الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 251 ] تنبيه

ذكر ابن أبي الحديد : اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح ، والرشيق والأرشق ، والجلي والأجلى ، والعلي والأعلى من الكلام أمر لا يدرك إلا بالذوق ، ولا يمكن إقامة الدلالة المنطقية عليه ، وهو بمنزلة جاريتين : إحداهما بيضاء مشربة حمرة ، دقيقة الشفتين ، نقية الشعر ، كحلاء العين ، أسيلة الخد ، دقيقة الأنف ، معتدلة القامة ، والأخرى دونها في هذه الصفات والمحاسن ; لكنها أحلى في العيون والقلوب منها ، وأليق وأملح ، ولا يدرى لأي سبب كان ذلك ، لكنه بالذوق والمشاهدة يعرف ، ولا يمكن تعليله .

وهكذا الكلام ; نعم يبقى الفرق بين الوصفين أن حسن الوجوه وملاحتها ، وتفضيل بعضها على بعض يدركه كل من له عين صحيحة ; وأما الكلام فلا يعرفه إلا بالذوق ، وليس كل من اشتغل بالنحو أو باللغة أو بالفقه كان من أهل الذوق ، وممن يصلح لانتقاد الكلام ، وإنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر ، وصارت لهم بذلك دربة وملكة تامة ; فإلى أولئك ينبغي أن يرجع في معرفة الكلام ، وفضل بعضه على بعض .

التالي السابق


الخدمات العلمية