الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ؛ بضم الباء؛ وقد رويت عن عاصم " بيوت " ؛ بكسر الباء؛ وعن جماعة من أهل الكوفة؛ وليس يروي البصريون " بيوت " ؛ بكسر الباء؛ بل يقولون: إن الضم بعد الكسر ليس موجودا في كلام العرب؛ ولا في أشعارها؛ والذين كسروا فكأنهم ذهبوا إلى إتباع الياء؛ والاختيار عند الكوفيين الضم في " بيوت " ؛ وقوله: إلا أن يؤذن لكم إلى طعام ؛ في موضع نصب؛ المعنى: " إلا بأن يؤذن لكم " ؛ أو " لأن يؤذن لكم " ؛ وقوله: إلى طعام غير ناظرين إناه ؛ " إناه " : نضجه؛ وبلوغه؛ يقال: " أنى؛ يأني؛ إناء " ؛ إذا نضج؛ وبلغ؛ و " غير " ؛ منصوبة على الحال؛ المعنى: " إلا أن يؤذن لكم غير منتظرين " ؛ ولا يجوز الخفض في " غير " ؛ لأنها إذا كانت نعتا للطعام؛ لم يكن بد من إظهار [ ص: 235 ] الفاعل؛ لا يجوز إلا: " غير ناظرين إناه أنتم " . وقوله - عز وجل -: ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم ؛ ويجوز: " فيستحي منكم " ؛ بياء واحدة؛ وكذلك قوله: والله لا يستحيي من الحق ؛ و " يستحي " ؛ بالتخفيف؛ على " استحييت " ؛ و " استحيت " ؛ والحذف لثقل الياءين؛ وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتمل إطالتهم كرما منه؛ فيصبر على الأذى في ذلك؛ فعلم الله من يحضره الأدب؛ فصار أدبا لهم ولمن بعدهم؛ وقوله: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ؛ أي: إذا أردتم أن تخاطبوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر؛ فخاطبوهن من وراء حجاب؛ فنزل الأمر بالاستتار؛ وقوله: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ؛ أي: ما كان لكم أذاه في شيء من الأشياء؛ ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ؛ موضع " أن " ؛ رفع؛ المعنى: " وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده " ؛ وذلك أنه ذكر أن رجلا قال: إذا توفي محمد تزوجت امرأته فلانة؛ فأعلم الله أن ذلك محرم؛ بقوله: إن ذلكم كان عند الله عظيما ؛ أي: كان ذنبا عظيما؛

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية