الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بل جاء بالحق وصدق المرسلين اعتراض في آخر الاعتراض قصدت منه المبادرة بتنزيه النبيء - صلى الله عليه وسلم - عما قالوه .

و ( بل ) إضراب إبطال لقولهم " لشاعر مجنون " وبإثبات صفته الحق لبيان حقيقة ما جاء به . وفي وصف ما جاء به أنه الحق ما يكفي لنفي أن يكون شاعرا ومجنونا ، فإن المشركين ما أرادوا بوصفه بشاعر أو مجنون إلا التنفير من اتباعه فمثلوه بالشاعر من قبيلة يهجو أعداء قبيلته ، أو بالمجنون يقول ما لا يقوله عقلاء قومه ، فكان قوله تعالى بل جاء بالحق مثبتا لكون الرسول على غير ما وصفوه إثباتا بالبينة .

وأتبع ذلك بتذكيرهم بأنه ما جاء إلا بمثل ما جاءت به الرسل من قبله ، فكان الإنصاف أن يلحقوه بالفريق الذي شابههم دون فريق الشعراء أو المجانين .

وتصديق المرسلين يجمع ما جاء به الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - إجمالا وتفصيلا ؛ لأن ما جاء به لا يعدو أن يكون تقريرا لما جاءت به الشرائع السالفة ، فهو تصديق له ومصادقة عليه ، أو أن يكون نسخا لما جاءت به بعض الشرائع السالفة ، والإنباء بنسخه وانتهاء العمل به تصديق للرسل الذين جاءوا به في حين مجيئهم به ، فكل هذا مما شمله معنى التصديق ، وأول ذلك هو إثبات الوحدانية بالربوبية لله تعالى . فالمعنى : أن ما دعاكم إليه من التوحيد قد دعت إليه الرسل من قبله ، وهذا احتجاج بالنقل عقب الاحتجاج بأدلة النظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية