الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ولا تصح nindex.php?page=treesubj&link=1709إمامة الكافر ; لأنه ليس من أهل الصلاة [ فلا يجوز أن يعلق صلاته على صلاته ] ، فإن تقدم وصلى بقوم لم يكن ذلك إسلاما منه ; لأنه من فروع الإيمان فلا يصير بفعله مسلما ، كما لو صام رمضان أو زكى المال ، وأما من صلى خلفه فإن علم بحاله لم تصح صلاته ; لأنه علق صلاته بصلاة باطلة ، وإن لم يعلم ثم علم نظرت فإن كان كافرا متظاهرا بكفره لزمه الإعادة ; لأنه مفرط في صلاته خلفه ; لأن على كفره أمارة من الغيار ، وإن كان مستترا بكفره ففيه وجهان : ( أحدهما ) : لا تصح ; لأنه ليس من أهل الصلاة فلا تصح خلفه ، كما لو كان متظاهرا بكفره ( والثاني ) : تصح ; لأنه غير مفرط في الائتمام به ) .
( الشرح ) الأمارة بفتح الهمزة ويقال الأمار بلا هاء ، وهي العلامة على الشيء والغيار بكسر الغين ولا تصح nindex.php?page=treesubj&link=1709_22760الصلاة خلف أحد من الكفار على اختلاف أنواعهم ، وكذا المبتدع الذي يكفر ببدعته فإن صلى خلفه جاهلا بكفره فإن كان متظاهرا بكفره كيهودي ونصراني ومجوسي ووثني وغيرهم لزمه إعادة الصلاة بلا خلاف عندنا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : لا يلزمه ، فإن كان مستترا به كمرتد ودهري وزنديق ومكفر ببدعة يخفيها وغيرهم [ ص: 148 ] فوجهان مشهوران ، ذكر المصنف دليلهما ( الصحيح ) منهما عند الجمهور وقول عامة أصحابنا المتقدمين : وجوب الإعادة وصحح البغوي والرافعي وطائفة قليلون : أنه لا إعادة ، والمذهب الوجوب وممن صححه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والماوردي nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب والبندنيجي والمحاملي وصاحب العدة والشيخ نصر وخلائق قال nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : والمنصوص لزوم الإعادة ، وهو المذهب ، وقال الماوردي : مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعامة أصحابه وجوب الإعادة قال : وغلط من لم يوجب الإعادة ، وإذا صلى الكافر الأصلي إماما أو مأموما أو منفردا أو في مسجد أو غيره لم يصر بذلك مسلما ، سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم والمختصر ، وصرح به الجمهور وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب : إن صلى في دار الحرب كان إسلاما ، وتابعه على ذلك المصنف والشيخ أبو إسحاق ، وقال المحاملي : يحكم بإسلامه في الظاهر ، ولكن لا يلزمه حكم الإسلام ، وقال صاحب التتمة : إذا صلى حربي أو مرتد في دار الحرب قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يحكم بإسلامه بشرط أن لا يعلم أن هناك مسلما يقصد الاستهزاء ، ومغايظته بالصلاة ، وذكر صاحب الشامل أن المذهب : أنه لا يحكم بإسلامه ثم حكى قول nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب [ ثم قال : وهذا لم أره لغيره واتفق المتأخرون الذين حكوا قول القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب ] على أنه ضعيف ، وأن المذهب : أنه لا يحكم بإسلامه كما نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والمتقدمون ، وهذا النص الذي حكاه صاحب التتمة غريب ضعيف .
قال أصحابنا : وصورة المسألة إذا صلى ، ولم يسمع منه الشهادتان فإن سمعتا منه في التشهد أو غيره فوجهان مشهوران : ( الصحيح ) وبه قطع الأكثرون : أنه يحكم بإسلامه ( والثاني ) لا يحكم حتى يأتي بالشهادتين باستدعاء غيره ، أو بأن يقول : أريد الإسلام ثم يأتي بهما ويجري الوجهان : فيما لو أتى بالشهادتين في الآذان أو غيره لا بعد استدعاء ولا حاكيا ، ، والصحيح : الحكم بإسلامه وقد سبقت المسألة مبسوطة في باب الآذان ، وممن حكى الوجهين : أبو علي بن أبي هريرة ، والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والبندنيجي والماوردي وابن الصباغ والمتولي والشيخ نصر والشاشي وخلائق غيرهم ، وكلهم ذكروهما في هذا الموضع ، وذكرهما جماعة أيضا في [ ص: 149 ] باب الأذان ومقصودي بهذا : أن بعض كبار المتأخرين المصنفين نقلهما عن صاحب البيان مستغربا لهما - وبالله التوفيق - قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم والمختصر والأصحاب - رحمهم الله - : وإذا nindex.php?page=treesubj&link=1709صلى الكافر بالمسلمين عزر لإفساده صلاتهم وتلاعبه واستهزائه ، وأما قول المصنف : لا يحكم بإسلامه كما لو صام رمضان وزكى المال ، فمراده : الاستدلال على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - فإنه قال : يحكم بإسلامه إذا صلى في جماعة أو في مسجد ، فألزمه أصحابنا الصوم والزكاة ، وحكى الخراسانيون وجها لأصحابنا أنه إذا أقر بوجوب صوم أو صلاة أو زكاة حكم بإسلامه بلا شهادة ، وضابطه على هذا الوجه : أن كل ما يصير المسلم كافرا بجحده يصير الكافر مسلما بإقراره به ، والصحيح المشهور : لا يصير ، والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء في nindex.php?page=treesubj&link=1331_8114صلاة الكافر قد ذكرنا أن المشهور من مذهبنا أنه لا يحكم بإسلامه بمجرد الصلاة ، وبه قال الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إن صلى في المسجد في جماعة أو منفردا أو خارج المسجد في جماعة أو حج وطاف ، أو تجرد للإحرام ولبى ووقف بعرفة صار مسلما .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : إن صلى منفردا أو خارج المسجد حكم بإسلامه .
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة بقوله تعالى ( { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله } ) وبقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=36631من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من رواية nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10025إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد فاشهدوا له بالإيمان } رواه الترمذي وقال : حديث حسن ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : صحيح .
وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12874نهيت عن قتل المصلين } رواه أبو داود .
واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=2080أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا [ ص: 150 ] رسول الله } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، والجواب عن الآية : أن مجرد صلاة واحدة ليس عمارة ، وعن الحديث الأول : أنا لا نعلم أن هذه الصلاة صلاتنا ، وعن الثاني : أن ظاهره وهو مجرد اعتياد المساجد غير مراد فلا بد فيه من إضمار فيحمل على غير الكافر ، وعن الثالث : أنه حديث ضعيف .