الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين ( 10 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال قائل من إخوة يوسف : ( لا تقتلوا يوسف ) .

وقيل : إن قائل ذلك" روبيل " ، كان ابن خالة يوسف .

ذكر من قال ذلك :

18799 - حدثنا بشر ، قال ، حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( لا تقتلوا يوسف ) ذكر لنا أنه روبيل ، كان أكبر القوم ، وهو ابن خالة يوسف ، فنهاهم عن قتله . [ ص: 565 ]

18800 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( اقتلوا يوسف ) ، إلى قوله : ( إن كنتم فاعلين ) ، قال : ذكر لي ، والله أعلم ، أن الذي قال ذلك منهم" روبيل " ، الأكبر من بني يعقوب ، وكان أقصدهم فيه رأيا .

18801 - حدثنا الحسن قال ، أخبرنا عبد الرزاق ، قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله : ( لا تقتلوا يوسف ) قال : كان أكبر إخوته ، وكان ابن خالة يوسف ، فنهاهم عن قتله .

وقيل : كان قائل ذلك منهم" شمعون " .

ذكر من قال ذلك :

18802 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله : ( قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف ) قال : هو شمعون .

وقوله : ( وألقوه في غيابة الجب ) يقول وألقوه في قعر الجب ، حيث يغيب خبره .

واختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته عامة قرأة أهل المدينة : ( غيابات الجب ) على الجماع .

وقرأ ذلك عامة قرأة سائر الأمصار : ( غيابة الجب ) بتوحيد"الغيابة" .

قال أبو جعفر : وقراءة ذلك بالتوحيد أحب إلي .

و"الجب" : بئر . [ ص: 566 ]

وقيل : إنه اسم بئر بيت المقدس .

ذكر من قال ذلك :

18803 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : في : ( غيابة الجب ) ، يقول : بئر ببيت المقدس .

18804 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( غيابة الجب ) قال : بئر ببيت المقدس .

والغيابة : كل شيء غيب شيئا فهو"غيابة" و"الجب" ، البئر غير المطوية .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

18805 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في : ( غيابة الجب ) ، في بعض نواحيها : في أسفلها .

18806 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وألقوه في غيابة الجب ) ، يقول : في بعض نواحيها .

18807 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، مثله

18807 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال ابن عباس : ( وألقوه في غيابة الجب ) قال : قالها كبيرهم الذي تخلف . قال : و"الجب" ، بئر بالشأم . [ ص: 567 ]

18809 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( ألقوه في غيابة الجب ) يعني : الركية .

18810 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ ، قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول : "الجب" : البئر .

وقوله : ( يلتقطه بعض السيارة ) يقول : يأخذه بعض مارة الطريق من المسافرين ( إن كنتم فاعلين ) ، يقول : إن كنتم فاعلين ما أقول لكم . فذكر أنه التقطه بعض الأعراب .

18811 - حدثنا القاسم ، قال ، حدثنا الحسين ، قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال ابن عباس : ( يلتقطه بعض السيارة ) ، قال : التقطه ناس من الأعراب .

وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ ( تلتقطه بعض السيارة ) بالتاء .

18812 - حدثني بذلك أحمد بن يوسف قال حدثنا القاسم ، قال ، حدثني حجاج ، عن هارون ، عن مطر الوراق ، عن الحسن .

وكأن الحسن ذهب في تأنيثه"بعض السيارة" إلى أن فعل بعضها فعلها .

والعرب تفعل ذلك في خبر كان عن مضاف إلى مؤنث ، يكون الخبر عن بعضه خبرا عن جميعه ، وذلك كقول الشاعر :

أرى مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال

[ ص: 568 ] فقال : "أخذن مني" ، وقد ابتدأ الخبر عن"المر" ، إذ كان الخبر عن"المر" ، خبرا عن"السنين" ، وكما قال الآخر :

    إذا مات منهم سيد قام سيد
فدانت له أهل القرى والكنائس

فقال : "دانت له" ، والخبر عن أهل القرى ، لأن الخبر عنهم كالخبر عن القرى . ومن قال ذلك لم يقل : " فدانت له غلام هند" ، لأن"الغلام" لو ألقي من الكلام لم تدل"هند" عليه ، كما يدل الخبر عن"القرية" على أهلها .

وذلك أنه لو قيل" : فدانت له القرى" ، كان معلوما أنه خبر عن أهلها . وكذلك"بعض السيارة" ، لو ألقي البعض ، فقيل : تلتقطه السيارة ، علم أنه خبر عن البعض أو الكل ، ودل عليه الخبر عن"السيارة" .

التالي السابق


الخدمات العلمية