الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 480 ] ( وينقطع التتابع ) بأشياء أخر زيادة على ما مر ( بالخروج بلا عذر ) مما يأتي وإن قل زمنه لمنافاته اللبث ( ولا يضر إخراج بعض الأعضاء ) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم { كان يخرج رأسه الشريف وهو معتكف إلى عائشة فتسرحه } رواه الشيخان نعم إن أخرج رجلا أي مثلا واعتمد عليها فقط بحيث لو زالت سقط ضر بخلاف ما لو اعتمد عليهما على ما اقتضاه كلام البغوي واستظهره غيره وقال شيخنا الأقرب أنه يضر ويؤيده ما مر فيما لو وقف جزءا شائعا مسجدا ا هـ ويؤيده أيضا أن المانع مقدم على المقتضي ( ولا الخروج لقضاء الحاجة ) إجماعا ؛ لأنه ضروري ولا تشترط شدتها ولا كلف المشي على غير سجيته فإن تأتى أكثر منها ضر ومثلها غسل جنابة وإزالة نجس وأكل ؛ لأنه يستحيي منه في المسجد وأخذ منه أن المهجور الذي يندر طارقوه يأكل فيه ويشرب إذا لم يجد ماء فيه ولا من يأتيه به ؛ لأنه لا يستحيي منه فيه وله الوضوء بعد قضاء الحاجة تبعا ؛ إذ لا يجوز الخروج له قصدا إلا إذا تعذر في المسجد ولا لغسل مسنون ولا لنوم ( ولا يجب فعلها في غير داره ) كسقاية المسجد ودار صديقه بجنب المسجد للحياء مع المنة في الثانية [ ص: 481 ] وأخذ منه أن من لا يستحيي من السقاية يكلفها ( ولا يضر بعدها إلا أن ) يكون له دار أقرب منها أو ( يفحش ) البعد ( فيضر في الأصح ) ؛ لأنه قد يحتاج في عوده أيضا إلى البول فيمضي يومه في التردد نعم لو لم يجد غيرها أو وجد غير لائق به لم يضر ويؤخذ من التعليل أن ضابط الفحش أن يذهب أكثر الوقت المنذور في التردد وبه صرح البغوي .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن وينقطع التتابع إلخ ) ينبغي أن تجري هذه المسائل المتعلقة بالتتابع انقطاعا وعدمه وقضاء لزمان الخروج وعدمه في التتابع في القضاء حيث وجب أي : كما يخرج لدين مطلوب .

                                                                                                                              ( قوله على ما مر ) أي : في نحو قوله فالمذهب بطلان ما مضى من اعتكافهما المتتابع أي : سن حيث التتابع .

                                                                                                                              ( قوله على ما اقتضاه كلام البغوي ) أي : ؛ لأن الأصل عدم الخروج ويؤيده ما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي فيما لو حلف لا يدخل هذه الدار فأدخل إحدى رجليه واعتمد عليهما من أنه لا يحنث أي : ؛ لأن الأصل الخروج وعدم الدخول وقضية ذلك أنه في ابتداء دخول المسجد لو أدخل إحدى رجليه دون الأخرى واعتمد عليهما لم يكف ذلك في صحة الاعتكاف فالحاصل أنه يستصحب في ذلك ما كان فيه من دخول أو خروج م ر .

                                                                                                                              ( قوله ويؤيده ما مر فيما لو وقف إلخ ) قد يفرق البغوي بأنه في الشائع لم يستقر شيء من أجزائه في محض المسجد ؛ إذ ما من جزء إلا وفيه غير المسجدية ويمنع أن الاعتماد على الخارجة مع الاعتماد على الداخلة أيضا مانع .

                                                                                                                              ( قوله ويؤيده أيضا أن المانع إلخ ) قد يمنع أن مجرد إخراج إحدى الرجلين على الإطلاق مانع .

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 481 ] إلا أن يكون له دار أقرب منها ) هل يستثنى ما لو كانت الأقرب لزوجة أخرى غير ذات اليوم وقد يقال دخوله لقضاء الحاجة كهو لوضع متاع ونحوه فيجوز .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وينقطع التتابع ) ينبغي أن تجري هذه المسائل المتعلقة بالتتابع انقطاعا وعدمه وقضاء لزمن الخروج وعدمه في التتابع في القضاء حيث وجب سم .

                                                                                                                              ( قوله زيادة على ما مر ) أي : في نحو قوله فالمذهب بطلان ما مضى من اعتكافهما المتتابع أي : من حيث التتابع سم عبارة البجيرمي على المنهج والحاصل أن الطارئ على الاعتكاف المتتابع إما أن يقطع تتابعه أو لا والذي لا يقطع تتابعه إما أن يحسب من المدة ولا يقضى أو لا فذكر المصنف أن الذي يقطع التتابع الردة والكسر ونحو الحيض الذي تخلو عنه المدة غالبا والجنابة المفطرة وغير المفطرة إن لم يبادر بالطهر والخروج من المسجد بلا عذر والذي لا يقطعه ويقضى كالجنابة غير المفطرة إن بادر بالطهر والمرض والجنون والحيض الذي لا تخلو عنه المدة غالبا والعدة والزمن المصروف للعارض الذي شرط في نذره الخروج له إن كانت المدة غير معينة والذي لا يقضى كزمن الإغماء والتبرز والأكل وغسل الجنابة وأذان الراتب وزمن العرض الذي شرط الخروج له في نذره إن عين مدة ا هـ قول المتن ( بالخروج إلخ ) أي من المسجد بجميع بدنه أو بما اعتمد عليه من نحو يديه أو رجليه أو رأسه قائما أو منحنيا أو من العجز قاعدا أو من الجنب مضطجعا نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله مما يأتي ) أي : من الأعذار نهاية .

                                                                                                                              ( قوله لمنافاته اللبث ) أي : إذ هو في مدة الخروج المذكور غير معتكف ومحل ذلك حيث كان عامدا عالما بالتحريم مختارا نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف ما لو اعتمد عليهما ) أي : لم يضر ؛ لأن الأصل عدم الخروج مغني زاد النهاية وسم ويؤيده ما أفتى به الشهاب الرملي فيما لو حلف لا يدخل هذه الدار فأدخل إحدى رجليه واعتمد عليهما من أنه لا يحنث أي : لأن الأصل الخروج وعدم الدخول فعملنا فيهما بالأصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على ما اقتضاه كلام البغوي ) اعتمده المغني والنهاية وسم .

                                                                                                                              ( قوله ويؤيده ما مر فيما لو وقف إلخ ) قد يفرق البغوي بأنه في الشائع لم يستقر شيء من أجزائه في محض المسجد ؛ إذ ما من جزء إلا وفيه غير المسجدية ويمنع أن الاعتماد على الخارجة مع الاعتماد على الداخلة أيضا مانع سم قول المتن ( لقضاء الحاجة ) أي : من بول أو غائط ومثلهما الريح نهاية وشوبري وشيخنا .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه ضروري إلخ ) أي : ولو كثر لعارض نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله فإن تأتى إلخ ) ويرجع في ذلك إليه ؛ لأنه أمين على عبادته ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وإزالة نجاسة ) أي : كرعاف مغني ونهاية .

                                                                                                                              ( قوله وإزالة نجس ) ظاهر إطلاقه وإن كان معفوا عنه .

                                                                                                                              ( قوله وأكل إلخ ) قضية التعليل أن شرب نحو الشربة كالأكل فليراجع وكذا قضيته أن مثل المسجد المهجور ما إذا كان المعتكف في نحو خيمة في المسجد تستره عن الناظرين .

                                                                                                                              ( قوله أن المهجور إلخ ) أي والمختص نهاية ( قوله : لأنه لا يستحي إلخ ) أي : بخلاف ما إذا وجده فيه أو من يأتيه به ؛ لأنه إلخ .

                                                                                                                              ( قوله وله الوضوء ) أي : واجبا كان أو مندوبا نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله ولا لغسل إلخ ) والظاهر كما قاله الشيخ أن الوضوء المندوب لغسل الاحتلام مغتفر كالتثليث في الوضوء الواجب نهاية ومغني قول المتن ( وفي غير داره ) أي : التي يستحق منفعتها نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله للحياء ) أي : فيهما نهاية .

                                                                                                                              ( قوله مع المنة [ ص: 481 ] إلخ ) الأولى ومع إلخ بالواو ( قوله وأخذ منه أن من لا يستحيي من السقاية إلخ ) وكذا إذا كانت السقاية مصونة مختصة بالمسجد لا يدخلها إلا أهل ذلك المكان كما بحثه بعض المتأخرين نهاية ومغني قول المتن ( ولا يضر بعدها ) أي : داره المذكورة عن المسجد نهاية ومغني ( قوله إلا أن يكون له دار أقرب إلخ ) هل يستثنى ما لو كانت الأقرب لزوجة أخرى غير ذات اليوم وقد يقال دخوله لقضاء الحاجة كهو لوضع متاع ونحوه فيجوز سم ( قوله أن يذهب أكثر الوقت ) أي : الذي نذر اعتكافه زيادي ا هـ ع ش ورشيدي عبارة شيخنا كأن يكون وقت الاعتكاف يوما فيذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية