الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 76 ] والمختار أنه لا يجزم في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقا .

        التالي السابق


        ( والمختار أنه لا يجزم في إسناده أنه أصح الأسانيد مطلقا ) لأن تفاوت مراتب الصحة مرتب على تمكن الإسناد من شروط الصحة ، ويعز وجود أعلى درجات القبول في كل واحد من رجال الإسناد الكائنين في ترجمة واحدة ؛ ولهذا اضطرب من خاض في ذلك إذ لم يكن عندهم استقراء تام ، وإنما رجح كل منهم بحسب ما قوي عنده خصوصا إسناد بلده لكثرة اعتنائه به ، كما روى الخطيب في الجامع من طريق أحمد بن سعيد الدارمي ، سمعت محمود بن غيلان يقول : قيل لوكيع بن الجراح : هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، وأفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة ، وسفيان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ، أيهم أحب إليك ؟ قال : لا نعدل بأهل بلدنا أحدا ، قال أحمد بن سعيد : فأما أنا فأقول : هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أحب إلي ، هكذا رأيت أصحابنا يقدمون .

        [ ص: 77 ] فالحكم حينئذ على إسناد معين بأنه أصح على الإطلاق مع عدم اتفاقهم ترجيح بغير مرجح .

        قال شيخ الإسلام : مع أنه يمكن للناظر المتقن ترجيح بعضها على بعض من حيث حفظ الإمام الذي رجح وإتقانه ، وإن لم يتهيأ ذلك على الإطلاق فلا يخلو النظر فيه من فائدة ؛ لأن مجموع ما نقل عن الأئمة من ذلك يفيد ترجيح التراجم التي حكموا لها بالأصحية على ما لم يقع له حكم من أحد منهم .



        تنبيه

        عبارة ابن الصلاح : ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه أصح على الإطلاق ، قال العلائي : أما الإسناد فقد صرح جماعة بذلك ، وأما الحديث فلا يحفظ عن أحد من أئمة الحديث أنه قال : حديث كذا أصح الأحاديث على الإطلاق ؛ لأنه لا يلزم من كون الإسناد أصح من غيره أن يكون المتن كذلك ، فلأجل ذلك ما خاض الأئمة إلا في الحكم على الإسناد . انتهى .

        وكأن المصنف حذفه لذلك ، لكن قال شيخ الإسلام : سيأتي أن من لازم ما قاله بعضهم : إن أصح الأسانيد ما رواه أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر ، أن يكون أصح الأحاديث الحديث الذي رواه أحمد بهذا الإسناد ، فإنه لم [ ص: 78 ] يرو في مسنده به غيره فيكون أصح الأحاديث على رأي من ذهب إلى ذلك . قلت : قد جزم بذلك العلائي نفسه في عوالي مالك ، فقال في الحديث المذكور : إنه أصح حديث في الدنيا .




        الخدمات العلمية