nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28998_28901_31844ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون .
هذا مثل ثالث ضربه الله لحال المشركين مع المؤمنين وجعله تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن له أسوة بالرسل والأنبياء من قبله .
والانتقال من ذكر ملك
سليمان وقصة ملكة
سبأ إلى ذكر
ثمود ورسولهم دون ذكر
عاد لمناسبة جوار البلاد ; لأن ديار
ثمود كانت على تخوم مملكة
سليمان وكانت في طريق السائر من
سبأ إلى
فلسطين .
ألا ترى أنه أعقب ذكر
ثمود بذكر قوم
لوط وهم أدنى إلى بلاد
فلسطين فكان
[ ص: 278 ] سياق هذه القصص مناسبا لسياق السائر من بلاد
اليمن إلى
فلسطين . ولما كان ما حل بالقوم أهم ذكرا في هذا المقام قدم المجرور على المفعول ; لأن المجرور هو محل العبرة ، وأما المفعول فهو محل التسلية ، والتسلية غرض تبعي .
ولام القسم لتأكيد الإرسال باعتبار ما اتصل به من بقية الخبر ; فإما أن يكون التأكيد لمجرد الاهتمام ، وإما أن يبنى على تنزيل المخاطبين منزلة من يتردد فيما تضمنه الخبر من تكذيب قومه إياه واستخفافهم بوعيد ربهم على لسانه . وحلول العذاب بهم لأجل ذلك ; لأن حالهم في عدم العظة بما جرى للمماثلين في حالهم جعلهم كمن ينكر ذلك .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45أن اعبدوا الله ) تفسير لما دل عليه ( أرسلنا ) من معنى القول . وفرع على ( أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا ) إلخ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45فإذا هم فريقان يختصمون ) . فالمعنى : أرسلنا إلى
ثمود أخاهم
صالحا لإنقاذهم من الشرك ففاجأ من حالهم أن أعرض فريق عن الإيمان وآمن فريق .
والإتيان بحرف المفاجأة كناية عن كون انقسامهم غير مرضي فكأنه غير مترقب ، ولذلك لم يقع التعرض لإنكار كون أكثرهم كافرين إشارة إلى أن مجرد بقاء الكفر فيهم كاف في قبح فعلهم . وحالهم هذا مساو لحال
قريش تجاه الرسالة المحمدية . وأعيد ضمير ( يختصمون ) على المثنى وهو ( فريقان ) باعتبار اشتمال الفريقين على عدد كثير . كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ولم يقل : اقتتلتا .
والفريقان هما : فريق الذين استكبروا ، وفريق الذين استضعفوا وفيهم صالح . والفاء للتعقيب وهو تعقيب بحسب ما يقتضيه العرف بعد سماع الدعوة . والاختصام واقع مع صالح ابتداء ومع أتباعه تبعا .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28998_28901_31844وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ .
هَذَا مَثَلٌ ثَالِثٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِحَالِ الْمُشْرِكِينَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَجَعَلَهُ تَسْلِيَةً لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ لَهُ أُسْوَةً بِالرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِهِ .
وَالِانْتِقَالُ مِنْ ذِكْرِ مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَقِصَّةِ مَلِكَةِ
سَبَأٍ إِلَى ذِكْرِ
ثَمُودَ وَرَسُولِهِمْ دُونَ ذِكْرِ
عَادٍ لِمُنَاسَبَةِ جِوَارِ الْبِلَادِ ; لِأَنَّ دِيَارَ
ثَمُودَ كَانَتْ عَلَى تُخُومِ مَمْلَكَةِ
سُلَيْمَانَ وَكَانَتْ فِي طَرِيقِ السَّائِرِ مِنْ
سَبَأٍ إِلَى
فِلَسْطِينَ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَعْقَبَ ذِكْرَ
ثَمُودَ بِذِكْرِ قَوْمِ
لُوطٍ وَهُمْ أَدْنَى إِلَى بِلَادِ
فِلَسْطِينَ فَكَانَ
[ ص: 278 ] سِيَاقُ هَذِهِ الْقِصَصِ مُنَاسِبًا لِسِيَاقِ السَّائِرِ مِنْ بِلَادِ
الْيَمَنِ إِلَى
فِلَسْطِينَ . وَلَمَّا كَانَ مَا حَلَّ بِالْقَوْمِ أَهَمَّ ذِكْرًا فِي هَذَا الْمَقَامِ قَدَّمَ الْمَجْرُورَ عَلَى الْمَفْعُولِ ; لِأَنَّ الْمَجْرُورَ هُوَ مَحَلُّ الْعِبْرَةِ ، وَأَمَّا الْمَفْعُولُ فَهُوَ مَحَلُّ التَّسْلِيَةِ ، وَالتَّسْلِيَةُ غَرَضٌ تَبَعِيٌّ .
وَلَامُ الْقَسَمِ لِتَأْكِيدِ الْإِرْسَالِ بِاعْتِبَارِ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْخَبَرِ ; فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّأْكِيدُ لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ ، وَإِمَّا أَنْ يُبْنَى عَلَى تَنْزِيلِ الْمُخَاطَبِينَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَتَرَدَّدُ فِيمَا تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ مِنْ تَكْذِيبِ قَوْمِهِ إِيَّاهُ وَاسْتِخْفَافِهِمْ بِوَعِيدِ رَبِّهِمْ عَلَى لِسَانِهِ . وَحُلُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ لِأَجْلِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ حَالَهُمْ فِي عَدَمِ الْعِظَةِ بِمَا جَرَى لِلْمُمَاثِلِينَ فِي حَالِهِمْ جَعَلَهُمْ كَمَنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) تَفْسِيرٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ( أَرْسَلْنَا ) مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ . وَفُرِّعَ عَلَى ( أَرْسَلَنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ) إِلَخْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) . فَالْمَعْنَى : أَرْسَلْنَا إِلَى
ثَمُودَ أَخَاهُمْ
صَالِحًا لِإِنْقَاذِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ فَفَاجَأَ مِنْ حَالِهِمْ أَنْ أَعْرَضَ فَرِيقٌ عَنِ الْإِيمَانِ وَآمَنَ فَرِيقٌ .
وَالْإِتْيَانُ بِحَرْفِ الْمُفَاجَأَةِ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِ انْقِسَامِهِمْ غَيْرَ مَرْضِيٍّ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَرَقَّبٍ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقَعِ التَّعَرُّضُ لِإِنْكَارِ كَوْنِ أَكْثَرِهِمْ كَافِرِينَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ مُجَرَّدَ بَقَاءِ الْكُفْرِ فِيهِمْ كَافٍ فِي قُبْحِ فِعْلِهِمْ . وَحَالُهُمْ هَذَا مُسَاوٍ لِحَالِ
قُرَيْشٍ تِجَاهَ الرِّسَالَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ . وَأُعِيدَ ضَمِيرُ ( يَخْتَصِمُونَ ) عَلَى الْمُثَنَّى وَهُوَ ( فَرِيقَانِ ) بِاعْتِبَارِ اشْتِمَالِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ . كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا وَلَمْ يَقُلْ : اقْتَتَلَتَا .
وَالْفَرِيقَانِ هُمَا : فَرِيقُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ، وَفَرِيقُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا وَفِيهِمْ صَالِحٌ . وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَهُوَ تَعْقِيبٌ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ بَعْدَ سَمَاعِ الدَّعْوَةِ . وَالِاخْتِصَامُ وَاقِعٌ مَعَ صَالِحٍ ابْتِدَاءً وَمَعَ أَتْبَاعِهِ تَبَعًا .