم ما جرى بينها وبين جبريل عليه السلام من الوعد الكريم استحياء من الناس، وخوفا من لائمتهم. أو حذارا من وقوع الناس في المعصية بما تكلموا فيها، أو جريا على سنن الصالحين عند اشتداد الأمر عليهم. كما روي عن عمر رضي الله عنه: أنه أخذ تبنة من الأرض، فقال: يا ليتني هذه التبنة، ولم أكن شيئا. وعن بلال أنه قال: ليت بلالا لم تلده أمه . وكنت نسيا أي: شيئا تافها شأنه أن ينسى، ولا يعتد به أصلا. وقرئ: بالكسر. قيل: هما لغتان في ذلك كالوتر والوتر، وقيل: هو بالكسر اسم لما ينسى كالنقض اسم [ ص: 262 ] لما ينقض، وبالفتح مصدر سمي به المفعول مبالغة. وقرئ بهما: مهموزا من نسأت اللبن إذا صببت عليه الماء، فصار مستهلكا فيه، وقرئ: نسا كعصا. منسيا لا يخطر ببال أحد من الناس، وهو نعت للمبالغة. وقرئ: بكسر الميم إتباعا له بالسين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية