الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ولو nindex.php?page=treesubj&link=1869سلم وعليه سجدة صلبية وسجدة التلاوة والسهو والتكبير والتلبية بأن كان محرما في أيام التشريق ، فإن كان ذاكرا للصلبية والتلاوة أو للصلبية دون التلاوة فسدت صلاته ، وكذا إذا كان ذاكرا للتلاوة دون الصلبية على ظاهر الرواية لما مر ، وإن كان ساهيا عنها لا يخرج عن الصلاة ، وعليه أن يسجد لكل واحدة منها : الأول فالأول منهما ، ثم يتشهد بعدهما ويسلم ، ثم يسجد سجدتي السهو ثم يتشهد ثم يكبر ، ثم يلبي لما مر . ولو بدأ بالتلبية قبل هذه الأشياء فسدت صلاته .
ولو بدأ بالتكبير لا تفسد - لما مر - وعليه إعادة التكبير بعد السلام ; لأن محله خارج الصلاة في حرمتها ، فإذا كبر في الصلاة لم يقع موقعه فلذلك تلزمه الإعادة .
( وأما ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=23393_1869كان المتروك ركوعا فلا يتصور فيه القضاء ، وكذا إذا nindex.php?page=treesubj&link=23393_1869ترك سجدتين من ركعة ، وبيان ذلك إذا nindex.php?page=treesubj&link=23393_1543افتتح الصلاة فقرأ وسجد قبل أن يركع ثم قام إلى الثانية فقرأ وركع وسجد فهذا قد صلى ركعة واحدة ، فلا يكون هذا الركوع قضاء عن الأول ; لأنه إذا لم يركع لا يعتد بذلك السجود لعدم مصادفته محله ; لأن محله بعد الركوع فالتحق السجود بالعدم ، فكأنه لم يسجد فكان أداء هذا الركوع في محله ، فإذا أتى بالسجود بعده صار مؤديا ركعة تامة .
وكذا إذا nindex.php?page=treesubj&link=23393افتتح الصلاة فقرأ وركع ولم يسجد ثم رفع رأسه فقرأ ولم يركع ثم سجد - فهذا قد صلى ركعة واحدة ، ولا يكون هذا السجود قضاء عن الأول ; لأن ركوعه وقع معتبرا لمصادفته محله ; لأن محله بعد القراءة ، وقد وجدت إلا أنه توقف على أن تتقيد بالسجدة ، فإذا قام وقرأ لم يقع قيامه ولا قراءته معتدا به ; لأنه لم يقع في محله فلغا ، فإذا سجد صادف السجود محله لوقوعه بعد ركوع معتبر فتقيد ركوعه به ، فقد وجد انضمام السجدتين إلى الركوع فصار مصليا ركعة ، وكذا إذا قرأ أو ركع ، ثم رفع رأسه وقرأ وركع وسجد ، فإنما صلى ركعة واحدة ; لأنه تقدمه ركوعان ووجد السجود فيلحق بأحدهما ويلغو الآخر ، غير أن في باب الحدث جعل المعتبر الركوع الأول ، وفي باب السهو من نوادر أبي سليمان جعل المعتبر الركوع الثاني ، حتى أن من أدرك الركوع الثاني لا يصير مدركا للركعة على رواية باب الحدث ، وعلى رواية هذا الباب يصير مدركا للركعة ، ، والصحيح رواية باب الحدث ; لأن ركوعه الأول صادف محله لحصوله بعد القراءة ، فوقع الثاني مكررا فلا يعتد به ، فإذا سجد يتقيد به الركوع الأول فصار مصليا ركعة .
وكذلك إذا nindex.php?page=treesubj&link=23393قرأ [ ص: 171 ] ولم يركع وسجد ثم قام فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام فقرأ ولم يركع وسجد فإنما صلى ركعة واحدة ; لأن سجوده الأول لم يصادف محله لحصوله قبل الركوع فلم يقع معتدا به ، فإذا قرأ وركع توقف هذا الركوع على أن يتقيد بسجوده بعده ، فإذا سجد بعد القراءة تقيد ذلك الركوع به فصار مصليا ركعة .
وكذلك إن nindex.php?page=treesubj&link=1865_23393_1543ركع في الأولى ولم يسجد ، ثم ركع في الثانية ولم يسجد ، وسجد في الثالثة ولم يركع - فلا شك أنه صلى ركعة واحدة لما مر غير أن هذا السجود يلتحق بالركوع الأول أم بالثاني ؟ فعنه روايتان على ما مر ، وعليه سجود السهو في هذه المواضع لإدخاله الزيادة في الصلاة ; لأن إدخال الزيادة في الصلاة نقص فيها ، ولا تفسد صلاته إلا في رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فإنه يقول : زيادة السجدة الواحدة كزيادة الركعة ، بناء على أصله أن السجدة الواحدة قربة وهي سجود الشكر ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف السجدة الواحدة ليست بقربة إلا سجدة التلاوة ، ثم إدخال الركوع الزائد أو السجود الزائد لا يوجب فساد الفرض ; لأنه من أفعال الصلاة ، والصلاة لا تفسد بوجود أفعالها بل بوجود ما يضادها ، بخلاف ما إذا زاد ركعة كاملة ; لأنها فعل صلاة كامل ، فانعقد نفلا فصار منتقلا إليه فلا يبقى في الفرض ضرورة لمكان فساد فرض بهذا الطريق لا بطريق المضادة ، بخلاف زيادة ما دون الركعة ; لأنها ليست بفعل كامل ليصير منتقلا إليه ، وهذا لأن فساد الصلاة بأحد أمرين : إما بوجود ما يضادها ، أو بالانتقال إلى غيرها ، وقد انعدم الأمران جميعا والله أعلم .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=23393ترك القعدة الأخيرة من ذوات الأربع وقام إلى الخامسة - فإن لم يقيدها بالسجدة يعود إلى القعدة ; لأنه لما لم يقيد الخامسة بالسجدة لم يكن ركعة فلم يكن فعل صلاة كاملا ، وما لم يكمل بعد فهو غير ثابت على الاستقرار فكان قابلا للرفع ، ويكون رفعه في الحقيقة دفعا ومنعا عن الثبوت ، فيدفع ليتمكن من الخروج عن الفرض وهو القعدة الأخيرة وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى الخامسة فسبح به فعاد ، وإن قيد الخامسة بالسجدة لا يعود وفسد فرضه عندنا ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يفسد فرضه ويعود بناء على أن الركعة الواحدة عنده بمحل النقص ، وبه حاجة إلى النقص لبقاء فرض عليه وهو الخروج بلفظ السلام ، وأنا نقول : وجد فعل كامل من أفعال الصلاة ، وقد انعقد نفلا فصار به خارجا عن الفرض ; لأن من ضرورة حصوله في النفل خروجه عن الفرض لتغايرهما فيستحيل كونه فيهما وقد حصل في النفل فصار خارجا عن الفرض ضرورة .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=1554ترك القعدة الأولى من ذوات الأربع وقام إلى الثالثة فإن استتم قائما لا يعود لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام من الثانية إلى الثالثة ولم يقعد فسبحوا به فلم يعد ولكن سبح بهم فقاموا ، وما روي أنهم سبحوا به فعاد محمول على ما إذا لم يستتم قائما وكان إلى القعود أقرب توفيقا بين الحديثين ، ولأن القيام فريضة والقعدة الأولى واجبة فلا يترك الفرض لمكان الواجب ، وإنما عرفنا جواز الانتقال من القيام إلى سجدة التلاوة بالأثر لحاجة المصلي إلى الاقتداء بمن أطاع الله - تعالى - ، وإظهار مخالفة من عصاه ، واستنكف عن سجدته وأما إذا لم يستتم قائما فإن كان إلى القيام أقرب فكذلك الجواب لوجود حد القيام وهو انتصاب النصف الأعلى والنصف الأسفل جميعا ، وما بقي من الانحناء فقليل غير معتبر ، وإن كان إلى القعود أقرب يقعد لانعدام القيام الذي هو فرض .
ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنه هل يسجد سجدتي السهو أم لا ؟ وقد اختلف المشايخ فيه ، كان الشيخ أبو بكر محمد بن الفضل البخاري يقول : لا يسجد سجدتي السهو ; لأنه إذا كان إلى القعود أقرب كان كأنه لم يقم ، ولهذا يجب عليه أن يقعد ، وقال غيره من مشايخنا : إنه يسجد ; لأنه بقدر ما اشتغل بالقيام أخر واجبا وجب وصله بما قبله من الركن فلزمه سجود السهو .
( وأما ) الأذكار فنقول : إذا nindex.php?page=treesubj&link=1566_23393ترك القراءة في الأوليين قضاها في الأخريين ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري من أصحابنا أن هذا عندي أداء وليس بقضاء ; لأن الفرض هو القراءة في ركعتين غير عين ، فإذا قرأ في الأخريين كان مؤديا لا قاضيا ، وقال غيره من أصحابنا : إنه يكون قاضيا ومسائل الأصل تدل عليه ، فإنه قال في المسافر إذا اقتدى بالمقيم في الشفع الثاني بعد خروج الوقت أنه لا يجوز وإن لم يكن قرأ الإمام في الشفع الأول .
ولو كانت القراءة في الأوليين أداء لجاز ; لأنه يكون اقتداء المفترض بالمفترض في حق القراءة ، ولكن لما كانت القراءة في الأخريين قضاء عن الأوليين التحقت بالأوليين فحلت الأخريان عن القراءة المفروضة ، فيصير في حق القراءة اقتداء المفترض بالمتنفل ، [ ص: 172 ] وإنه فاسد .
وذكر في باب السهو : من الأصل أن nindex.php?page=treesubj&link=1654الإمام إذا كان لم يقرأ في الأوليين فاقتدى به إنسان في الأخريين ، وقرأ الإمام فيهما ، ثم قام المسبوق إلى قضاء ما فاته فعليه القراءة - وإن ترك ذلك لم تجزه صلاته .
ولو كان فرض القراءة ركعتين غير عين لكان الإمام مؤديا فرض القراءة في الأخريين وقد أدركهما المسبوق فحصل فرض القراءة عينا بقراءة الإمام ، فينبغي أن لا يجب عليه القراءة ، ومع هذا وجب فعلم أن الأوليين محل أداء فرض القراءة عينا ، والقراءة في الأخريين قضاء عن الأوليين ، فإذا قرأ الإمام في الأخريين فقد قضى ما فاته من القراءة في الأوليين ، والفائت إذا قضي يلتحق بمحله فحلت الأخريان عن القراءة المفروضة ، فقد فات على المسبوق القراءة فلا بد من تحصيلها ; لأن nindex.php?page=treesubj&link=23393_1654_1530الصلاة بلا قراءة غير جائزة ، وكذا لو كان قرأ الإمام في الأوليين ; لأن القراءة في الأخريين وإن وجدت لم تكن فرضا لافتراضها في ركعتين فحسب ، فقد فات الفرض على المسبوق فيجب عليه تحصيلها فيما يقضي .
ولو تركها في الأوليين في صلاة الفجر أو المغرب فسدت صلاته ، ولا يتصور القضاء ههنا .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=23393_1530ترك الفاتحة في الركعة الأولى وبدأ بغيرها ، فلما قرأ بعض السورة تذكر - يعود فيقرأ بفاتحة الكتاب ثم السورة ; لأن الفاتحة سميت فاتحة لافتتاح القراءة بها في الصلاة ، فإذا تذكر في محلها كان عليه مراعاة الترتيب ، كما لو سها عن تكبيرات العيد حتى اشتغل بالقراءة ثم تذكر أنه لم يكبر - يعود إلى التكبيرات ويقرأ بعدها كذا ، هذا .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=23393_1530ترك الفاتحة في الأوليين وقرأ السورة لم يقضها في الأخريين في ظاهر الرواية ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد أنه يقضي الفاتحة في الأخريين ; لأن الفاتحة أوجب من السورة ، ثم السورة تقضى فلأن تقضى الفاتحة أولى .
( ولنا ) أن الأخريين محل الفاتحة أداء فلا تكونا محلا لها قضاء بخلاف السورة ، ولأنه لو قضاها في الأخريين يؤدي إلى تكرار الفاتحة في ركعة واحدة ، وأنه غير مشروع .
ولو قرأ الفاتحة في الأوليين ولم يقرأ السورة قضاها في الأخريين وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه لا يقضيها كما لا يقضي الفاتحة ; لأنها سنة فاتت عن موضعها ، والصحيح ظاهر الرواية لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه ترك القراءة في ركعة من صلاة المغرب فقضاها في الركعة الثالثة وجهر .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله عنه أنه ترك السورة في الأوليين فقضاها في الأخريين وجهر ; لأن الأخريين ليستا محلا للسورة أداء فجاز أن يكون محلا لها قضاء ، ثم قال في الكتاب : وجهر ولم يذكر أنه جهر بهما أو بالسورة خاصة ، وفسره nindex.php?page=showalam&ids=13902البلخي فقال : أتى بالسورة خاصة ; لأن القضاء بصفة الأداء ، ويجهر بالسورة أداء فكذا قضاء ، فأما الفاتحة فهي في محلها ، ومن سننها الإخفاء فيخفي بها .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه يخافت بهما ; لأنه يفتتح القراءة بالفاتحة ، والسورة تبنى عليها ، ثم السنة في الفاتحة : المخافتة ، فكذا فيما يبنى عليها ، والأصح أنه يجهر بهما ; لأن الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة غير مشروع ، وقد وجب عليه الجهر بالسورة فيجهر بالفاتحة أيضا ، وهذا كله إذا تذكر بعد ما قيد الركعة بالسجدة ، فإن nindex.php?page=treesubj&link=23393_1530تذكر قراءة الفاتحة أو السورة في الركوع أو بعدما رفع رأسه منه يعود إلى القراءة ، وينتقض ركوعه ، بخلاف القنوت ، والفرق بينهما نذكره في صلاة الوتر .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=1848_22671ترك تكبيرات العيد فتذكر في الركوع قضاها في الركوع ، بخلاف القنوت إذا تذكر في الركوع حيث يسقط ، ونذكر الفرق هناك أيضا .
ولو ترك قراءة التشهد في القعدة الأخيرة وقام ثم تذكر - يعود ويتشهد إذا لم يقيد الركعة بالسجدة ; لأنه لو كان قرأ التشهد ثم تذكر يعود ليكون خروجه من الصلاة على الوجه المسنون فههنا أولى .
وكذا إذا لم يقم وتذكرها قبل السلام أو بعد ما سلم ساهيا ، ولو سلم وهو ذاكر لها سقطت عنه وسقط سجدتا السهو لما مر .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=1866_1554ترك قراءة التشهد في القعدة الأولى وقام إلى الثالثة ثم تذكر فإن استتم قائما لا يعود ; لأن القيام فرض وليس من الحكمة ترك الفرض لتحصيل الواجب ، وإن لم يستتم قائما فإن كان إلى القيام أقرب لا يعود وتسقط ، وإن كان إلى القعود أقرب يعود لما ذكرنا في القعدة الأخيرة والله أعلم .