الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ( 55 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : قال يوسف للملك : اجعلني على خزائن أرضك .

وهي جمع " خزانة " .

و " الألف واللام " دخلتا في " الأرض " خلفا من الإضافة ، كما قال الشاعر : [ ص: 149 ]


والأحلام غير عوازب



وهذا من يوسف صلوات الله عليه ، مسألة منه للملك أن يوليه أمر طعام بلده وخراجها ، والقيام بأسباب بلده ، ففعل ذلك الملك به ، فيما بلغني ، كما : -

19453 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : ( اجعلني على خزائن الأرض ) ، قال : كان لفرعون خزائن كثيرة غير الطعام قال : فأسلم سلطانه كله إليه ، وجعل القضاء إليه ، أمره وقضاؤه نافذ .

19454 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا إبراهيم بن المختار ، عن شيبة الضبي ، في قوله : ( اجعلني على خزائن الأرض ) ، قال : على حفظ الطعام .

وقوله : ( إني حفيظ عليم ) اختلف أهل التأويل في تأويله .

فقال بعضهم : معنى ذلك : إني حفيظ لما استودعتني ، عليم بما وليتني .

ذكر من قال ذلك :

19455 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( إني حفيظ عليم ) ، إني حافظ لما استودعتني ، عالم بما وليتني . قال : قد فعلت .

19456 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( إني حفيظ عليم ) ، يقول : حفيظ لما وليت ، عليم بأمره . [ ص: 150 ]

19457 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا إبراهيم بن المختار ، عن شيبة الضبي في قوله : ( إني حفيظ عليم ) يقول : إني حفيظ لما استودعتني ، عليم بسني المجاعة .

وقال آخرون : إني حافظ للحساب ، عليم بالألسن .

ذكر من قال ذلك :

19458 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو ، عن الأشجعي : ( إني حفيظ عليم ) ، حافظ للحساب ، عليم بالألسن .

قال أبو جعفر : وأولى القولين عندنا بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : " إني حافظ لما استودعتني ، عالم بما أوليتني " ، لأن ذلك عقيب قوله : ( اجعلني على خزائن الأرض ) ، ومسألته الملك استكفاءه خزائن الأرض ، فكان إعلامه بأن عنده خبرة في ذلك وكفايته إياه ، أشبه من إعلامه حفظه الحساب ، ومعرفته بالألسن .

التالي السابق


الخدمات العلمية