[ ص: 283 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28980_30881تأويل قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ( 48 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : لقد التمس هؤلاء المنافقون الفتنة لأصحابك ، يا
محمد ، التمسوا صدهم عن دينهم وحرصوا على ردهم إلى الكفر بالتخذيل عنه ، كفعل
عبد الله بن أبي بك وبأصحابك يوم أحد ، حين انصرف عنك بمن تبعه من قومه . وذلك كان ابتغاءهم ما كانوا ابتغوا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتنة من قبل . ويعني بقوله : ( من قبل ) ، من قبل هذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48وقلبوا لك الأمور ) ، يقول : وأجالوا فيك وفي إبطال الدين الذي بعثك به الله الرأي بالتخذيل عنك ، وإنكار ما تأتيهم به ، ورده عليك (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48حتى جاء الحق ) ، يقول : حتى جاء نصر الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48وظهر أمر الله ) ، يقول : وظهر دين الله الذي أمر به وافترضه على خلقه ، وهو الإسلام ( وهم كارهون ) ، يقول : والمنافقون بظهور أمر الله ونصره إياك كارهون . وكذلك الآن ، يظهرك الله ويظهر دينه على الذين كفروا من الروم وغيرهم من أهل الكفر به ، وهم كارهون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16782 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : ( وقلبوا
[ ص: 284 ] لك الأمور ) ، أي : ليخذلوا عنك أصحابك ، ويردوا عليك أمرك (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48حتى جاء الحق وظهر أمر الله ) .
وذكر أن هذه الآية نزلت في نفر مسمين بأعيانهم .
16783 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
عمرو ، عن
الحسن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48وقلبوا لك الأمور ) ، قال : منهم
عبد الله بن أبي بن سلول ، وعبد الله بن نبتل أخو
بني عمرو بن عوف ،
ورفاعة بن رافع ، وزيد بن التابوت القينقاعي .
وكان تخذيل
عبد الله بن أبي أصحابه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزاة ، كالذي :
16784 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
الزهري ،
ويزيد بن رومان ،
وعبد الله بن أبي بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16276وعاصم بن عمر بن قتادة ، وغيرهم ، كل قد حدث في غزوة
تبوك ما بلغه عنها ، وبعض القوم يحدث ما لم يحدث بعض ، وكل قد اجتمع حديثه في هذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو
الروم ، وذلك في زمان عسرة من الناس ، وشدة من الحر ، وجدب من البلاد ، وحين طاب الثمار ، وأحبت الظلال ، فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، ويكرهون الشخوص عنها ، على الحال من الزمان الذي هم عليه . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة
[ ص: 285 ] إلا كنى عنها ، وأخبر أنه يريد غير الذي يصمد له ، إلا ما كان من غزوة
تبوك ، فإنه بينها للناس ، لبعد الشقة ، وشدة الزمان وكثرة العدو الذي صمد له ، ليتأهب الناس لذلك أهبته ، فأمر الناس بالجهاد ، وأخبرهم أنه يريد
الروم ، فتجهز الناس على ما في أنفسهم من الكره لذلك الوجه ، لما فيه ، مع ما عظموا من ذكر
الروم وغزوهم .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره ، فأمر الناس بالجهاز والانكماش ، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله .
فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على
ثنية الوداع ، وضرب
عبد الله بن أبي بن سلول عسكره على حدة أسفل منه بحذاء "
ذباب " جبل بالجبانة أسفل من
ثنية الوداع وكان فيما يزعمون ، ليس بأقل العسكرين ، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تخلف عنه
عبد الله بن أبي فيمن تخلف
[ ص: 286 ] من المنافقين وأهل الريب . وكان
عبد الله بن أبي ، أخا
بني عوف بن الخزرج ،
وعبد الله بن نبتل ، أخا
بني عمرو بن عوف ،
ورفاعة بن زيد بن التابوت ، أخا
بني قينقاع ، وكانوا من عظماء المنافقين ، وكانوا ممن يكيد للإسلام وأهله .
قال : وفيهم ، فيما حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، أنزل الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48لقد ابتغوا الفتنة من قبل ) ، الآية .
[ ص: 283 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28980_30881تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ ( 48 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لَقَدِ الْتَمَسَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الْفِتْنَةَ لِأَصْحَابِكَ ، يَا
مُحَمَّدُ ، الْتَمَسُوا صَدَّهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَصُوا عَلَى رَدِّهِمْ إِلَى الْكُفْرِ بِالتَّخْذِيلِ عَنْهُ ، كَفِعْلِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ بِكَ وَبِأَصْحَابِكَ يَوْمَ أُحُدٍ ، حِينَ انْصَرَفَ عَنْكَ بِمَنْ تَبِعَهُ مِنْ قَوْمِهِ . وَذَلِكَ كَانَ ابْتِغَاءَهُمْ مَا كَانُوا ابْتَغَوْا لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفِتْنَةِ مِنْ قَبْلُ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( مِنْ قَبْلُ ) ، مِنْ قَبْلِ هَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ ) ، يَقُولُ : وَأَجَالُوا فِيكَ وَفِي إِبْطَالِ الدِّينِ الَّذِي بَعَثَكَ بِهِ اللَّهُ الرَّأْيَ بِالتَّخْذِيلِ عَنْكَ ، وَإِنْكَارِ مَا تَأْتِيهِمْ بِهِ ، وَرَدِّهِ عَلَيْكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ ) ، يَقُولُ : حَتَّى جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ ) ، يَقُولُ : وَظَهَرَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ وَافْتَرَضَهُ عَلَى خَلْقِهِ ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ ( وَهُمْ كَارِهُونَ ) ، يَقُولُ : وَالْمُنَافِقُونَ بِظُهُورِ أَمْرِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ إِيَّاكَ كَارِهُونَ . وَكَذَلِكَ الْآنَ ، يُظْهِرُكَ اللَّهُ وَيُظْهِرُ دِينَهُ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ الرُّومِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ ، وَهُمْ كَارِهُونَ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16782 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ : ( وَقَلَّبُوا
[ ص: 284 ] لَكَ الْأُمُورَ ) ، أَيْ : لِيُخَذِّلُوا عَنْكَ أَصْحَابَكَ ، وَيَرُدُّوا عَلَيْكَ أَمْرَكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ ) .
وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي نَفَرٍ مُسَمَّيْنَ بِأَعْيَانِهِمْ .
16783 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَمْرٍو ، عَنِ
الْحَسَنِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ ) ، قَالَ : مِنْهُمْ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَبْتَلٍ أَخُو
بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ،
وَرِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ ، وَزَيْدُ بْنُ التَّابُوتِ الْقَيْنُقَاعِيُّ .
وَكَانَ تَخْذِيلُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِيٍّ أَصْحَابَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ ، كَالَّذِي :
16784 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ،
وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ،
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16276وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، وَغَيْرِهِمْ ، كُلٌ قَدْ حَدَّثَ فِي غَزْوَةِ
تَبُوكَ مَا بَلَغَهُ عَنْهَا ، وَبَعْضُ الْقَوْمِ يُحَدِّثُ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بَعْضٌ ، وَكُلٌّ قَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّهَيُّؤِ لِغَزْوِ
الرُّومِ ، وَذَلِكَ فِي زَمَانِ عُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ ، وَشِدَّةٍ مِنَ الْحَرِّ ، وَجَدْبٍ مِنَ الْبِلَادِ ، وَحِينَ طَابَ الثِّمَارُ ، وَأُحِبَّتِ الظِّلَالُ ، فَالنَّاسُ يُحِبُّونَ الْمُقَامَ فِي ثِمَارِهِمْ وَظِلَالِهِمْ ، وَيَكْرَهُونَ الشُّخُوصَ عَنْهَا ، عَلَى الْحَالِ مِنَ الزَّمَانِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يَخْرُجُ فِي غَزْوَةٍ
[ ص: 285 ] إِلَّا كَنَّى عَنْهَا ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ غَيْرَ الَّذِي يَصْمِدُ لَهُ ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ ، فَإِنَّهُ بَيَّنَهَا لِلنَّاسِ ، لِبُعْدِ الشُّقَّةِ ، وَشِدَّةِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ الْعَدُوِّ الَّذِي صَمَدَ لَهُ ، لِيَتَأَهَّبَ النَّاسُ لِذَلِكَ أُهْبَتَهُ ، فَأَمَرَ النَّاسَ بِالْجِهَادِ ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُ
الرُّومَ ، فَتَجَهَّزَ النَّاسُ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْكُرْهِ لِذَلِكَ الْوَجْهِ ، لِمَا فِيهِ ، مَعَ مَا عَظَّمُوا مِنْ ذِكْرِ
الرُّومِ وَغَزْوِهِمْ .
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّ فِي سَفَرِهِ ، فَأَمَرَ النَّاسَ بِالْجِهَازِ وَالِانْكِمَاشِ ، وَحَضَّ أَهْلَ الْغِنَى عَلَى النَّفَقَةِ وَالْحُمْلَانِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ عَسْكَرَهُ عَلَى
ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ ، وَضَرَبَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ عَسْكَرَهُ عَلَى حِدَةٍ أَسْفَلَ مِنْهُ بِحِذَاءِ "
ذُبَابٍ " جَبَلٍ بِالْجَبَّانَةِ أَسْفَلَ مِنْ
ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ ، لَيْسَ بِأَقَلِّ الْعَسْكَرَيْنِ ، فَلَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تَخَلَّفَ عَنْهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِيمَنْ تَخَلَّفَ
[ ص: 286 ] مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ الرَّيْبِ . وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، أَخَا
بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَبْتَلٍ ، أَخَا
بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ،
وَرِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ ، أَخَا
بَنِي قَيْنُقَاعَ ، وَكَانُوا مِنْ عُظَمَاءِ الْمُنَافِقِينَ ، وَكَانُوا مِمَّنْ يَكِيدُ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ .
قَالَ : وَفِيهِمْ ، فِيمَا حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16711عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، أَنْزَلَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=48لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ ) ، الْآيَةَ .