الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2499 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، قال : ثنا أبو لهيعة ، أن أبا تميم عبد الله بن مالك الجيشاني أخبره ، أنه سمع عن عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول : أخبرني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله قد زادكم صلاة فصلوها ، ما بين العشاء إلى صلاة الصبح ؛ الوتر الوتر ، ألا وإنه أبو بصرة الغفاري .

                                                        قال أبو تميم ، فكنت أنا وأبو ذر قاعدين فأخذ أبو ذر بيدي ، فانطلقنا إلى أبي بصرة ، فوجدناه عند الباب الذي يلي دار عمرو بن العاص رضي الله عنه .

                                                        فقال أبو ذر : يا أبا بصرة أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله زادكم صلاة فصلوها ، فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر ، الوتر الوتر ؟

                                                        [ ص: 431 ] فقال أبو بصرة : نعم ، قال : أنت سمعته ؟ قال : نعم ، قال : أنت تقول : سمعته يقول ؟ قال : نعم
                                                        .

                                                        فأكد في هذه الآثار أمر الوتر ، ولم يرخص لأحد في تركه ، وقد كان قبل ذلك ، ليس في التأكيد كذلك .

                                                        فيجوز أن يكون ما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وتره ، على الراحلة ، كان ذلك منه قبل تأكيده إياه ، ثم أكده من بعد نسخ ذلك .

                                                        وقد رأينا الأصل المجتمع عليه أن الصلاة المفروضة ، ليس للرجل أن يصليها قاعدا ، وهو يطيق القيام ، وليس له أن يصليها في سفره على راحلته ، وهو يطيق القيام والنزول .

                                                        ورأيناه يصلي التطوع على الأرض قاعدا ، ويصليه في سفره على راحلته . فكان الذي يصليه قاعدا وهو يطيق القيام ، هو الذي يصليه في السفر على راحلته ، والذي لا يصليه قاعدا وهو يطيق القيام ، هو الذي لا يصليه في السفر على راحلته ، هكذا الأصول المتفق عليها .

                                                        ثم كان الوتر باتفاقهم ، لا يصليه الرجل على الأرض قاعدا وهو يطيق القيام .

                                                        فالنظر على ذلك أن لا يصليه في سفره على الراحلة وهو يطيق النزول .

                                                        فمن هذه الجهة - عندي - ثبت نسخ الوتر على الراحلة ، وليس في هذا دليل ، على أنه فريضة ولا تطوع . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله تعالى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية