الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
27182 - قال أبو عمر : اتفق العلماء - أئمة الفتوى بالأمصار - على nindex.php?page=treesubj&link=27468تأجيل العنين سنة ، إذا كان حرا .
[ ص: 131 ] 27183 - وشذ داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية ، فلم يريا عليه تأجيلا ، وجعلا ذلك مصيبة نزلت بالمرأة .
27184 - واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية بأنها مسألة خلاف ، وأن القياس ألا يؤجل ، كما لا يؤجل إذا أصابها مرة .
27185 - وروي عن الحكم بن عيينة أنه قال : هي امرأته أبدا لا يؤجل .
27186 - وذكر الحكم أنه قول علي .
27187 - قال أبو عمر : قد روي هذا الحديث ، عن علي - رضي الله عنه - متصلا .
27188 - رواه جماعة ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن هانئ بن هانئ ، قال : جاءت امرأة إلى nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقالت : هل لك في امرأة لا أيما ، ولا ذات زوج ؟ فقال : وأين زوجك ؟ قال : فجاء شيخ قد اجتنح ، فقال : ما تقول هذه ؟ فقال : صدقت ، ولكن سلها هل تنعم في مطعم ، أو ملبس ؟ فسألها ، فقالت : لا ، فقال : هل غير ذلك ؟ فقالت : لا ، قال : ولا من السحر ؟ قال : ولا من السحر .
قال علي : هلكت ، وأهلكت ، فقالت المرأة : فرق بيني ، وبينه ، فقال علي : بل اصبري ، فإن الله تعالى لو أراد ، ولو شاء أن يبتليك بأشد من هذا فعل .
[ ص: 132 ] 27189 - حدثني عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني الخشني ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن هانئ بن هانئ ، فذكره حرفا بحرف .
27190 - ومعناه عند أهل العلم أنه قد كان أصابها قبل ذلك ، والله أعلم .
27191 - وقد روي عن علي أيضا التأجيل من رواية الحكم وغيره .
27192 - ذكر عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : أخبرنا الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، عن علي ، قال : يؤجل العنين سنة ، فإن أصابها ، وإلا فهي أحق بنفسها .
27193 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=11994أبو خالد الأحمر ، عن محمد بن إسحاق ، عن خالد بن كثير ، عن الضحاك ، عن علي - رضي الله عنه - قال : يؤجل المعترض سنة فإن وصل إليها ، وإلا فرق بينهما .
27194 - واعتل داود بحديث رفاعة القرظي ، وقد ذكرناه في باب المحلل من هذا الكتاب ، وذكرنا أنه لا حجة له فيه ، وأوضحنا ذلك ، والحمد لله .
27195 - ولا أعلم بين الصحابة خلافا في أن العنين يؤجل سنة من يوم يرفع إلى السلطان .
[ ص: 133 ] 27196 - وروي ذلك عن عمر ، وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة - رضي الله عنهم .
27197 - وقد ذكرنا الخبر عنهم بذلك عن عمر ، وعلي - رضي الله عنهما .
27198 - وخبر عمر رواه المدنيون ، والكوفيون ، والبصريون ، لم يختلفوا عنه فيه .
27199 - وخبر علي من رواية أهل الكوفة خاصة ، وهو مختلف عنه فيه أيضا ، ولا يصح فيه عنه شيء من جهة الإسناد ، والله أعلم .
27200 - وأما الخبر عن المغيرة ، فذكره عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن ابن النعمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة : أنه أجل العنين سنة .
27201 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني شريك ، عن جابر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، قال : كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يقولون : يؤجل العنين سنة .
27202 - قال أبو عمر : على هذا جماعة التابعين بالحجاز ، والعراق ، أن العنين يؤجل سنة من يوم يرفع إلى السلطان ، وقد روي عن بعضهم بأنه أجله عشرة أشهر ، وليس بشيء
27203 - وإنما أجله سنة فيما ذكر ، والله أعلم ، لتكمل له المداواة والعلاج في [ ص: 134 ] أزمان السنة كلها ; لاختلاف أعراض العلل في أزمنة العام وفصوله ، فإن لم يبرأ في السنة يئسوا منه ، وفرق بينه وبين امرأته .
27204 - والفرقة بينهما تطليقة واحدة عند مالك ، وأبي حنيفة ، وأصحابهما ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري .
27205 - وحجتهم أن الفرقة واقعة لسبب من الزوج ، فكان طلاقا .
27206 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : الفرقة بينهما فسخ ، ليست بطلاق .
27207 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لأن الفرقة إليها دونه لا تقع إلا باختيارها ، ولو رضيت به على ذلك ، وأقامت معه على ذلك لم تقع فرقة عند الجميع ، وإذا لم تكن الفرقة من قبل الزوج ، فهو فسخ ، لا طلاق .
27208 - قال أبو عمر : هذه المسألة كمسألة الأمة تعتق تحت العبد ، فتختار فراقه ، واختلافهم فيها سواء إلا من خالف أصله وقياسه .
27209 - وقد أجمعوا أنه nindex.php?page=treesubj&link=27468_25023لا يفرق بين العنين ، وامرأته بعد تمام السنة إلا أن تطلب ذلك ، وتختاره .
27210 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن شريح قال : كتب إلي عمر أن أجله سنة ، فإن [ ص: 135 ] أصابها ، وإلا خيرها ، فإن شاءت أقامت معه ، وإن شاءت فارقته .
27211 - والعنين الذي يؤجل عند مالك ، هو المعترض عن امرأته ، وهو يطأ غيرها بعارض عرض له .
27212 - وكذلك كل من لا يقدر على الوطء بعارض . وقد كان تقدم منه الوطء ، أو لم يتقدم إذا كان بصفة من يمكنه الوطء .
27213 - وهذه الصفات في المعترض الذي يؤجل سنة .
27214 - وأما nindex.php?page=treesubj&link=25023العنين ، والمجبوب ، والخصي ، فلا يؤجلون ، وامرأة كل واحد منهم بالخيار ، إن شاءت رضيت ، وإن شاءت فارقت .
27215 - وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فمذهبه فيما رواه المزني ، والربيع عنه أن كل من يمكن منه الوطء تام ، أو مقطوع بعضه ، إلا أنه بقي له ما وقع موقع الرجل الذي يغيب حشفته في الفرج .
27216 - وكذلك الخنثى ، والعنين ، والمعترض عنها دون غيرها ، فكل واحد ، من هؤلاء إذا لم يمس امرأته لم يفرق بينهما إلا بعد تأجيل سنة من يوم تطلب فراقه ، فإن أصابها في السنة إصابة يغيب بها الحشفة في الفرج ، أو ما بقي من الذكر ، وإلا فلها الخيار في فراقه أو المقام معه .
27217 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : يؤجل العنين سنة ، سواء كان ممن [ ص: 136 ] يصل إلى غير امرأته ، أو لم يكن ، فإن لم يصبها ، واختارت فراقه ، فرق بينهما .
27218 - وأما المجبوب ، فتخير امرأته مكانها .
27219 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن محمد بن إسحاق ، عن رجل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=4891عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : أنه أتته امرأة تشكو زوجها ، فقال : إن كان يصيبك في كل طهر مرة ، فحسبك .
27220 - واختلفوا في nindex.php?page=treesubj&link=25530_23883العنين يدعي الجماع عند انقضاء الأجل .
27221 - فقال مالك : المعروف المشهور من مذهبه عند أصحابه القول قوله مع يمينه بكرا كانت أو ثيبا .
27222 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس قالا : يدخل إليها زوجها ، وهناك امرأتان ، فإذا فرغ نظرتا في فرجها ، فإن كان فيه المني ، فهو صادق ، وإلا فهو كاذب .
27223 - وقال أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأصحابهما : إنه إذا ادعى العنين أنه وصل إليها ، فإن كانت بكرا في الأصل نظر إليها النساء فإن قلن : هي بكر خيرت ، وإن قلن : هي ثيب ، فالقول قوله ، ولا خيار لها ، وإن كانت ثيبا في الأصل ، فالقول قوله ، وأنه وصل إليها .
27224 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يحلف الزوج أنه وصل إليها ، فإن نكل حلفت ، وفرق بينهما ، وإن كانت بكرا أريها أربعة نسوة من عدول النساء ، فإن [ ص: 137 ] شهدن لها كان ذلك دليلا على صدقها ، وإن شاء أحلفها ، ثم فرق بينهما ، وإن نكلت ، وحلف أقام معها ، وذلك أن العذرة تعود إذا لم يتابع في الإصابة عند أهل الخبرة بها .
27225 - وأما أبو حنيفة ، فجائز عنده - فيما لا يطلع عليه الرجال من عيوب النساء - شهادة امرأتين ، وشهادة امرأة واحدة إذا كانت عدلا .
27226 - وروى المعافى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، قال : إذا كانت ثيبا فيمينه ، وتقر عنده إذا حلف ، ولا يؤجل إذا ادعى إصابتها ، ويؤجل سنة ، وإن كانت بكرا ، فإن أصابها ، وإلا فرق بينهما ، وكان المهر لها .
27227 - وقال عنه عبد الرزاق : إن كانت ثيبا ، فالقول قوله ، ويستحلف ، وإن كانت بكرا نظر إليها النساء .
27228 - وقال ابن وهب : عن الليث : يختبران بصفرة الورس ، وغيره ، فيجعل ذلك في المرأة إن لم تكن بكرا ، ثم ينظر إليه ، فإن كان به أثر تلك الصفرة أقرت تحته ، وإن لم ير فيه شيء من ذلك فرق بينهما ، وعرف أنه لا يستطيعها .
27229 - قال ابن وهب : يحلف أنه يطأ ، وتقر عنده ، ولا ترى له عورة في [ ص: 138 ] الورس ، ولا في غيره .
27230 - واتفق الجمهور من العلماء على أن nindex.php?page=treesubj&link=23883_25530العنين إذا وطئ امرأته مرة واحدة لم يكن له أن ترفعه إلى السلطان ، ولا تطالبه بعد ذلك بما نزل به من غيب العنة .
27231 - وممن قال هذا : عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار nindex.php?page=showalam&ids=12300، والزهري ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ، وربيعة ، ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وزفر ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد .
27232 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : إذا nindex.php?page=treesubj&link=27468وطئها مرة واحدة ، ثم عجز عن الوطء ، ولم يقدر على شيء منه أجل سنة ; لوجود العلة .
27233 - قال أبو عمر : أما طريق الاتباع ، فما قاله الجمهور ، وأما طريق النظر والقياس ، فما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور ، وبه قال داود ، والله أعلم .
27234 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، قال : ما زلنا نسمع أنه إذا أصابها مرة واحدة ، فلا كلام لها ، ولا خصومة .
27235 - واتفق القائلون بتأجيل العنين ، أن العبد والحر في أجل السنة سواء ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، وأصحابه ، فإنهم قالوا : يؤجل العنين - إذا كان عبدا - نصف سنة .
[ ص: 139 ] 27236 - واختلفوا nindex.php?page=treesubj&link=23883_11173فيما يجب لامرأة العنين من الصداق إذا فرق بينهما بعد التأجيل .
27237 - فقال أكثر العلماء : لها الصداق كاملا .
27238 - وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة .
27239 - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، وعروة ، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، وربيعة ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ، ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وأبو حنيفة ، وأبو عبيد ، وأحمد ، وإسحاق .
27240 - وقالت طائفة : ليس لها إلا نصف الصداق .
27241 - وممن قال ذلك : شريح ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس .
27243 - قال أبو عمر : من أوجب الصداق كاملا ، أوجب عليها العدة .
27244 - ذكر أبو بكر ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=11994أبو خالد الأحمر ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، والحسن ، قالا : أجل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب العنين سنة ، فإن استطاعها وإلا فرق بينها ، وعليها العدة .
27245 - وهو قول الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ، وعطاء ، قالوا : تعتد بعد السنة .
[ ص: 140 ] 27246 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم ، عن مالك القولين جميعا ، قال : لها الصداق كاملا ، وقد قيل : لها نصف الصداق .