القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ( 48 ) )
اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء
الحجاز والمدينة والبصرة [ ص: 216 ] ( أولم يروا ) بالياء على الخبر عن الذين مكروا السيئات ، وقرأ ذلك بعض قراء الكوفيين "أولم تروا" بالتاء على الخطاب .
وأولى القراءتين عندي بالصواب قراءة من قرأ بالياء على وجه الخبر عن الذين مكروا السيئات ، لأن ذلك في سياق قصصهم ، والخبر عنهم ، ثم عقب ذلك الخبر عن ذهابهم عن حجة الله عليهم ، وتركهم النظر في أدلته والاعتبار بها ، فتأويل الكلام إذن : أو لم ير هؤلاء الذين مكروا السيئات ، إلى ما خلق الله من جسم قائم ، شجر أو جبل أو غير ذلك ، يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل ، يقول : يرجع من موضع إلى موضع ، فهو في أول النهار على حال ، ثم يتقلص ، ثم يعود إلى حال أخرى في آخر النهار .
وكان جماعة من أهل التأويل يقولون في اليمين والشمائل ما حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله ) أما اليمين : فأول النهار ، وأما الشمال : فآخر النهار .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، بنحوه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل ) قال : الغدو والآصال ، إذا فاءت الظلال ، ظلال كل شيء بالغدو سجدت لله ، وإذا فاءت بالعشي سجدت لله .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد بن سليمان ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل ) يعني : بالغدو والآصال ، تسجد الظلال لله غدوة إلى أن يفئ الظل ، ثم تسجد لله إلى الليل ، يعني : ظل كل شيء .
وكان
ابن عباس يقوله في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله ) ما حدثنا
المثنى ، قال : أخبرنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله ) يقول : تتميل .
واختلف في معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48سجدا لله ) فقال بعضهم : ظل كل شيء سجوده .
[ ص: 217 ] ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله ) قال : ظل كل شيء سجوده .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
إسحاق الرازي ، عن
أبي سنان ، عن ثابت ، عن
الضحاك (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله ) قال : سجد ظل المؤمن طوعا ، وظل الكافر كرها .
وقال آخرون : بل عنى بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله ) كلا عن اليمين والشمائل في حال سجودها ، قالوا : وسجود الأشياء غير ظلالها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد وحدثني
نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قالا ثنا
حكام ، عن
أبي سنان ، عن ثابت عن
الضحاك ، في قول الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله ) قال : إذا فاء الفيء توجه كل شيء ساجدا قبل القبلة ، من نبت أو شجر ، قال : فكانوا يستحبون الصلاة عند ذلك .
حدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
الحماني ، قال : ثنا
يحيى بن يمان ، قال : ثنا
شريك ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، في قول الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله ) قال : إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله عز وجل .
وقال آخرون : بل الذي وصف الله بالسجود في هذه الآية ظلال الأشياء ، فإنما يسجد ظلالها دون التي لها الظلال .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله ) قال : هو سجود الظلال ، ظلال كل شيء ما في السماوات وما في الأرض من دابة ، قال : سجود ظلال الدواب ، وظلال كل شيء .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله ) ما خلق من كل شيء عن يمينه وشمائله ، فلفظ ما لفظ عن اليمين والشمائل ، قال : ألم تر أنك إذا صليت الفجر ، كان ما بين مطلع الشمس إلى مغربها ظلا ثم بعث الله عليه الشمس دليلا وقبض الله الظل .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أخبر في هذه الآية أن
[ ص: 218 ] ظلال الأشياء هي التي تسجد ، وسجودها : ميلانها ودورانها من جانب إلى جانب ، وناحية إلى ناحية ، كما قال
ابن عباس يقال من ذلك : سجدت النخلة إذا مالت ، وسجد البعير وأسجد : إذا أميل للركوب . وقد بينا معنى السجود في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48وهم داخرون ) يعني : وهم صاغرون ، يقال منه : دخر فلان لله يدخر دخرا ودخورا : إذا ذل له وخضع ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
فلم يبق إلا داخر في مخيس ومنجحر في غير أرضك في جحر
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48وهم داخرون ) صاغرون .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48وهم داخرون ) : أي صاغرون .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة مثله .
وأما توحيد اليمين في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48عن اليمين والشمائل ) فجمعها ، فإن ذلك إنما جاء كذلك ، لأن معنى الكلام : أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلال ما خلق من شيء عن يمينه : أي ما خلق ، وشمائله ، فلفظ "ما" لفظ واحد ، ومعناه معنى الجمع ، فقال : عن اليمين بمعنى : عن يمين ما خلق ، ثم رجع إلى
[ ص: 219 ] معناه في الشمائل ، وكان بعض أهل العربية يقول : إنما تفعل العرب ذلك ، لأن أكثر الكلام مواجهة الواحد الواحد ، فيقال للرجل : خذ عن يمينك ، قال : فكأنه إذا وحد ذهب إلى واحد من القوم ، وإذا جمع فهو الذي لا مساءلة فيه ، واستشهد لفعل العرب ذلك بقول الشاعر :
بفي الشامتين الصخر إن كان هدني رزية شبلي مخدر في الضراغم
فقال : بفي الشامتين ، ولم يقل : بأفواه ، وقول الآخر :
الواردون وتيم في ذرا سبإ قد عض أعناقهم جلد الجواميس
ولم يقل : جلود .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ( 48 ) )
اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ
الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ [ ص: 216 ] ( أَوَلَمْ يَرَوْا ) بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ عَنِ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ ، وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ "أَوَلَمْ تَرَوْا" بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ .
وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ عَنِ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ قَصَصِهِمْ ، وَالْخَبَرِ عَنْهُمْ ، ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ الْخَبَرَ عَنْ ذَهَابِهِمْ عَنْ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَتَرْكِهِمُ النَّظَرَ فِي أَدِلَّتِهِ وَالِاعْتِبَارِ بِهَا ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ : أَوْ لَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ ، إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ جِسْمٍ قَائِمٍ ، شَجَرٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ، يَقُولُ : يَرْجِعُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ ، فَهُوَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ عَلَى حَالٍ ، ثُمَّ يَتَقَلَّصُ ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى حَالٍ أُخْرَى فِي آخِرِ النَّهَارِ .
وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ يَقُولُونَ فِي الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ مَا حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ ) أَمَّا الْيَمِينُ : فَأَوَّلُ النَّهَارِ ، وَأَمَّا الشِّمَالُ : فَآخِرُ النَّهَارِ .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، بِنَحْوِهِ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ) قَالَ : الْغُدُوُّ وَالْآصَالُ ، إِذَا فَاءَتِ الظِّلَالُ ، ظِلَالُ كُلِّ شَيْءٍ بِالْغُدُوِّ سَجَدَتْ لِلَّهِ ، وَإِذَا فَاءَتْ بِالْعَشِيِّ سَجَدَتْ لِلَّهِ .
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : ثَنَا
عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ) يَعْنِي : بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ، تَسْجُدُ الظِّلَالُ لِلَّهِ غُدْوَةً إِلَى أَنْ يَفِئَ الظِّلُّ ، ثُمَّ تَسْجُدُ لِلَّهِ إِلَى اللَّيْلِ ، يَعْنِي : ظِلَّ كُلِّ شَيْءٍ .
وَكَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُهُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) مَا حَدَّثَنَا
الْمُثَنَّى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) يَقُولُ : تَتَمَيَّلُ .
وَاخْتَلَفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48سُجَّدًا لِلَّهِ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ سُجُودُهُ .
[ ص: 217 ] ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) قَالَ : ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ سُجُودُهُ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ ، قَالَ : ثَنَا
إِسْحَاقُ الرَّازِّيُّ ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) قَالَ : سَجَدَ ظِلُّ الْمُؤْمِنِ طَوْعًا ، وَظِلُّ الْكَافِرِ كَرْهًا .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) كُلًّا عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ فِي حَالِ سُجُودِهَا ، قَالُوا : وَسُجُودُ الْأَشْيَاءِ غَيْرُ ظِلَالِهَا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ وَحَدَّثَنِي
نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ ، قَالَا ثَنَا
حَكَّامُ ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ ، عَنْ ثَابِتٍ عَنِ
الضَّحَّاكِ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) قَالَ : إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ تَوَجَّهَ كُلُّ شَيْءٍ سَاجِدًا قِبَلَ الْقِبْلَةِ ، مِنْ نَبْتٍ أَوْ شَجَرٍ ، قَالَ : فَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ الصَّلَاةَ عِنْدَ ذَلِكَ .
حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : ثَنَا
يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ ، قَالَ : ثَنَا
شَرِيكٌ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) قَالَ : إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ سَجَدَ كُلُّ شَيْءٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلِ الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ بِالسُّجُودِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ظِلَالُ الْأَشْيَاءِ ، فَإِنَّمَا يَسْجُدُ ظِلَالُهَا دُونَ الَّتِي لَهَا الظِّلَالُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) قَالَ : هُوَ سُجُودُ الظِّلَالِ ، ظِلَالُ كُلِّ شَيْءٍ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ ، قَالَ : سُجُودُ ظِلَالِ الدَّوَابِّ ، وَظِلَالِ كُلِّ شَيْءٍ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ) مَا خَلَقَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَنْ يَمِينِهِ وَشَمَائِلِهِ ، فَلَفَظَ مَا لَفَظَ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ، قَالَ : أَلَمْ تَرَ أَنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ الْفَجْرَ ، كَانَ مَا بَيْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا ظِلًّا ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّمْسَ دَلِيلًا وَقَبَضَ اللَّهُ الظِّلَّ .
وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ
[ ص: 218 ] ظِلَالَ الْأَشْيَاءِ هِيَ الَّتِي تَسْجُدُ ، وَسُجُودُهَا : مَيَلَانُهَا وَدَوَرَانُهَا مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ ، وَنَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ ، كَمَا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ : سَجَدَتِ النَّخْلَةُ إِذَا مَالَتْ ، وَسَجَدَ الْبَعِيرُ وَأَسْجَدَ : إِذَا أُمِيلَ لِلرُّكُوبِ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى السُّجُودِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48وَهُمْ دَاخِرُونَ ) يَعْنِي : وَهُمْ صَاغِرُونَ ، يُقَالُ مِنْهُ : دَخَرَ فُلَانٌ لِلَّهِ يَدْخَرُ دَخْرًا وَدُخُورًا : إِذَا ذَلَّ لَهُ وَخَضَعَ وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذِي الرُّمَّةِ :
فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا دَاخِرٌ فِي مُخَيِّسٍ وَمُنْجَحِرٌ فِي غَيْرِ أَرْضِكَ فِي جُحْرِ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48وَهُمْ دَاخِرُونَ ) صَاغِرُونَ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48وَهُمْ دَاخِرُونَ ) : أَيْ صَاغِرُونَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ مِثْلَهُ .
وَأَمَّا تَوْحِيدُ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ) فَجَمْعُهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا جَاءَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ : أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُ مَا خَلَقَ مِنْ شَيْءٍ عَنْ يَمِينِهِ : أَيْ مَا خَلَقَ ، وَشَمَائِلِهِ ، فَلَفْظُ "مَا" لَفَظٌ وَاحِدٌ ، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْجَمْعِ ، فَقَالَ : عَنِ الْيَمِينِ بِمَعْنَى : عَنْ يَمِينِ مَا خَلَقَ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
[ ص: 219 ] مَعْنَاهُ فِي الشَّمَائِلِ ، وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ : إِنَّمَا تَفْعَلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ ، لِأَنَّ أَكْثَرَ الْكَلَامِ مُوَاجَهَةُ الْوَاحِدِ الْوَاحِدَ ، فَيُقَالُ لِلرَّجُلِ : خُذْ عَنْ يَمِينِكَ ، قَالَ : فَكَأَنَّهُ إِذَا وَحَّدَ ذَهَبَ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْمِ ، وَإِذَا جَمَعَ فَهُوَ الَّذِي لَا مُسَاءَلَةَ فِيهِ ، وَاسْتُشْهِدَ لِفِعْلِ الْعَرَبِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ :
بِفِي الشَّامِتِينَ الصَّخْرُ إِنْ كَانَ هَدَّنِي رَزِيَّةُ شِبْلَيْ مُخْدِرٍ فِي الضَّرَاغِمِ
فَقَالَ : بِفِي الشَّامِتِينَ ، وَلَمْ يَقُلْ : بِأَفْوَاهِ ، وَقَوْلُ الْآخَرِ :
الْوَارِدُونَ وَتَيْمٌ فِي ذُرَا سَبَإِ قَدْ عَضَّ أَعْنَاقَهُمْ جِلْدُ الْجَوَامِيسِ
وَلَمْ يَقِلْ : جُلُودُ .